تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كثيرٌ من العواطف.. قليلٌ من العقل!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

 

أنت في الشرق الأوسط!! إذن أنت مدعو لأن تتدرب على استخدام عقلك أكثر وعلى تشغيله في كلّ ثانية لتتفحّص كلّ شيء ولتفهم كلّ شيء ولتعرف حقيقة كلّ شيء!! ففي هذه المنطقة الساخنة جداً من العالم، بل الملتهبة، يسيرُ كلّ شيء طبقاً للعواطف أكثر مما يسيرُ وفقاً لمنطق العقل والتفكير والتبصّر .

سِرْ من المغرب العربي وصولاً إلى مصر واعبر إلى فلسطين والأراضي المحتلة وما فيها من عرب أصليين ويهود محتلين، وامض إلى دول المشرق العربي وحتى نهاية الحدود الإيرانية في أقصى الشرق، تجدْ أنّ شعوب هذه المنطقة تعمل وتتحرك تبعاً لعواطف جيّاشة تحركها، فتتصرف بانفعال ثم تفكّر بما قامت به بعد فوات الأوان فتندم على تسرّعها وسوء العاقبة!!

ما مرّ على أي بقعة من العالم الذي مرّ على هذه المنطقة من حروب ودمار وحضارات وتقدّم وتراجع.. ولم تشهد حركة التاريخ في أيٍّ من أصقاع العالم ما شهدته هذه المنطقة؛ هذه البقعة هي قلب العالم الذي لا يحق له وغير مسموح له أن يستريح؛ هي أرض الديانات الكبرى التي تستقطب أغلب سكان المعمورة اليوم، وهي أرض خلافاتهم واختلافهم.. وهذه البقعة تحوّلت جغرافياً ومناخياً وديموغرافياً وما تزالْ؛ وهي تعرضت لكلّ أنواع الغزو وما تزالُ محطّ أنظار العالم القوي لما تمتلكه من مزايا ومكنونات وطاقات وثروات هائلة؛ ولذلك فليس مستغرباً أنْ تجدَ فيها كلّ أنواع الديانات والمذاهب وأن يُسلّط عليها الإعلام العالمي بمختلف ألوانه وأشكاله وتوجهاته، وأنْ تخضع شعوبها لكلّ أنواع الضغوط والترهيب والغوايات والتقسيم والتفكك وأن تضم كلّ أنواع الاتجاهات والاختلافات!!

الإنسان في الشرق الأوسط أصبح "صدىً" لكلّ ما مرّ عليه؛ للحضارات التي تعاقبت وللحروب التي بدأت وانتهت، وتلك التي ما تزال مستمرة والأخرى المتوقعة، وللفقر والجوع والحرمان الذي عاناه؛ الإنسان في الشرق الأوسط ابن حقبة الاستعمار وابن حقبة التبعية ولذلك فهو يشعر بالدونية أمام المستعمر الذي ما زال يواصل استعماره الفكري والثقافي والمعنوي ناهيك عن المادي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

الإنسان في الشرق الأوسط ابن بيئته المضطربة؛ هو من بقايا مخلفات الزلازل والانهيارات الأرضية والسياسية والاقتصادية والدينية والفكرية والروحية المدمّرة منذ "عادٍ وثمود"، ولذلك كان وسيبقى انفعالياً عاطفياً تحركه أيُّ إشارة جديدة لاتخاذ مواقف جديدة، ينقاد وراء أي إشراقات جديدة دون أن يتأكد حقيقتها أو أنها كاذبة وليست أكثر من سراب..

اختار الإنسان الشرق أوسطي، السراب من الصحراء والصدى من الوديان والوعورة من الجبال لأنها أشياء تشبهه وهو يشبهها، ولأنها تعطيه ما يمكن أن يملأ به فراغه وخوفه وجوعه الدفين للأمل والحلم.. للأمن والاستقرار.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.