تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التلفزيون السوري تحرر من تخشبه والأمل في البقية

 

محطة أخبار سورية

تغير التلفزيون الرسمي السوري. صدّق أو لا تصدّق. فعدد القتلى الذين أعلن عنه من على شاشته يوم الجمعة الماضي كان تسعة من المدنيين والعسكريين. بينما كان العدد الذي أذاعته «الجزيرة» و«العربية» وغيرهما هو سبعة أو ثمانية قتلى. أحدث الأمر سابقة بعد سنوات من التعتيم الإعلامي الرسمي في سورية وجلّ الدول العربية.. هل في ذلك باكورة إصلاح حقيقي وتغيير للغة الخشبية؟

ربما الأمر كذلك. ولكنه مجرد باكورة. فللمرة الأولى أيضاً بث التلفزيون الرسمي قبل أيام الخطاب الكامل للرئيس الأميركي باراك أوباما بما في ذلك دعوته الرئيس بشار الأسد لقيادة الإصلاح او الرحيل. ثم كان نقل مباشر لتظاهرات جمعة «حماة الديار» عبر التلفزيون الرسمي نفسه. وقبل ذلك كان حوار مباشر مع وزير الخارجية وليد المعلم من دون عبارات التفخيم والمديح.

انتبه المسؤولون السوريون الى أن الإعلام بات جسراً فعلياً نحو الثورات أو الاستقرار. اكتشفوا أنهم قد يخسرون المعركة أمام سطوة قناة «الجزيرة» وبعدها «العربية» والـ «بي بي سي». فكان لا بد من ضوء أخضر، وتغييرات ومناقلات اعلامية. لا مفر من توسيع هامش الحرية لكي يصبح التلفزيون الرسمي أولاً مصدر ثقة المشاهد، وثانياً وسيلة للرد على الفضائيات الأخرى.

كانت قناة «الدنيا» التي يملكها عدد من رجال الأعمال، سبَّاقة في فتح الطريق. نقلت الكثير مما يجري على الأرض في الأيام الأولى للأحداث الأمنية، ولكنها كادت تغرق بالتأجيج الطائفي. ثم وعدت كثيراً باستضافة معارضين، غير أنها اكتفت بالوعود وصارت طرفاً عن قصد أو غير قصد ضد المعارضة حتى ولو كررت يومياً انها تميز بين المعارضة وبين المسلحين. برز فيها الثنائي نزار الفرا وزوجته هناء. ربما برزت هناء أكثر لابتعادها عن المطولات والدروس والارشادات التي يغالي نزار في طرحها مع بداية كل لقاء. (وهو بالمناسبة ابن الشاعر الكبير عمر الفرا).

غلب على «الدنيا» حضور الضيوف اللبنانيين. سرعان ما صارت القناة تكرر الضيوف من دون أن تقدم معلومة جديدة. وتخلل ذلك أشعاار و«كليبات» مكررة عشرات المرات. وهي إذ تهاجم قطر و«الجزيرة» يومياً، فإنها تمتنع عن انتقاد السعودية، بينما التلفزة الرسمية وعلى عادتها لا تهاجم دولاً ولا أنظمة.

أما قناة «الإخبارية» العتيدة فلا تزال في الغيبوبة («كوما») الإدارية، وليس معروفاً سبب استمرارها الطويل والممل في البث التجريبي. لكنها في القليل الذي تبثه توحي بأنها يمكن أن تصبح قناة شبه رسمية منافسة.

كان لا بد إذا من تفعيل التلفزيون الرسمي. المهمة صعبة لا شك، فأكثر من 40 عاما من الصدأ في محركات حرية التعبير والإعلام والصدأ في المؤسسات الرسمية والإدارية، تحتاج الماكينة الاعلامية الى الكثــير من الزيــت. والى ضوء أخضر مستمر من الحاكـم. ومع ذلك فالبداية موفقة.

وعلى ذكر الحاكم، يلاحظ ان التلفزة الرسمية لم تعد تبث صور الرئيس بشار الأسد بمناسبة أو غير مناسبة، لا بل ان الخبر الرئاسي كان رابع العناوين قبل يومين، وهذه قضية نادرة فعلاً في سورية، بينما قناة «الدنيا» تغالي في وضع صور الرئيس أينما كان، بما في ذلك خلال تشييع الجنازات، رغم أن الإيحاءات في مناسبات حزينة كهذه قد تضر بالرئيس بدلاً من خدمته.

هي مجرد بداية، ولكن لا بد من أن يشاهد السوريون بعض الشخصيات المعارضة على شاشتهم، لكي يصدقوا أن الإصلاح الإعلامي حقيقي وأن التلفزة ما عادت مجرد وسيلة لتفخيم الرئيس.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.