تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العد التنازلي للمشروع الصهيو أمريكي

   
   
 

 

 

 

بعد أن مضى قرابة سبعة أشهر على تحليلي للأزمة السورية ضمن مقالتي المعنونة بـ (النصر الآخر) التي تفضح دور الولايات المتحدة الأمريكية وعدداً من الدول العربية والخليجية في المؤامرة على سورية تحت مسميات الإصلاح والحرية والديمقراطية للشعب السوري، ولكن في الحقيقة هم يهدفون إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط على أساس عرقي وديني وطائفي ومناطقي يتألف من 54 إلى 56 دويلة بغية الهيمنة على مقدراتها وثرواتها ولا زلت أؤكد مرة أخرى على كل كلمة جاءت بهذا المقال الذي يتحدث عن الفوضى والتغيير والاستسلام الذي أراده المشروع الصهيوأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط وسورية بالذات والذي انقلب عليهم، حيث الأحداث الجارية على الساحة السياسية أكبر دليل على فشلهم ......والسؤال الذي يطرح نفسه : أين هو الحراك السياسي الذي ُاستبدل بعصابات مسلحة تحت مرأى المنظمات الدولية، وبعيداً عن مرجعيات و قرارات وشرف وأخلاقيات هذه المنظمات ؟

