تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحكومة "الاسرائيلية" الجديدة: إلى التطرّف دُر!

أفرزت نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي جرت الثلاثاء الماضي، حكومة استيطانية متشددة برئاسة بنيامين نتانياهو، لن يتفاءل الفلسطينيون بها خيرا بل يعتقدون أنها ستبعد فرص التوصل لاتفاق سلام، وستعزّز احتمالات الهجوم على إيران، وسط حالة الجمود في المفاوضات التي أحدثتها إسرائيل من خلال الاستمرار في البناء الاستيطاني، علما أنّ إسرائيل تريد أن تفكك المنطقة برمتها، وتبقيها في حالة عدم استقرار بدءا من الملف الفلسطيني وصولاً للأزمة السورية وحزب الله وإيران.

فكيف ستتعامل هذه الحكومة المتطرفة مع ملفات المنطقة بمجملها إقليماً ودولياً، وهل سنشهد تغييرات جذرية في توجهات السياسة الإسرائيلية تجاهها عقب هذه الانتخابات؟

حكومة يمينية متطرفة..

يؤكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة وليد المدلل أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة سوف تميل إلى اليمين الديني والقومي المتطرف، مشدداً على أنها سوف تكون "حكومة مستوطنين" وتصعد من هجماتها الاستيطانية في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة.

ويوضح المدلل، في حديث لـ"النشرة"، أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى حالة اشتباك مع الفلسطينيين، ويدفع إسرائيل باتجاه نوع من الشلل والتهميش الدولي وحالة نزع الشرعية، إذ إنّ الحكومة يمينية ولا تأبه للقرارات الدولية.

ويشدد المدلل على أن الحكومة الجديدة سوف تتنكر لكل الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل، وسوف تقوم من جهتها وبشكل منفرد بعملية الاستيطان، مشيراً إلى أن الاعتداء على غزة يعتبر من ضمن أجندة هذه الحكومة اليمينية.

غزة.. تهدئة تنتظر الخرق

وعلى صعيد الوضع في قطاع غزة، يلفت المدلل إلى أن اتفاق التهدئة الذي أبرم بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، لم يكن في صالح الأخيرة، مشيراً إلى أنها سوف تحاول أن تعيد شروط وقف إطلاق النار مجدداً.

ويوضح المدلل أن ذلك يحتاج إلى حالة اشتباك جديدة حتى تقوم إسرائيل بتحسين الشروط، مثل عملية عسكرية جزئية أو ما شابه ذلك. ويقول: "إسرائيل بحاجة لوقف إطلاق النار ولكن ليس بالشروط المذلة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية ووافق عليها نتانياهو، ولعلها هي السبب في خفض أصوات حزب الليكود بيتنا في الانتخابات الإسرائيلية".

ويلفت المدلل إلى أنّ إسرائيل بحاجة للانتهاء من الانتخابات وتشكيل حكومة لديها شبكة أمان في الكنيست بحيث لا يكون حجب الثقة بسهولة عن هذه الحكومة ومن ثم الذهاب لمثل هذه الخيارات.

السلطة الفلسطينية.. مفاوضات واتفاقيات

وفي خصوص علاقة السلطة الفلسطينية بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، يرى المدلل أن السلطة ملتزمة التزاماً كلياً بكافة الاتفاقيات من طرفها فقط، وليس مستغرباً أن تبقى ملتزمة بهذه الاتفاقيات، خاصة إذا ما تم التلويح من قبل أوروبا كما يحدث الآن وخاصة فرنسا، من أن هناك اتفاقا سياسيا جديدا للعودة للمفاوضات مع إسرائيل.

ويعتبر المدلل أنّ "السلطة تعتقد أن المفاوضات بحد ذاتها هي عبارة عن هدف، ويمكن أن تعود للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي من جديد، بغض النظر عن الضمانات التي يمكن أن تقدم، خاصة أن إسرائيل حتى الآن ما زالت تقول لا لتجميد الاستيطان".

ويعبر المدلل عن اعتقاده بأن الزيارات التي حدثت بين مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين في عمان أكبر دليل على إمكانية عودة التفاوض، مستطرداً أنه بحاجة إلى غطاء عربي ودولي، مشيراً إلى إمكانية توفيره على أي حال تحت عناوين جديدة، بمعنى غير جديد في المضامين ولكن في العناوين.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أن السلطة لا تمانع من العودة للتفاوض دون وجود أي ضمانات، وهي تريد أن تتخلص من الضغط الممارس عليها من الناحية السياسية والمالية، لافتاً إلى أنها قد تعود للمفاوضات من جديد مع بقاء التنسيق الأمني.

حزب الله وإسرائيل.. هدوء متبادل

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن الهدوء السائد بين "حزب الله" و "إسرائيل" أصبح مصلحة مشتركة، إذ إنّ الأخيرة حافظت على الهدوء بشكل ملحوظ، وأيضاً "حزب الله" منذ حرب تموز 2006، لافتاً إلى أن "حزب الله" هو أكثر حرصاً على هذا الهدوء من إسرائيل التي قامت بخرق التهدئة أكثر من مرة.

