تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نتنياهو.. ليس عبد الناصر؟؟!!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                              3/10/2013

اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هناك فرصة تاريخية تسنح للدول العربية الآن بإقامة تعاون مع إسرائيل من أجل تحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار والسلام في ظل التهديد الايراني الذي تواجهه إسرائيل ودول أخرى في الشرق الاوسط. وفي هذا الإطار تحدثت عدة وسائل إعلام إسرائيلية في اليومين الماضيين عن اتصالات بين مسؤولين خليجيين واسرائيليين للتنسيق ضد إيران وأن بعض هؤلاء المسؤولين زار إسرائيل سراً.

قبل الغوص في التفاصيل، نذكّر أن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، كان قد أعلن قبل عدة سنوات عن حملة علاقات عامة دولية لتحويل إيران إلى الخطر الأول في المنطقة بدلاً من إسرائيل. ومن يومها والإعلام العربي الخليجي ولاسيما السعودي، يعمل تحت هذا الشعار وفي تنفيذ هذه الحملة، سواء عن قصد أم عن عمد!!

لا يمكن الركون إلى تسريبات وسائل الإعلام الإسرائيلي بالمطلق، ولكن التجربة عودتنا أن ما يسربه هذا الإعلام عن لقاءات وزيارات سرية عربية مع إسرائيليين وإلى إسرائيل لم يكن كاذباً، بل وربما لم يقل الإعلام الإسرائيلي كل الحقيقة؛ من زيارات الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، إلى اتفاقات أوسلو، إلى "حَمَديْ" قطر.. وأخيراً الحديث عن بعض المسؤولين السعوديين المحبطين.

بالطبع عندما يوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي مثل هذه الدعوة أعلاه، فإنه لا يقصد حزب الله وسورية. إنه يتوجه بها إلى الخليجيين، وفي مقدمتهم السعودية التي أثبتت وقائع الأسبوع المنصرم أنها الأكثر انزعاجا من التطورات الأخيرة وتحديداً من التراجع الأمريكي عن العدوان على سورية، ومن التقارب الأمريكي ـ الإيراني. وهي في هذا السياق تلتقي تماماً مع إسرائيل حسبما تؤكد تصريحات المسؤولين السعوديين والإسرائيليين، بل إنها أكثر انزعاجاً من إسرائيل. وعليه فإن نتنياهو لا يتكلم من فراغ؛ فالرجل الذي يصفه الجميع "بالكاذب" والمخادع الذي يقلب الحقائق، وجد نفسه مؤخراً شبه وحيد على المسرح الدولي، وصل بعد انتهاء الوليمة، فقرر أن يتوجه إلى التوابع الخليجية ليقود جبهة جديدة ضد إيران وأصدقائها في المنطقة؛ ومَن غيرُ بندر بن سلطان وسعود الفيصل لهذه المهمة!!

مَن يسمع رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن تحقيق الأمن الإقليمي والاستقرار والسلام... يَخال أنه يستمع إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر ـ الذي حلّت ذكراه الثالثة والأربعين قبل أيام ــ يتحدث عن العروبة ويستنهض الهمم العربية ويدافع عن الأقصى. وكأن لا فلسطين محتلة ولا جنوب لبنان ولا جولان سورية ولا القدس.. ولا يوجد احتلال إسرائيلي أبداً، وكأن إسرائيل لا تملك أسلحة تدمير شامل؟!.

المشكلة أن العرب لا يقرأون ولا يذكرون. فقبل أكثر من عقدين كتب نتنياهو في الدوريات الغربية (وهذا يدرّس في الجامعات الغربيةـ البريطانية) ضمن نظرية ما يسمى "السلام الديمقراطي"، وادعى أن إسرائيل لا تذهب إلى الحرب مع الدول الأوروبية لأنها وهذه الدول، دولٌ ديمقراطية (الدول الديمقراطية لا تتصارع فيما بينها، بينما تتصارع مع الدول غير الديمقراطية)، بينما تتصارع مع الدول العربية لأنها غير ديمقراطية. وبالطبع، فإن هذا الكلام ينفي أي حديث عن الاحتلال والتهجير والقتل... الخ. واليوم يكرر نتنياهو لعبة جديدة من ألاعيبه؛ شدّ الانتباه إلى مكان آخر، لإبعاده عن مكان الخطر الحقيقي؛ إيران وليس إسرائيل!!

ليس مستبعداً، والمنطقة في هذه الحال من اختلال التوازنات واختلاط المفاهيم؛ والسعودية تعاني من تراجع الدور والمكانة ودعم الحلفاء وانفضاضهم عنها؛ والقيادة السعودية في هذه الحال من الشلل الفكري والجسدي؛ أن ينقاد بندر والفيصل إلى أبعد مما يرمي نتنياهو. فبعد الفشل الاستراتيجي في سياسة القتل التي يتبعانها وينفذانها في الوطن العربي، ولاسيما في بلاد الشام والعراق واليمن والبحرين، وبعد الوصول إلى طريق مغلق في المنطقة وتعرّي موقفهما، فقد يتمسك الرجلان بقشة البهلوان الإسرائيلي التي ألقاها نتنياهو. والمشكلة، أن السعودية، عادة ما تهيمن على بعض الدول الخليجية الأخرى لتتبنى الموقف نفسه والسياسة نفسها، لتغطّي كل منهما على الأخرى. ولكن مرحلة الهروب إلى الأمام التي يمارسها السعوديون شارفت على نهايتها، وجاء موعد الحساب، وكنّا قد أكدنا على هذا أكثر من مرّة وحذّرنا من السياسة السعودية المدمّرة؛ مهما بلغ عدد القتلى الذين تتسبب بهم السياسة السعودية، فلن يُعدّ ذلك انتصاراً، ولن يحقق ذلك بقاء للقائمين عليها!!

نتنياهو ليس عبد الناصر والسعودية ليست بندر وسعود الفيصل، وإذا كسب الباطل جولة، فللحق جولات والمسألة مسألة وقت وتنكشف كل المواقف وتنجلي الحقيقة وتنهار قصور الوهم والنفاق والخداع والتضليل؛ السعودية على طريق الخلاص من القيود وصراخ نتنياهو لن يجدَ صدى عمّا قريب في أرض الحجاز ولا في غيرها، وقد أدار العالم ظهره الأسبوع الماضي في الجمعية العامة الأمم المتحدة للاثنين، رافضاً تمجيد سياسة القتل والتهديد والدعوة إلى الحرب!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.