في الحقيقة ما يدور في فلك الجو الدولي والإقليمي يثبت كلامي هو أن الحقائق التي نشرت على أكثر من موقع إلكتروني تشير إلى أن المشروع شغُل عليه سنوات طويلة من الجهد المادي والبشري والسياسي، إلى جانب التحريض الإعلامي والمذهبي ما لا يتحمّله أحد ....... لكن المفاجأة كانت صمود ووعي الشعب السوري الذي قلب الطاولة على رؤوسهم من خلال مساندته لقائده ولجيشه، وبتحليه واعتماده على منطق العقل لا منطق الكذب والتلفيق، انطلاقاً من هذا نعلن انتهاء المؤامرة وانتصار الشعب السوري ليُهدي قيادته إمساك زمام الأمور، والتحكم بمجريات الأحداث، على الرغم من كل الحصار الاقتصادي والسياسي والإعلامي والعسكرة المسلحة التي استُخدمت لتركيعه، إلا أنّه استطاع أن يتجاوز كل هذه الصعاب التي فاقت كلّ الاحتمالات ، استطاع إفشال أكبر مشروع خُطّط لمنطقة الشرق الأوسط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تحت خديعة مسؤولي الحكومات العربية في المنطقة، بأنّ مساندتها للتحركات التي نشبت في المنطقة هدفه الإصلاح والحرية والديمقراطية ، مع أن المراسلات الدبلوماسية التي ذكرت في أكثر من موقع مختلف على الشبكة العنكبوتية تبيّن حقيقة أمر المشروع الصهيو أمريكي وحلفائه والذي كان الهدف منه الترويج لنظرية الشرق الأوسط الجديد، الذي يسعى إلى استعمار جديد بتقسيم المنطقة إلى دويلات عدة على أساس عرقي وديني وطائفي ومناطقي؛ بغية الهيمنة على مقدرات المنطقة وثرواتها، وهذا حلم إبليس في الجنة عند البوابة السورية التي قادتها حنكة سياسة وقوة سورية متماسكة من شعب وجيش وقائد، فاقت كل الأبحاث والدراسات والخطط والتنظيمات والحملات الممولة من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وذلك بإسقاط نظريتهم وخلق نظرية شرق أوسط جديد برؤى أخرى نتجت من خلال تحدٍ وصمود وعزيمة سورية بمساندة كل من روسيا والصين تحت مسميات منظومة دولية جديدة، تقودها روسيا والصين وعدد من الدول الكبرى كمجموعة "بريكس" إذاً إخفاق المشروع الصهيو أمريكي وحلفائه من البوابة السورية أتاح الفرصة لروسيا وللحلم الذي يعيشه بوتين منذ توليه سدة الحكم المتمثل باسترجاع أمجاد الاتحاد السوفياتي كقوة عظمى ليكون بموقعه متحدياً ومواجهاً لأكبر قوة عظمى في العالم "أمريكا وحلفائها " بتأييد من الصين، ما يؤكد ذلك تحركات وتصريحات وزير خارجيتها لافروف بأن هناك عالماً جديداً يوجد على الخارطة السياسية روسيا والصين وسورية من جهة ، وإيران وافغانستان وباكستان والعراق من جهة أخرى، وأنّ هناك تشبيكاً جديداً مع مجموعة دول بريكس، مضيفاً بقوله إن القوى الجديدة تصعد وإن القطبية الواحدة قد انتهت، وبالتالي هناك تنسيق روسي صيني إيراني لإيجاد منظومة اقتصادية أمنية سياسية عسكرية، سورية والعراق والهند من ضمنها، والمفاوضات جارية على ضم باكستان، وهذا يجمع 3 مليارات من البشر في العالم، وهذه القوى ستواجه قوى الغرب التي تتلاعب بأمن البشرية واقتصادها، إذاً هناك رسم حلف جديد قد يسمى ( حلف المشرق الكبير ...أو حلف التعاون الدولي ...حلف المستقبل الإنساني ) كل هذه الأسماء المطروحة ضمن هذه الاقتراحات، وبالتالي استطاعت روسيا أن تفرض إملاءاتها على أمريكا وحلفائها بقيادة الأزمة السورية ومعالجتها وفق ما يحفظ أمنها القومي ، وقد اتضح ذلك من خلال الدور الذي لعبه وزير خارجيتها أمام مجلس الأمن والجامعة العربية والجمعية العامة لحقوق الإنسان بموافقة أمريكية لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، ولكن هذا لن يأتي لولا القوة السورية المتماسكة من الشعب والجيش والقائد في وجه المؤامرة وانتصارها عليها ، ومن هذا المنطلق تحالفت الصين مع روسيا للهدف ذاته، ألا وهو الدفاع عن أمنها القومي والاقتصادي في وجه الغرب الذي يعيش أعلى مستوى له من أزماته الاقتصادية، ويحاول نقلها إلى الدول الأخرى، إلا أنّ التحرك الروسي والصيني أجهض مبتغاهم ،النصر الذي حققته سورية قيادة وشعباً وجيشاً يعتبر النصر الثاني لمنطقة الشرق الأوسط الذي جنبها الويلات .... فماذا لو نجح مشروعهم بتقسيم المنطقة؟ .... كانت كارثة ستقع على الأمة العربية التي كانت متغيبة عن دورها العربي والإسلامي ....والنصر الأول حققته مصر بعد العدوان الثلاثي عليها من خلال تكاتف شعبها مع قيادته وجيشه إذ إنها أجهضت مشروعهم الصهيو أمريكي الذي سعى إلى تقسيم منطقة الشرق الأوسط .... التاريخ يعيد نفسه .... شهدت منطقة الشرق الأوسط انتصارين كبيرين مرّا على الأمة العربية ، انتصار سورية على المؤامرة الكونية التي قادتها أمريكا، ووضعتها بموقع أقوى وأكبر من ذي قبل كلاعب سياسي وكحارس أمين على منطقة الشرق الأوسط وهي العنصر المهم الذي أدى إلى خلق منظومة دولية جديدة في وجه أمريكا وحلفائها تقودها روسيا والصين، وانتصار صمود وتماسك الشعب المصري بعد العدوان الثلاثي الفرنسي والبريطاني والكيان الصهيوني على مصر وما نتج عنهما من منظومات سياسية دولية جديدة، كوقوف الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في صف واحد ضد العدوان الثلاثي الذي تقوده فرنسا وبريطانيا والكيان الصهيوني والتهديد الذي وجهته روسيا باستخدام حرب ذرية خاطفة ما لم تسحب كلّ من بريطانيا وفرنسا قواتها من منطقة السويس. وانسحبت بلا قيد أو شرط ، وبالتالي تحوّلت بريطانيا من دولة كبرى إلى دولة متوسطة، فسقطت الجمهورية الفرنسية الرابعة لتحتل الخامسة، وتبعها حركات تحرر المستعمرات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية، رياح التغيير التي هبّت على أفريقيا، ونضال المناضل (فيدل كاسترو) بمواجهة جيش باتيسيا ) الذي سلّم نفسه للسيطرة الأمريكية، كلّ هذه التغييرات حدثت نتيجة انتصار الشعب المصري بمساندة قيادته بإجهاض المشروع الاستعماري بتقسيم المنطقة. في النهاية رأينا الترابط الكبير بين الانتصارين اللذين حققهما الرئيس بشار الأسد وجمال عبد الناصر في إجهاض وإخفاق تقسيم منطقة الشرق الأوسط ..... وهذا نابع من الثقة بالنفس التي يتمتع بها كلّ منهما .... لإيمانهما بقوة شعبيهما وصلابته في وجه أكبر قوة في العالم، ولكن الأمر المختلف بين الانتصارين هو وقوف العرب إلى جانب مصر وتخليهم عن سورية في الوقت نفسه .. لكلّ زمان رجاله .... الأيام القادمة سوف نشهد تغيراً جذرياً من قبل بعض الدول العربية كما نشهده اليوم في مصر وتونس بعد أن أدرك حقيقة الربيع العربي الذي لم يكن إلا خريفاً...... والذي أكده العدوان الذي شنّ على غزة في تشرين الثاني من عام 2012 والنصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية بمساندة سورية وإيران.....خاصة وأن أمريكا لا تستطيع أن تقدّم لهم أي شيء فهي عاجزة عن ذلك لوجود حلف قوي تقوده روسيا والصين وإيران وسورية....وما نراه اليوم من تصريحات بعضهم القاسية، ما هي إلا ضغوط نفسية على الشعب السوري إذ لم يبقَ أمامهم إلا هذا السلاح الضعيف لأنهم لم يقرؤوا الشعب السوري جيداً.

                                                                      بقلم الإعلامية : مها جميل الباشا

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.