ويعتبر المدلل أن من مصلحة "حزب الله" المحافظة على هذه التهدئة خاصة بعد الانتصار الذي حققه في الحرب الأخيرة، وتوازن الردع الذي أحدثه مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى التجاذبات الموجودة مع "حزب الله" على الساحة اللبنانية، والتي تدفعه إلى عدم تشتيت جهوده ما بين "إسرائيل" والجبهة الداخلية.

ويضيف المدلل: "إسرائيل لم تقم بعمل يمكن أن يستدعي الرد، وواضح أن حزب الله سوف يبقى ملتزما بهذا الهدوء الذي هو سيد الموقف حتى الآن، لكنه يمكن أن يخترق في أي لحظة".

ويرى المدلل أن ما يحدث في سوريا سيقرر إلى حد كبير مدى ديمومة هذا الهدوء، لافتاً إلى أنه عندما يحدث تغير في سوريا سوف تعود المنطقة لتضرب، إذ إنّ توازنات القوى ستختلف، وهذا ما يمكن أن يغري إسرائيل لتقوم بالاعتداء على إيران.

سوريا.. استهداف للدولة والشعب

وفي إطار آخر، يؤكد المدلل أن السلطة الفلسطينية والفصائل، تفضل ألا تتخذ مواقف حادة تجاه ما يحدث في سوريا، من أجل المحافظة على سلامة الفلسطينيين هناك.

ويشير المدلل إلى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعبر عن مواقف الحكومة المتطرفة المقبلة، معرباً عن تخوفه من القادم في سوريا، خصوصاً وأن الإسلاميين إذا جاءوا لسوريا مع تغير الحال في مصر، فإن ذلك سيكون مقدمة لتغير الوضع في الأردن.

ويضيف: "كل ذلك مرتبط بالبيئة الإستراتيجية في المنطقة، لكن إسرائيل تنظر بعين الخطورة إلى ما يحدث في سوريا، ولا تستطيع أن تفعل شيئا سوى الإدانة، وإنهاك الوجود السوري للدولة السورية بكل مقدراتها وإمكاناتها".

ويتابع: "الذي سيأتي إلى السلطة سوف ينشغل لعديد من السنوات بإعادة البناء والترميم والحرب الأهلية والمصالحة الداخلية، وهذا سيأخذ وقتاً طويلاً و سيعطي وقتا طويلا لإسرائيل من أجل إعادة ترميم قوتها وإعادة خارطة القوى في المنطقة".


ويستبعد المدلل أن تكون نهاية الأزمة السورية قد اقتربت، خصوصاً وان الوضع على الأرض، ليس بالصورة التي ينقلها الإعلام، قائلاً: "إن هناك نوعا من المبالغة فيما يحدث على الأرض".

ويلفت المدلل إلى أن النظام السوري لا زال مدعوما من بعض الدول الإقليمية القوية ومسيطرا على الأرض إلى حد ما، مؤكداً أن هناك استهدافا واضحا لسوريا الدولة والشعب والمقدرات، على غرار ما حدث في ليبيا من محاولة إنهاك كاملة للدولة وتبديد لثرواتها، مشيراً إلى أن ذلك يصعب المهمة لأي جهة تقوم بإعادة البناء ويشغلها في أجندتها الداخلية كما يحدث في مصر، إذ أصبحت منشغلة عن القضية الوطنية كالقضية الفلسطينية، وهذا ما تريده إسرائيل.

ويخلص إلى أنّ "إسرائيل تريد أن تفكك المنطقة وأن تبقيها في ملفات متعددة، منشغلة وبعيدة عن إسرائيل والتفكير في المواجهة معها".

إيران.. الملف الساخن

وفي خصوص الملف الإيراني، يؤكد المدلل أن الاعتداء على إيران ليس نزهة لإسرائيل، إذ إنها تفكر في ذلك بشكل عميق، لكنها دائما تحاول أن تضع على الطاولة ما تسميه بالتهديدات الإستراتيجية، لتحقق العديد من الأهداف، أبرزها حالة تأهب قائمة في إسرائيل.

ويوضح المدلل أن الحديث عن التهديدات الإستراتيجية بدأ يظهر في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أنه يحقق نوعا من اللحمة الداخلية داخل إسرائيل، ويبقي إيران في حالة دفاع عن النفس، وهذا ما تريده إسرائيل أن لا تتحول إلى حالة هجوم.

ويلفت المدلل إلى أنه وفي الوقت الذي تقوم فيه الولايات المتحدة وأوروبا بتبريد الملف الإيراني، تحاول إسرائيل أن تبقي الحرارة في هذا الملف حتى لا يبرد، وبالتالي يتحول في أسفل سلم الأولويات.

ويضيف: "هي تريد أن تبقي هذا الملف على الطاولة في حين أن السياسة الدولية غير مكترثة كثيراً بهذا الملف لأنها منشغلة بأزمتها الداخلية وقضاياها الداخلية، وبعض التهديدات الإستراتيجية إضافة إلى تغير أولويات تلك الدول كالولايات المتحدة الأميركية"

                                                                                         محمد فروانة

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.