تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

النتائج الأولية لاتفاق كيري ـ لافروف !!

15/9/2013

بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المضنية الروسية ـ الأمريكية بقيادة وزيري خارجية البلدين سيرجي لافروف وجون كيرين تم التوصل إلى اتفاق بشأن السلاح الكيماوي السوري. كثيرون كانوا يراهنون على فشل تلك المفاوضات ويسعون لذلك، لكن الاتفاق الروسي الأمريكي كشف حقيقةً عن عدة أشياء:

أولاً، اعترفَ الجميعُ بمن فيهم أصدقاء الولايات المتحدة وحلفاؤها أن الأزمة السورية كشفت حقيقة أحجام ومكانة وقوة الدول الكبرى وتحديداً روسيا والولايات المتحدة. وأصبح واضحاً ان الحديث عن ضعف الرئيس الأمريكي باراك اوباما ليس منطقياً؛ فالرئيس الأمريكي لا تنقصه القدرة على القيادة ولا هو بالشخص المتردد كما أراد البعض ممن يريدون الحرب، وصفه. لكن الرئيس الأمريكي يعاني من نقص قدرة بلاده وتراجع إمكاناتها المادية والاقتصادية والعسكرية وبالتالي مكانتها على الصعيد الدولي أما روسيا العائدة بمنتهى القوة والتوازن لتعيد ترتيب العلاقات الدولية وفق معيار القوة الجديد. ولعل ما كتبه الكاتب السعودي "يوسف الكويليت" في كلمة "الرياض" السعودية اليوم الأحد 15/9 خير دليل على ذلك، وإن أتى اعترافاً متأخراً؛ إن القضية السورية كشفت حقيقة تغير موازين القوى ليس في المنطقة العربية وإنما على الساحة الدولية كلها.

هذا التراجع لقوة أمريكا والاعتراف أنها لم تعد القوة "الأحادية" على المسرح الدولي، عنى بشكل آخر، تثبيت الحضور الروسي والمحور الذي يضمه. فقد تحوّلت روسيا إلى "محجّ" وقبلة للدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين وغيرهم للتزود بالموقف الروسي ومعرفة الاتجاه الذي يسير للسير خلفه وتتبعِه، أو على الأقل عدم الوقوف في طريقه أو تجنب الاصطدام به أو لمحاولة الاستفادة منه. وهذا ما أدى إلى نتائج أخرى مهمة وكبيرة وخطيرة على صعيد تبدّل العلاقات الدولية، وعلاقات الولايات المتحدة بشكل خاص:

ثانياً، لقد بدأ تزعزع ثقة حلفاء أمريكا بالقوة الكبرى وبدأ سعيهم للهروب ـ قبل فوات الأوان ـ من تحت مظلتها خشية عدم قدرتها على حمايتهم، أو خشية أن تتركهم وسط الطريق إلى التسويات الكبرى، مكشوفين دون غطاء دولي، أو أن تقود التوازناتُ الجديدة إلى فرض شروط ومواقفَ وصفقاتٍ عليهم لا يستطيعون رفضها أو تجنبها. وهم باعترافهم وهو ما يزيد قلقهم؛ فإن للولايات المتحدة سوابق في هذا الصدد. وهذا الموقف يتبدى في الإعلام السعودي الداعي ليس للابتعاد عن واشنطن ومظلتها، بل إلى تقليد "وليد جنبلاط" والدوران والاتجاه صوب موسكو قبل أن يكون ذلك متأخراً، ومتعذراً، و"ربما" قبل أن تضطر القيادة السعودية إلى استجداء سورية والرئيس بشار الأسد لفتح أبواب الكرملين أمامها!!

إن هذا الاعتراف الكبير بفشل الرهانات على الموقف الأمريكي والقوة الأمريكية، يضع الأدوات ـ الدول العربية في يد أمريكا، في مأزق خطير؛ فهذه الأدوات لا تستطيع الآن ولا تملك غير الاستسلام للمعادلات الجديدة، أو الاستمرار بتزويد الإرهابيين بالسلاح لتخريب الاتفاق الروسي الأمريكي؛ فهل تجرؤ السعودية والإمارات والأردن وبعض القوى اللبنانية على هذا الانتحار الغبي؟! 

وهل تجرؤ هذا الدول ـ الأدوات بعد تعزيز مواقف الروس لحلفائهم ـ وتحديدا سورية باعتبارها الخط الأول للدفاع عن روسيا وليس أقلّ من ذلك ـ على الاستمرار في مواجهة القيصر الروسي على أسوار سورية الأسد؟! الأغبياء لم يقرأوا رسالة الأساطيل الروسية التي تصل كل يوم إلى البحر المتوسط ولم يفهموا رسالة سقوط الصاروخين البالستيين، ولا صمود سورية أكثر من ثلاثين شهراً أمام العدوان الهمجي البربري التكفيرين الذي يشاركون به، عليها!! ولكن هل ما زال هناك بعض مَن يفكّر عند الطرف الأخر، ويرجو أن يُسمع رأيه قبل فوات الأوان!!

لا أجد تعبيراً أفضل عن يأس المحور السعودي مما كتبه اليوم الكاتب السعودي في صحيفة "الشرق الأوسط"، "طارق الحميد"، عندما اعتبر أن الاتفاق الروسي الأمريكي غير قابل للتنفيذ؛ وإنه أشبه بعملية شراء سمك في الماء، اتفاق يقول إن الروس نجحوا مرة جديدة في حماية الرئيس بشار الأسد، والمفارقة أنهم حموه هذه المرة ليس باستخدام الفيتو بمجلس الأمن، بل بموافقة من إدارة الرئيس باراك أوباما نفسها!

دائماً الأغبياء يُفاجئون أو يَصحون متأخرين بعد فوات الأوان!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.