يعمل الرئيس سعد الحريري على إشعال فتنة في لبنان وإشعال جبهة مع سوريا، من خلال ضخّ الاموال للاصوليين والسلفيين ولشبان في منطقة الشمال كي ينطلقوا في مقاومة ضد النظام السوري، على أساس ان في الجنوب مقاومة شيعية ضد اسرائيل، وفي المقابل يقوم هو بانشاء مقاومة سنية من اهل السنّة في شمال لبنان والبقاع الغربي، تكون ضد سوريا ومن أهل السنّة ولنصرة أهل السنّة.
ونحن لا نتجنّى على سعد الحريري بهذا الكلام، لاننا نستند الى واقع، بات ملموساً وبات مفضوحاً وخارج اي اطار مقبول. كيف يمكن فصل نائب لبناني في المجلس النيابي من تيار المستقبل هو النائب عقاب صقر الى تركيا لاقامة علاقات مع المعارضة السورية المسلحة، ومع المخابرات التركية، وتوريد اسلحة الى طرابلس واسلحة الى تركيا لتسليمها للمعارضين المسلحين ضد النظام السوري ؟
ان ما يفعله عقاب صقر عمليا، هو تشكيل مجموعات مسلحة ومزودة بالاسلحة، وحتى الان، وبعد التحقيقات السورية التي ستأتي لاحقا، فان الاسلحة التي ضبطت مع الشبان الذين ذهبوا من طرابلس، على الارجح هي من جهاز امني لبناني، أو من فريق تيار المستقبل الذي يقوم بتمويل المسلحين كي يقوموا بالقتال من خلال التسلّل الى الاراضي السورية والاشتراك في معارك حمص وتلكلخ والداخل السوري.
وهذا امر يعاقب عليه القانون، وايضاً مخالف لاصول وجود نائب في المجلس النيابي، ولذلك نسأل الرئيس نبيه بري، ألم يحن الوقت لكي توجه رئاسة المجلس سؤالا واستفهاماً الى نائب يشترك في تكوين مجموعات مسلحة، ويشترك مع معارضي النظام ويؤثر في العلاقة بين دولتين عربيتين هما لبنان وسوريا؟ ويقوم تيار المستقبل بالتمويل وتكليف عقاب صقر تنفيذ عمليات استخباراتية واتصالات، اضافة الى وجود اكثر من 10 ضباط لبنانيين متقاعدين من الطائفة السنية يعاونون عقاب صقر في مهامه في الانتقال بين لبنان وهاتاي. ومن اجل التأكد من ذلك، نحيل الرئيس بري، مع الاحترام له، على لوائح الطائرات الخاصة التي يتم استئجارها من الجناح الخاص للطائرات في مطار بيروت. وعندئذ سيكتشف لائحة الطائرات الخاصة التي يستقلها عقاب صقر، مع اسماء الضباط المتقاعدين من الطائفة السنية الى مطار هاتاي في تركيا، والعودة منها. وهذا مُثبت في الجداول في مطار بيروت الدولي.
ثم أن الرئيس سعد الحريري بات واضحاً انه في البداية لم يفهم حركة الشيخ احمد الاسير، ومضى أسبوعان عندما هاجم الرئيس السنيورة حركة الشيخ احمد الاسير، الى أن تم فهم حركة الشيخ احمد الاسير واتخاذ قرار باحتوائها ودفعها الى الامام كي تستمر وتمويلها بالمال والسلاح من اجل تعريض السلم الاهلي في لبنان للخطر، على أساس تكوين مجموعة مسلحة من الطائفة السنية تدعو علناً الى نزع سلاح المقاومة، ومنع المقاومة من التحرك باتجاه الجنوب الا وفق ارادة أهل السنّة في صيدا.
ماذا يفعل الرئيس سعد الحريري عندما يقاطع طاولة الحوار ويقول لا اريد ان اجتمع الى طاولة الحوار وابحث موضوع السياسة الدفاعية؟ وفي الوقت ذاته يقوم بتحريك فريق من الطائفة السنية ضد سلاح المقاومة، كأنه قرر ان لا يجلس الى طاولة الحوار بل قرر اللجوء الى الشارع عبر تحريك الشيخ الاسير وعبر تحريك شوارع بيروت، مثلما حصل في الطريق الجديدة سابقاً، وكذلك تحريك طرابلس باتجاه الاشتباك مع الجيش السوري، والتعاون مع المعارضة السورية في حرب داخلية ضد بلد عربي، لا يسمح الدستور اللبناني ولا القوانين اللبنانية بارسال اسلحة ومسلحين الى دولة عربية اخرى كالذي يحصل مع سوريا.
