تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ما الذي يقرر إنْ كان العدوان الأمريكي سيحدث أم لا؟؟

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                                                                                           5/9/2013

من الطبيعي أن لكل حرب أهداف سياسية تسعى إلى تحقيقها. وأهداف الحرب الأمريكية على سورية أصبحت شبه محددة ومعروفة كما يعلنها الأمريكان أنفسهم، ويمكن إجمالها بأربعة عناوين؛ لأن سورية تهدد الأمن القومي الأمريكي؛ إنهاك الدولة السورية لفرض الحلول التي تريدها أمريكا عليها، ولضمان أمن إسرائيل، ومحاولة استعادة هيبة وصورة واشنطن العالمية، أما الباقي فكلّه تفاصيل لا تهتم الإدارة الأمريكية لشأنها خاصة ما يريده الجانب العربي الداعم والمطالب بالحرب على سورية؛

أولاً، بالنسبة لتهديد سورية للأمن القومي لأمريكي، فقد جاء التوضيح والردّ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، بأن سورية لا تهدد الأمن القومي الأمريكي لأنها لا تشنّ عدواناً على الولايات المتحدة ولا تشكل خطراً عليها، وإن من يهدد بشنّ العدوان هو الولايات المتحدة، وإن كل ما تقوله الإدارة الأمريكية لتبرير العدوان، كذب بكذب وهي تخدع الرأي العام الأمريكي وقبله الكونغرس الأمريكي نفسه؛ أي أن هذه الحجة واهية وهي ذريعة وليست سبباً، وبالتالي لا يمكن أن تُشّن حربٌ بناء على كذبة واضحة.

ثانياً: إضعاف الدولة السورية لفرض التسويات التي تريدها واشنطن وحلفاؤها، ولاسيما إسرائيل وعربها في السعودية وغيرها. والسؤال: هل الولايات المتحدة قادرة على تحقيق هذا الأمر بشن عدوان خارجي على سورية؟ المنطقي أن نستعرض مواقع القوة لدى كلّ طرف: سورية لديها ترسانتها العسكرية التي لا يعلم الغرب عنها الكثير، ولديها دعم حزب الله الذي تم تجريبه في العام 2006 وانتصر على إسرائيل، ولديها، الدعم الإيراني، الذي يعلم الأصدقاء في إيران أن الحرب على دمشق والمقصود طهران في النهاية، وبالتالي لا تستطيع أن تنام طهران ودمشق تتعرض للقصف، وعليه فإن مشاركة إيران في الحرب إلى جانب سورية ـ إذا وقعت هذه الحرب ـ باتت شبه محتومة.

أما روسيا، فلديها كلّ ألأسباب لتدخل الحرب إلى جانب سورية، ولكن ليس كما يتصوّر البعض أي عبر الاشتراك المباشر في القتال والمعارك، إذ لا حاجة سوريّة لذلك؛ ولكن تستطيع روسيا أن تقدّم كل مساعدة عسكرية واستخباراتية واستطلاعية ومعدات عسكرية لدعم الموقف السوري العسكري. ومع ذلك فالأساطيل والبوارج الروسية باتت تسيطر على نصف المتوسط!! لماذا تقوم روسيا بذلك؛ لأن سورية تدافع عن جبهة متقدمة للروس ضد المتطرفين والتكفيريين والجهاديين، ولأن الحرب على سوريا تمثّل نهاية الأحادية القطبية ومركز ولادة عالم متعدد الأقطاب تقوده روسيا وبالتالي للاعتراف بروسيا قوة عظمى من جديد، ولأن سورية تمثّل الكثير دينياً وتاريخياً لروسيا، ولأن سورية هي مكان وصول الأساطيل الروسية على البحر المتوسط أو المياه الدافئة، ولأن... الخ.

وإلى جانب روسيا هناك بقية دول البريكس وبعض الدول العربية ولاسيما مصر الجديدة والصين، وآخرون كُثر في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وحتى أوروبا. فهل هؤلاء يستهان بهم؟؟

بالمقابل، تبدو الجبهة المعادية لسورية في قمة تفككها، وهي لم تكن مفككة قبل أي حرب خاضها الغرب الاستعماري والأطلسي، كما هي مفككة الآن؛ فالحليف الأول للأمريكي أي بريطانيا أعلنت الخروج من الحرب قبل بدئها، وكذلك أعلن الحليف الثاني أي كندا. أما فرنسا "الشعبية والعسكرية" فهي ضد الحرب على سورية، فيما يؤيّد الحرب الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته الأحمقين. ألمانيا وإيطاليا أعلنتا أنهما لن تشاركا في الحرب وكذلك الكثير من دول أوروبا. الذي يقود الحرب على سورية هو بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية وهو الذي سيموّلها، ويدعمه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وسعد الحريري وسمير جعجع اللبنانيين. أما إسرائيل فهي حقيقة في مأزق، تريد تدمير سورية، ولكن دون أن تُمسْ، وهذا حلم إبليس بالجنة!!

بالمحصلة: لن يكون ضرب سورية نزهة أبداً ولن يكون مضمونا ولا حتى معروف النتائج والعواقب لأمريكا وتوابعها؛ لن يكون مضموناً ألا تتهدد المصالح الأمريكية وحلفاؤها في كل مكان من العالم، ولن يكون مضموناً أبداً أمن إسرائيل وحلفاء أمريكا بعد بدء الحرب، إن بقي أي أمن لإسرائيل ولغيرها؛ ولن يكون مضموناً أبداً إضعاف الدولة السورية وإركاعها، فكما أكد الرئيس السوري بشار الأسد: لم يسجل التاريخ استسلام السوريين!! بل إن كلّ المؤشرات تقول إن سورية وأصدقاءها يستعدون لهذه الحرب وينتظرونها، وحتى الشعب السوري بكلّ فئاته بات ينتظرها ويتمناها، ليس حباً بالحرب، بل لكسر أنف وشوكة الأعداء وسحق غرورهم بعدما اتضحت حقيقة النوايا.

القراءات الموضوعية تقول إن الكفة تميل لصالح التعددية القطبية ومحور المقاومة من جنوب لبنان إلى سورية عبر العرق وإيران وصولاً إلى روسيا والصين. فهل تحتمل أمريكا بعض النتائج مثلاً: أن تسقط على إسرائيل عشرات آلاف الصواريخ وربما أكثر؛ أن يصبح برميل النفط بألفي دولار؛ أن تتقسّم تركيا أو السعودية، وأن تُهان الهيبة (الهيمنة) الأمريكية بشكل واسع وكبير وبما لا يسمح بترميمها مطلقاً ؟!!

هل يمكن أن نفهم الآن لماذا يتجاهل السوريون المطالب الأمريكية غير العادلة وغير المنطقية وغير المحقّة، ولماذا يؤكد الرئيس السوري وكل أصدقاءه في المقاومة وإيران وروسيا أن سورية ستنتصر، وهل يمكن أن نفهم بعد هذا ما الذي يقرر الحرب أم لا!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.