تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فيصل أديب الجكر ...فارس منّغ ...لروحك السلام و لقاتليك العار




اقتاد المسلحون فيصلَ إلى قريته أعزاز..كان نصراً لحقدٍ متراكم....
ليس من داعٍ للتفكير في طريقة التشفي، منذ لحظة الأسر وحتى طقوس الانتقام؛ فقد بات أسلوب التعاطي مع الأسرى روايةً شهيرة.
جُرَّالشاب في شوارع قريته بصلفٍ مبالغٍ فيه، من أشخاصٍ أغلبهم جاء إلى سوريا للمرة الأولى في حياته منذ أشهر فقط.
الشوارع التي تربى فيها.. والأزقة التي ركض خلالها حافياً في طفولته.. والجيران وأحجار الطريق.. كلها شاهدت مقاتلين ليبيين وتونسيين يعفّرون به التراب تشفياً، ويقودونه إلى ساحة القرية لإجراء حكم السلاح المتطرّف فيه.
ليس لأحدٍ أن يُقدّر مشاعرَ أهله الذين دفعوا ضريبة "النفي المؤبد" لعدم التبرّؤ من ولدهم، ولا إحساسَ أصدقاء طفولته الذين شاهدوه يُساق إلى الموت.
هتافات بلهجة عربية فصيحة وهجينة كانت تُطلق كلّ فينة وفينة، وبطش السلاح المتطرّف يُخيّم على الأرواح هناك.
رغم ذاك كلّه.. شهد جميع أهل القرية أنّ الشاب العشرينيّ كان يجهد ليرفع رأسه طوال دقائق اقتياده في الأزقة والحارات، وكأنّهُ يحفظ للمدينة كرامتها..أو يستذكر تفاصيل جدرانها وألوان أبوابها للمرة الأخيرة، ويتأمّل ما تغيّر منذ فارقها قبل قرابة السنتين.
قامته الممشوقة كانت أطول من بعض الذين يدفعونه بأعقاب البنادق.
ابتسم لبعض من يعرفهم في القرية، ولم ينتظر ليرى إن كانوا سيردون بالمثل..كما كالَ الكثير من الشتائم لجلاديه. وصل الموكب الفوضويّ والهتاف إلى الساحة الصغيرة المكتظّة، وأعلن أحد المقاتلين بلهجةٍ عربيّةٍ محطّمةٍ "حكم الله"، ليوقَفَ فيصل بعدها مسنداً إلى حائطٍ حجريٍّ أبيض (وهو ما تتميز به بيوت الريف هناك).. المسلّحون يُكبّرون بطريقةٍ أقرب إلى الصراخ منها إلى ذكر اسم الخالق، ويبدأ احتفالٌ جنونيٌّ بالتشفي من الجسد الفتيّ، ورصاص عشرات الأسلحة الأوتوماتيكيّة تفتك به.
لم يترجلّ الشاب عن موقفه، ولم يطلب الرحمة أو يستعطف أحداً، لم يناشد أقربائه حتى..
يحكي أهلُ القرية أنّهُ كان يزدري جلاديه ويصيح فيهم حين يدفعونه بأعقاب البنادق، وأنّهُ كان ينظر في أعين الجميع وهو مسندٌ إلى ذاك الحائط.
إنّ قيمة الموقف الشجاع تبقى مشهداً إنسانيّاً جديراً بالإكبار، هكذا يموت الإنسان حيث يحبّ ويُضحي.. برأسٍ مرفوع حتى اللحظة الأخيرة!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.