تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ناجي أسعد.. بكتك تشرين بكل ما لديها من دموع

محطة أخبار سورية

محي الدين المحمد

بدموع حرة بكيتك أيها الصديق العزيز، كما بكاك الزملاء والزميلات في صحيفة تشرين، هذه الصحيفة التي ارتبط اسمك باسمها في ذهني منذ ربع قرن ونيّف، كنت دائماً على موعد معك...

بمجرد أن أدخل بابها الرئيسي، أنت الذي واظبت بالعمل فيها في الصباح وفي المساء ولثلاثة عقود ونيف، وكم كان صعباً عندما وصلت سن التقاعد، شعرت أنني أمام امتحان صعب كيف يمكن أن تبتعد تلك الصورة الجميلة لحياة شاقة كنت تنحت فيها الثقوب المضيئة التي كانت تجلب إلى قلوبنا الأمل والتفاؤل، كما كنت تفعلها للمئات من المواطنين الذين كانوا يلاحقونك بالهاتف، وبالرسائل، وبالزيارة إلى الجريدة لتتابع مظالمهم في وزارات الدولة ومؤسساتها، وكأن كل قضية من قضاياهم هي قضية شخصية لك..

هل هي عاقبة الأنقياء في سورية الحبيبة أن تطولهم رصاصات الغدر؟

أعتقد أن هؤلاء القتلة كانوا يدركون مدى الألم الذي سيخترق قلوبنا جميعاً... كنت يا صديق العمر والعمل والهم المشترك مثالاً في الصبر والأناة والتفاني في خدمة الآخرين وفي العمل..

صحيفة تشرين المفجوعة بكتك بكل ما لديها من دموع اختزنت في مآقي الزملاء والزميلات وفي جدران المكان الذي تركت في كل جزء منه غصة، ووعداً معاً، ووعدٌ كنا نجدده أسبوعياً حتى بعد تقاعدك حيث كنت الصحفي الذي لا يمكن أن يتقاعد، بقيت مع القراء الذين ينتظرون مساهماتهم التي أرسلوها إلى الصحيفة بعد أن تضع بصماتك عليها قبل النشر، تتابعها في أقسام الصحيفة كمولود يبشر بأمل آت لا محالة رغم اشتداد الأزمة، لأن أولئك الذين تآمروا على كل شيء في هذا الوطن، لن يستطيعوا المساس من عزم أبنائه على صيانة كل شيء جميل في وطن بناه السوريون ليبقى منيعاً.. شامخاً... عزيزاً...

أبا أحمد.. يا رفيق الأيام الجميلة... يا رفيق الأيام القاسية... يا من علمتنا بأن الحياة موقف.. ها أنت ترحل شهيداً دفاعاً عن الكلمة الصادقة وعن الموقف الذي لا يعرف المساومة... لتكون دماؤك الطاهرة عطراً يستنشقه الأحرار فيزيدهم صلابة واصراراً على متابعة مسيرة التضحية التي تكفل عزة الأوطان...

لك الرحمة، ولأهلك ولذويك، ولنا جميعاً الصبر والسلون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.