تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عن المُلك العقيم، بغلات معاوية الشهب والعربي الذي أعطاه الباي حصانا


يوما، قال معاوية بن أبي سفيان لابنه يزيد عن رجل من أحفاد علي بن أبي طالب ينافسه الحكم وكان معاوية يسجنه ويعذبه: "يا بني، المُلك عقيم، ولو نازعتني أنت على الحكم لأخذت الذي فيه عيناك"، (رأسك)
لا أثق في أحد من الحكام وأصحاب الغرائز في السلطة من السياسيين، وأعتقد أنهم كلهم مستعدون لاقتراف كل الحماقات والجرائم، بما فيها قتل الأب أو الابن والإخوة حتى بالمعنى العملي والرمزي، نحن العرب اخترعنا مقولة "المُلك عقيم"،
وتحت القتل بقليل، توجد الخيانات السياسية، حيث توجه الضربات لما تحت الحزام، وحيث، ليس فقط المكان الأكثر إثارة للألم، وإنما أيضا الخصي بكل معانيه، ونحن العرب عندنا علاقة مرضية طويلة مع السلطة، إني أعيد قراءة مقولة عبد الله بن عمر بن الخطاب عن رفيقه عبد الله بن الزبير وعصيانه لبني أمية: "إنما أعجبته بغلات معاوية الشهب"، وقتها فتن العرب في مكة ببغال السلطة ذات اللون الواحد التي بعثها معاوية بن أبي سفيان في أول حملة انتخابية لابنه يزيد، اليوم يمكن مقارنة بغال معاوية الشهب بسيارات الرئاسة السوداء. للتذكير فقط، هدم بنو أمية الكعبة بالمنجنيق الذي سيره خبراء فرس من أجل الظفر بخصمهم الذي هو في النهاية ابن عمهم وابن أسماء بنت أبي بكر الصديق وذات النطاقين التي قطعت حزامها لتغامر سرا بحمل الغذاء إلى أبيها والرسول صلى الله عليه وسلم في هربهما من مكة إلى المدينة، لم يراعوا شيئا من ذلك وسلخوا جلده، واليوم، كم من جلد تونسي يسلخ من أجل الفوز بالسلطة حتى إن كان من ذوي القربى ؟
في تاريخنا الحديث، يقول الرواة إن محمد علي، الذي تنسب إليه حداثة مصر أمر حراسه بجمع المماليك في القلعة وذبحهم، فقال له أقرب حراسه إليه إن ابنه ابراهيم معهم، فقال له: "ليس لي ابن، فالمُلك عقيم، أتمم مهمتك"،
وقبله، عندنا في تونس سيئ الذكر "مراد بو بالة"، الذي قتل أحد إخوته بأن عضه من رقبته، والآخرون بطرق أكثر فظاعة، وفقأ عيني عمه بعد أن سجنه، كل ذلك لأجل السلطة، مع التوضيح أن لقب "بو بالة" لا علاقة له بالبالة التي يستعملها عمال البناء، بل بنوع من السيوف التركية عريضة النصل،
يضرب السياسيون بعضهم اليوم بالبالة، أي السيف التركي العريض، لأن المُلك عقيم، ويبلغ الأمر حد أن يذبح الأخ أخاه من أجل "بغال معاوية الشهباء" القادمة مع الحراس المتجهمين ذوي النظارات السوداء، ويسمح لي وضعي، بصفتي صحفيا منذ ربع قرن أن أرى كيف نشأ بعضهم، ومن أين اكتسب لحم أكتافه التي تمسك البالة أو قيادة سيارات السلطة، لذلك أكره السياسيين، وأكره الأحزاب، وأحب أن ألجأ إلى ريف أهلي في دير الكاف، حيث لا أحد يقتل أحدا، حيث نحب بعضنا وليس لنا سلطة نتقاتل لأجلها.

                                                                                             كمال الشارني


إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.