تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بعد إيران وتركيا: إسرائيل تخسر العمق العربي!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي خلال جلسة عقدتها لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إنه ينبغي الحفاظ على جيش (إسرائيلي) قوي كضمانة للأمن، «لأنه في هذه المنطقة لا مكان للضعفاء... والواقع المحيط بإسرائيل يزيد من عدم اليقين ويؤكد الحاجة للحفاظ على جيش قوي إلى جانب الأرصدة الإستراتيجية مثل اتفاقي السلام مع مصر والأردن، والسعي من اجل إخراج دول جارة أخرى من دائرة الصراع»، (الحياة 22/2/2011).

إن قراءة بسيطة في تصريحات رئيس أركان جيش العدو السابق، تبيّن عدة حقائق، نجد من المفيد التركيز عليها:

أولاً، القلق الإسرائيلي من استمرار بعض الدول المجاورة بانتهاج سياسات تشكل خطراً على إسرائيل. وبالبحث البسيط، نجد أن المقصود هو سورية التي لم توقع حتى الآن اتفاق سلام مع إسرائيل وهي ما تزال تقود خط الممانعة والمقاومة، وتدعم المقاومة في جنوب لبنان وفلسطين. ويأمل بعض الإسرائيليين أن توقيع سورية اتفاق سلام مع إسرائيل، سيغيّر الموقف السوري والثوابت السورية فيما يتعلق بالوضع في المنطقة.

والحقيقة أن توقيع سورية اتفاق سلام مع إسرائيل، تستعيد بموجبه إقليم الجولان العربي السوري الذي تحتله إسرائيل ، لن ينهي المشكلة بين الطرفين، لأن الكثير من القضايا سوف تبقى عالقة، وأهمها وجود أكثر من /700/ ألف لاجئ فلسطيني في سورية والتعويضات التي تستحقها سورية ومواطنيها عن الأذى الذي لحق بهم نتيجة احتلال الجولان وتهجير مواطنيه.

وبالطبع يدرك اشكينازي وغيره من قادة إسرائيل، أن إخراج سورية من دائرة الصراع، يعني ربما نهاية الصراع. ولكن إسرائيل ليست مستعدة لدفع استحقاقات السلام حتى ينتهي الصراع.. وما يتحدث عنه قادتها، بأحسن الأحوال هو اتفاق أو تسوية تقود إلى تمييع القضية الفلسطينية وإضاعة الحقوق العربية، وليس تحقيق السلام الذي له شروطه وأسسه ومتطلباته.

ثانياً، يعتبر رئيس أركان جيش العدو أن اتفاقي السلام مع كلّ من مصر والأردن يمثلان أرصدة إستراتيجية لإسرائيل. وهذا يشرح الخلل الذي أحدثه توقيع اتفاقي كامب ديفيد ووادي عربة في ميزان القوى لصالح العدو، حيث خرجت كلّ من مصر والأردن من الصراع العربي الإسرائيلي بشكل كامل، مما أخلّ بالتوازن لصالح العدو ولسنوات طويلة.

وهذا الاعتماد الإسرائيلي على بعض المساندة العربية التي أمنت له بعض الشرعية والتغطية على تصرفاته وممارساته، على الصعيد الدولي، يبدو انه شارف على الانتهاء، لأن الواقع المحيط بإسرائيل يزيد من "عدم اليقين" ويؤكد الحاجة للحفاظ على جيش إسرائيلي قوي. وبكلام أوضح، فقد أدركت إسرائيل بعد التغيرات الأخيرة التي حدثت في تونس ومصر وأسقطت نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك أنه لم يعد بإمكانها الاعتماد على البعد المصري والعربي في المنطقة، فيما الأردن لا يشكلّ أي دعم أو سند حقيقي يعتد به في غياب الدور المصري الوازن..

وهذا القلق الإسرائيلي، يمكن إدراك حجمه في ظلّ المتغيرات الأخرى في المنطقة، والتي بدأت قبل ثلاثين عاماً تقريباً، بالثورة الإيرانية التي أسقطت الشاه وطردت السفارة الإسرائيلية من طهران وأقامت مكانها سفارة لفلسطين، وأفقدت الإسرائيليين أحد أهم حلفائهم في المنطقة. أما التغيّر الدراماتيكي الأخر، فهو حجم التحوّل في الموقف التركي من إسرائيل، وانتقال العلاقات الثنائية من حالة الودّ والتعاون والتحالفات الإستراتيجية، إلى حال من شبه العداء، مقابل تحوّل تركيا إلى حليف إستراتيجي لسورية. بكلام أوضح خسرت إسرائيل إيران وتركيا وها هي تخسر مصر وآخرين أيضاً.

ثالثاً، وفي ظلّ التحولات الكبيرة في المنطقة، حصل بالطبع تحول كبير في موازين القوى لصالح خط المقاومة. وهذا التحول هو ما يقلق إسرائيل أكثر من أي شيء آخر. ومن هنا كان تأكيد أشكينازي على دور الجيش الإسرائيلي، لأنه يعرف أن أي حرب مقبلة ستكون مختلفة عن سابقاتها، وقد تدور في المدن والقرى الإسرائيلية وتقع على رأس المجتمع الإسرائيلي، وأنه ما من شيء يمنع اندلاع هذه الحرب ما دامت إسرائيل تعرف نفسها أنها معتدية، وما دام الآخرون يعرفون أنه ما من وسيلة لاستعادة حقوقهم غير القوة وامتلاكها وربما استخدامها. وهذا ما أكدته نتائج حرب تموز عام 2006 التي شنتها إسرائيل ضد المقاومة في جنوب لبنان. وفي ضوء الغطرسة والتعنت الإسرائيلي ويقظة المقاومة العربية وتغيّر موازين القوى لصالح هذه المقاومة، يمكن فهم ماذا يعني قول اشكينازي أن «الواقع المحيط بإسرائيل يزيد من عدم اليقين».

إن العزلة الإقليمية والدولية لإسرائيل، تؤكد ان الخيار الأخير الذي تستطيع تل أبيب أن تلجا إليه، هو الجيش الإسرائيلي الذي كما يقول أشكينازي «اجتاز امتحانات واجهته، مثل قدرته على توفير الأمن وحياة طبيعية لدولة إسرائيل». وهذا الخيار يطرح احتمالات الحرب "الاستباقية" التي يمكن أن تقوم بها إسرائيل في المنطقة لمحاولة تغيير المعطيات والتحولات الجديدة لمصلحتها أو لتعزز صورة الردع التي خسرها جيشها وتهدئة مجتمعها القلق من التطورات الإقليمية المحيطة.. وهو القلق الذي تعكسه وسائل إعلامها وتعليقات محرريها.. مع أن أي حرب يمكن أن تقوم بها إسرائيل، وضد أي طرف من أطراف المقاومة لن تكون مضمونة النتائج، ولا أحد يستطيع التكهّن بعواقبها وتداعياتها على إسرائيل والمنطقة والعالم وعلى السلام والأمن الإقليميين والعالميين.

لم يكن الكيان الإسرائيلي ضعيفاً ومحاصراً منذ قيامه، كما هو اليوم. ولذلك، فإن المطلوب هو ضغط عربي متواصل يستولد تأييداً إسلامياً وعالمياً لاستعادة الحقوق العربية المشروعة "كاملة" ولاسيما في فلسطين والجولان وجنوب لبنان، بكلّ السبل والوسائل المتاحة.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.