ربّ قائل إن حزب الله يشترك ايضا في ارسال مقاتلين الى سوريا، واذا كان حزب الله يرسل مقاتلين الى سوريا، فان هذا الامر مرفوض ايضاً، وامر غير مقبول، ومطلوب من كل الافرقاء عدم التدخل المسلح في سوريا، انما هنالك التدخل السياسي وابداء وجهة النظر السياسية والتأييد السياسي لمواقف النظام، او معارضيه، اما التدخل المسلح فهو شأن يعرّض لبنان لخطر كبير، لان النار السورية اذا انفجرت في سوريا، فستأتي الحمم البركانية على لبنان وتشعل فتنة سنية – شيعية، يتم التحضير لها وباتت جاهزة من كثرة التشنج المذهبي الذي يسعى اليه تيار المستقبل ومشايخ من علماء السنّة، علما اننا لا نرى اي تحرك لمشايخ علماء الشيعة، الا التصرف المعتدل باتجاه أهل السنّة.
نحن في جريدة «الديار» وفي الموقع الذي ننطلق منه، لا نميز بين سنّي وشيعي ودرزي وماروني وارثوذكسي. نحن نقول اننا لبنانيون، ونريد لبنان المستقل، السيد، بكل معنى الكلمة. واذا كنا الى جانب المقاومة، فليس حباً بالطائفة الشيعية، بل تقديراً لتحرير الجنوب من العدو الاسرائيلي، وردع العدو الاسرائيلي سنة 2006 في هجومه على لبنان وعدوانه، وعلى هذا الاساس نؤيد المقاومة، ولو كان الجنوب من الطائفة السنية وقام بالعمل ذاته، لكنا ايدناهم سواء كانوا سنّة ام شيعة، فلا فرق عندنا بين طائفة او مذهب او غيره.
لكننا نناقش الرئيس الحريري ونسأله، ما هو موقفه من دخول 25 شاباً ومقتل 17 شاباً في سوريا بعد انطلاقهم من طرابلس؟ فهؤلاء الشبان لهم المحبة والغلاوة لدينا ونريدهم ان يكونوا في حياة مستمرة ويبنوا عائلات ويعيشوا في لبنان حياة كريمة، بدل الاقتتال داخل سوريا بين النظام والمعارضة.
كذلك ما هو موقف الرئيس سعد الحريري من قضية الشيخ احمد الاسير الذي مهما قال الرئيس الحريري ان لا علاقة له به، فكل المعلومات تدل على ان احمد الحريري منسق عام تيار المستقبل هو الذي يوجهه ويموله ويقدم له الاسلحة. وبالتالي، فان حركة الشيخ احمد الاسير في صيدا اذا سقطت نقطة دماء واحدة من اي مواطن ان كان سنياً ام شيعياً فالمسؤولية تقع على الحريري لانه هو الثقل في صيدا وهو القادر على وقف حركة الشيخ الاسير، انما الرئيس سعد الحريري يعمل عكس ذلك، فهو يرسل اللواء الشهيد وسام الحسن لملاقاة حركة حماس في المانيا، ويرسل النائب عقاب صقر لملاقاة المعارضة السورية والمخابرات التركية في هاتاي في تركيا، وفي المقابل يقوم بدعم الشيخ الاسير في صيدا بالسلاح والاموال كي يتحرك ضد المقاومة.
فبالله عليكم من هو هذا اللبناني الذي تقوم مبادئه على نزع سلاح المقاومة من دون اي كلمة من الشيخ الاسير ضد الصهيونية. فلقد سمعنا كل خطابات الشيخ الاسير ولم نسمعه يتكلم كلمة واحدة عن خطر الصهيونية على لبنان وخطر اسرائيل وعن احتلالها 20 سنة للجنوب والقرى الجنوبية، اضافة الى انها قتلت من اللبنانيين ما يزيد عن 17 الف لبناني في حركة 1982، وقصفت واحرقت العاصمة وضربت لبنان كله، كذلك فعلت سنة 2006. فأين وجهة نظر الشيخ احمد الاسير من كل هذا العدوان الاسرائيلي، طالما انه يريد مصلحة لبنان، فاذا به لا يرى الا خطر سلاح المقاومة، ولا يتكلم كلمة عن السلاح الصهيوني المصوّب الى صدورنا، والذي يهددنا كل يوم بعدوان جديد؟!
