تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل تدفع السياسات السعودية إلى تشظي المملكة؟!!

مصدر الصورة
SNS

 

                                                                                                               12/10/2013

لطالما كان للسعودية دور في استقرار المنطقة في الماضي. ولكن المتغيرات الدولية الجديدة، وعدم تمكن القيادة السعودية من التعاطي مع المعطيات المتسارعة قد تكون له تداعيات كبيرة على المملكة أولاً، وعلى المحيط المجاور ولا سيما الإمارات الخليجية النفطية ثانياً. ولعل جملة من الأسباب تقف عائقاً أمام بلورة دور سعودي بنّاء بدل الدور السلبي واظبت على ممارسته منذ عدة سنوات في المنطقة.

أولاً، إن القيادة السياسية السعودية أصبحت شبه مشلولة بسبب الأوضاع الصحية للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وأغلب ورثة العرش السعودي، وحتى وزير الخارجية سعود الفيصل. وهذا "الهرم" أو الشيخوخة العمرية انعكست شيخوخة وشللاً في دور القيادة السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن الطبيعي عندما يعجز الملك أو وزير خارجيته عن القيام بمهامهما بشكل صحيح إفساح المجال للقيادة الأمنية لسدّ الفراغ والعجز عبر تقاريرها ورؤيتها التي يقدمها رئيس الاستخبارات بندر بن سلطان. والاستخبارات لا تساعد عادة في إرساء وترجمة لغة سياسية، ولا تشتغل سياسة، بل أمن ومعلومات وعمليات أمنية. وهذا ما أصبح جلياً في دور المملكة وتوجهاتها وطريقة عملها منذ عدة سنوات مع الداخل السعودي والمحيط والإقليم ولاسيما في التعامل مع قضية البحرين والشأنين العراقي والسوري.

وإذا صحّ ما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية(12/10/2013) من تصريحات منسوبة لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان يهاجم فيها القيادة السعودية ويسلخ جلدها، فإن تفاصيل أخطار وأخطاء هذه القيادة أكبر وأبعد مما كنا نتصور جميعاً؛ القيادة السعودية تدير شؤون البلاد والعباد وترى الأمور من منطق شخصاني ومن حقد يحركها تجاه من لا يعجبها أو يتماشى مع سياستها، وهذا ضعف ما بعده ضعف وجهل ما بعده جهل. وقد أشار فيلتمان إلى الحماقة و"الحرد" السعودي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، عندما رفض سعود الفيصل قراءة كلمة السعودية أو حتى توزيعها، متسائلاً كيف يمكن أن تكمل المملكة بمثل هذا النوع من القيادة؟؟!!

ثانياً، إن السعودية اعتمدت منذ عشرات السنين على المظلة الأمريكية، حتى ظن بعض القادة السعوديين أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تفكّر ـ مجرد تفكيرـ  بالتخلي عنهم. وخلال السنوات الماضية مارست السعودية نفوذها ودورها معتمدة على مالها النفطي في محاربة خصومها، وعلى موقعها الإسلامي والأهم على هذا الدعم الأمريكي.. ورغم حديث واشنطن عن الديمقراطية والحريات وحرية التعبير في الوطن العربي، إلا أنها تجنبت على الدوام انتقاد الإدارة السعودية التي تعتبر أكثر الإدارات في العالم انغلاقاً وتعصباً وتخلفاً.

أمَا وقد برزت تطورات جديدة في المنطقة والعالم؛ أهمها عودة روسيا المظفرة إلى المسرح الدولي والثنائية التي شكلتها مع الصين في وجه الغرب وبالأخص الولايات المتحدة، وسطوع نجم إيران كقوة إقليمية، فقد أعادت الولايات المتحدة النظر في سياساتها في المنطقة واضطرت للتراجع أمام الواقع الذي فرضه صمود سورية في حرب الثلاثين شهراً الماضية بمساعدة روسيا والصين وإيران والمقاومة وعدد من دول العالم، وكانت النتيجة نقطة التحول التاريخية في الاتفاق الروسي ـ الأمريكي بشأن السلاح الكيماوي السوري.

مع هذا الاتفاق، انكشفت القيادة السعودية بشكل فاضح وانكشف دورها التخريبي في المنطقة. والأهم انكشفت الحلقة المفرغة التي تدور فيها؛ فلا سياسات ولا علاقات دولية ناجحة ولا مصالح متبادلة؛ السياسة السعودية تقوم على دفع المال لشراء كل شيء؛ المواقف والسياسات والدعم الخارجي وتغيير المواقف وإرهاب الآخرين والمسلحين....الخ. وهذا النمط من التعامل في العلاقات الدولية في الحقبة الجديدة ليس مسموحاً أو بمعنى أدق فإن هذه البضاعة لا سوق لها من الآن فصاعداً؛ أي أن مرحلة البلطجة التي أسس لها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ومارستها السعودية "بالمعية"، انتهت بنهاية الأحادية الأمريكية. أو لنقل أن القيادة السعودية خسرت رهاناتها في الحرب على سورية، سواء رهانها على مواقف أمريكا أو نتائج الحرب نفسها، ولذلك وجب عليها أن تدفع فاتورة أخطائها، وأن تعدّ نفسها للمرحلة القادمة التي رُفعت فيها المظلة الأمريكية أو أصبح فيها الكثير من الثقوب الواسعة.

ثالثاً، هل تستطيع السعودية موائمة نفسها مع الحقبة الجديدة؟ هنا تكمن مشكلة المملكة الحقيقية. فالقيادة السعودية الحالية أعجز من أن  تتخذ مثل هذا التحوّل الكبير والنوعي؛ القيادة السياسية في المشفى والقيادة الأمنية غارقة حتى أذنيها في القتل والتخريب والدمار. والمطلوب قيادة سعودية جديدة بإمكانها التكيّف مع النظام العالمي الجديد الآخذ بالتشكل من سورية وانتصارها وحلفاءها. هل توجد آليات في المملكة لتحقيق انتقال سلس وتشكيل قيادة سعودية بديلة، أم أن المحاصصة والولاءات وتنازع الأمراء السعوديين للسلطة وسطوة رجال الدين ستدفع إلى "تشظي" المملكة إلى إمارات أو محميات صغيرة على غرار المحميات الخليجية الأخرى يتحكم بكل منها أمير من الأمراء وربما تكون متنازعة فيما بينها. فحتى الآن لا تظهر ملامح قيادة سعودية بديلة تحافظ على أمن المملكة واستقرارها، والأهم وحدة أراضيها الشاسعة؟!! والمشكلة في هذه المرحلة أن أياً من الدول التي كان يمكن لها أن تلعب دوراً إيجابياً في مساعدة السعودية؛ أقصد مصر والعراق وسورية، مشغولة هي الأخرى بمشاكلها وهمومها.

في المملكة التي تبدو هادئة، الجمر تحت الرماد وأي مشكلة تواجهها، مثل وفاة الملك أو وزير الخارجية أو إقالة رئيس الاستخبارات قد تشعل الوضع وقد تنتقل الأمور إلى وضع كارثي، خاصة أن الشعب في المملكة يشعر أنه ليس أقل من غيره ويحق له التمتع بالحرية والديمقراطية مثل بقية شعوب العالم؛ المرأة السعودية بدأت التحدي بقيادة السيارة إسوة بباقي نساء العالم، فهل تقود الخطوة الأولى نحو التغيير والإصلاح ونحو مرحلة جديدة لا مكان فيها لعفن بندر والفيصل وغيرهما؟؟!!

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.