تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القلمون (٢): مسيحيو يبرود في إمارة «الجزية


استهداف الاقليات في سوريا ليس بالامر الجديد في الحرب على سوريا، لكن تظهيره اعلامياً بهذه الكثافة، هو الجديد، ربما، أذكر في نهاية عام 2011 انجزنا تقريراً، عن تهجير الأقليات من بعض أحياء حمص، بعد تعرض بعضهم للقتل، بسبب انتمائهم المذهبي.
ومازال البعض يذكرون الفيديو الذي تم نشره لمظاهرات «البدايات» التي خرجت تهتف مطالبة بتهجير المسيحيين إلى بيروت.. وارسال أقلية أخرى الى الموت، وما تبعها لاحقاً من ظهور لرموز معارضة كـ مأمون الحمصي «عضو مجلس الشعب السابق» في تسجيل فيديو مهدداً «العلويين» بقتلهم ان استمروا في موالاة «النظام».

هذا الأمر حسب ما أكدته مجريات الاحداث، تباعاً، صُدر الى سوريا بهدف خلق شرخ مجتمعي على أسس طائفية ومذهبية، لأن من خطط للحرب على سوريا، يعي أن هذا الأمر على المدى الطويل أخطر على وحدة سوريا، من الحرب، فصوت المدفع سيصمت يوماً، لكن الاثار المجتمعية التي تتركها هي الاخطر.

المسيحيون والجزية

هجر المسيحيون في سوريا من عدة مناطق، لثلاثة أسباب رئيسية: إما موالاة الحكومة أو عدم الولاء للمعارضة، أو لمجرد الانتماء الديني، فحسب فلسفة الكتائب المسلحة المتطرفة لا مكان للآخر في خارطة البلاد التي يتبنون تقسيماتها.
ظهرت الجزية في بعض المناطق التي سيطر عليها مسلحو المعارضة، تحت مسميات وعناوين مختلفة، إما تحت غطاء الحماية من الخطف أو حماية الممتلكات، أو لمجرد تطبيق الشريعة كما أدعى فارضوها، هذا في بعض المناطق، لكن المنطقة الأكثر «تنظيماً» لهذا الامر، فكانت مدينة يبرود في جبال القلمون بريف دمشق.
«مجد» أحد سكان يبرود، يروي، ما وصفها بمأساته ومأساة أهل الحي الذي يقطن فيه «فرض المسلحون وقياديي "الثورة" علينا دفع الجزية منذ نهاية عام 2011، ومنذ ذلك الحين يتوجب علينا دفع مبلغ مليون وستمائة وخمسون ألف ليرة سورية شهرياً، استطعنا مفاوضتهم على عدم جبايتها مباشرة كاملة، وكنا نتكافل فيما بيننا لدفع المبلغ، هذا جل ما استطعنا فعله، فلم يكن أمامنا إلا الخطف أو القتل او ندفع الجزية».

بداية «الرواية»

دخل الخوري ذاك المكان المُعـتم، قال له الأمير مباشرة ودون مقدمات: أنا الدولة والحاكـم بأمر الله، كان ذلك قبل 720 يوم .. من اليوم.
بحسب شهادات مسجلة من الأهالي، بدأت القصة تحديداً في شهر 11 من عام 2011 يوم هاجم المسلحون المراكز الحكومية من شرطة وبلدية، ومقرات خدمية، وسيطروا عليها.كان ذلك أيام حكم صالح خضرة، الأمير السابق ليبرود والذي قتل بتفجير سيارته لاحقاً، يومها اجتمع مع الخوري جورج حداد وأبلغه أن على كل العائلات المسيحية دفع ثمن حمايتنا لهم.
حي المطاحن، حي الصالحية، محيط كنيسة قسطنطين وهيلانة (كنيسة عمرها 2000 سنة، يقول سكان البلدة أن تصميمها و حجارتها تشبه المسجد الاموي في دمشق القديمة) أحياء لطالما احتضنت غالبية مسيحيي يبرود، قبل أن يهجرها معظمهم بعد تعرض عدد من شباب هذه الاحياء للخطف عند رفض العائلات أو تأخرها في دفع «الجزية». «في بداية عام 2012 خُطف أكثر من عشر رجال في يوم واحد لم يخرجوا الا بعد دفع مبالغ تراوحت بين 300 ألف وخمس ملايين ليرة سورية، تجارياً وحياتياً، الجزية أوفر لنا من خسارة أي عزيز» هذا هو واقع الحال، بحسب ما يلخصه «مناف» أحد سكان يبرود المسيحيين.

«إسلام» يبرود تاريخياً

لا يجد أبو مصعب صعوبة في سرد وقائع تاريخية عن البلدة رغم أعوامه التي تجاوزت الخامسة والثمانين «في العام 1955 تعرض سقف الكنيسة للتصدع فقام سكان يبرود المسلمون والمسيحيون بجمع التبرعات واعادة ترميمه، وقتها لم يكن هنالك جبالات فتعاون الاهالي في رفع الحجارة وأصلحوا سقف الكنيسة الذي ما زال على وضعه حتى اليوم، آل عقيل وكبور وباشا من العائلات المسلمة التي كان لها النصيب الاكبر في المساهمة بإنجازالعمل»، هذه الكنيسة نفسها، يؤكد الأهالي قيام أحد قادة كتائب «الجيش الحر» ويدعى أسامه بتفجير صلبانها، في وقت سابق من العام 2013.

لكن أبو جورج وهو يحاول أن ينسى «بشاعة هذه الأيام» يستذكر حين حاول عدد من «الموتورين» من إحدى البلدات القريبة، الهجوم على مسيحيي يبرود أبان الثورة السورية الكبرى عام 1925، فقامت العائلات المسلمة -منهم آل حي- باستقبال مسيحيي يبرود في بيوتهم وحمايتهم.

صدمة وثبات

«لن أترك سوريا هي أرضي وتراث أجدادي، إسماعيل مازال صديقي الذي أثق به رغم اختلاف انتمائنا السياسي والديني »، يتابع «الياس»، الأستاذ الجامعي «من يقوم بايذائنا هم من «زعران البلدة» لا أهلها الذين تشاركنا معهم خبزاً وملحاً، وسيظلون أهلنا، رغم ما نشعر به من مرارة وقهر.

                                                                              ثائر العجلاني

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.