على الاقل نقول للشيخ احمد الاسير ان هيلاري كلينتون وزيرة خارجية اميركا وليبرمان عضو الكونغرس الاميركي استنكرا امس قرار اسرائيل ببناء 3 الاف وحدة سكنية في الضفة الغربية للاستيطان فيها وفي القدس الشرقية. ولم نسمع حتى الان منذ بداية حركة الشيخ الاسير خطابا واحدا يشرح فيه خطر اسرائيل وخطر الصهيونية، بل نراه يشرح لنا خطر المقاومة وسلاح المقاومة ويسعى الى فتنة، انما الرئيس سعد الحريري يريد هذه الفتنة ان تحصل، لاننا نحن امام وضع لم نعد نستطيع ان ننظر الى الحريري على انه في وضع طبيعي ومتوازن، فبعد استشهاد والده واستشهاد مجموعة من القادة اللبنانيين واستشهاد اللواء الشهيد وسام الحسن بالأمس، دخل الرئيس الحريري في حالة احباط جعلته غير طبيعي وغير قادر على اتخاذ قرارات سليمة، ولم يعد في وضع التوازن وبات بحاجة الى اكثر من البقاء في الخارج، بات بحاجة الى علاج نفسي وطبي كي يعود الى التوازن والى الرؤية الواضحة. وعندما يكون شخص مثل الحريري في وضع نفسي وازمة من هذا النوع، فلا يعقل ان يتسلم زعامة الطائفة السنية ومليارات الدولارات شخص يعيش ازمة نفسية حاقدة ويتخذ قرارات غير سليمة مثلما يفعل الرئيس سعد الحريري.
الرئيس سعد الحريري بحاجة الى علاج طبي نفسي فوري، وان يتوقف عن اتخاذ القرارات وعن ادارة تيار المستقبل و14 آذار، وان يتسلم الرئيس فؤاد السنيورة مكانه، وان يتعالج الحريري لفترة 3 اشهر هو في امس الحاجة اليها كي يستطيع التعاطي السياسي في لبنان، والا فان الوضع النفسي للرئيس الحريري يجعل حركة 14 اذار في خطر كبير، اضافة الى تحالفه مع الدكتور سمير جعجع وغيره، ممن يحبون رؤية الدماء تسيل على ارض الوطن، وتاريخهم يشهد على ذلك. واما الامر المستعجل فهو بداية علاج الرئيس سعد الحريري نفسيا وطبياً وتوقفه عن العمل السياسي لانه عندما يرسل نائباً الى تركيا والمعارضة السورية ويقوم بتمويل خطط في دولة عربية ثانية مع المخابرات التركية، وعندما يرسل اللواء وسام الحسن لمقابلة مسؤول في حماس في المانيا، وعندما يقوم بتمويل شبان في طرابلس للقتال ضد سوريا، وعندما يقوم بتمويل الشيخ احمد الاسير لدفعه الى التصعيد ضد المقاومة وضد حزب الله وحركة امل، فانما كل ذلك يدل على ان الرئيس سعد الحريري فقد توازنه السياسي والنفسي، وهنا مشكلة حقيقية نقولها صراحة وليس انتقادا، بل محبة منا للرئيس سعد الحريري، لاننا نفهم مدى حزنه منذ استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعلى كل اصدقائه الذين استشهدوا. ونحن رأينا الرئيس سعد الحريري كيف بكى يوم استشهد الشيخ بيار الجميل، ونعرف الان الالم الذي اصابه نتيجة استشهاد اللواء الحسن والذي كان اقرب المقربين له؟
من هنا وبكل محبة نتمنى له ان يتعالج نفسيا وطبيا، وهذا امر طبيعي، وليس فيه عيب ان يتعالج ويتعافى الانسان من مرض نفسي مستتبع بعلاج طبي يؤدّي الى توازن طبيعي واعادة رجاحة العقل والحكمة والهدوء الى النفس .
شارل أيوب
