عندما حدثني أحد الزملاء عن هذا الرجل الذي يشبه السنديانة المتجذرة في الأرض في قرية الصوراني التابعة لمدينة الشيخ بدر في طرطوس الغافية في أحضان الطبيعة، زاد ني الشوق لمعرفة مسيرة حياته عن قرب .
يقول المعمر أبو توفيق علي احمد ذو المئة و اثني عشر عام :"هاجرت مع عائلتي من منطقة صافيتا وتحديدا من قرية جورة شطبوش عندما كنت مراهقا ، لكني لا اذكر بالضبط كم كان عمري حينها ، وهجرتنا تمت بسبب كون والدي مجاهدا إثناء الاحتلال العثماني وكان مطلوبا وملاحقا ، ورغم الاختباء والهروب تم اعتقال والدي حيث بدأت رحلة فرارنا، إلى أن استقر بنا المطاف في قرية الصوراني كونها بعيدة ولا تتبع لصافيتا. وعلى درب الوالد شاركت في ثورة المجاهد الشيخ صالح العلي" .
أبو توفيق إنسان نباتي من الدرجة الأولى، يأكل ويشرب مما تنتجه الطبيعة مثل الهند باء والسلق وكل ما تجود به الأرض، و زيت الزيتون هو المفضل لديه.
والعم أبو توفيق، كما يقول مرتاح البال جدا " لا هم ولا غم استيقظ باكرا وامشي كثيرا ، لا مواعيد لدي ولا ساعات للراحة أو الاسترخاء. واعمل بشكل متواصل وانام باكرا".
ابو توفيق يعد من اكبر المعمرين في طرطوس، ولا يذكر من بقي حيا من جيله. حفر الزمن أخاديد على قسمات وجهه، لكن هذه الاخاديد تشكل علامات فارقة إلى كل الأجيال بضرورة العودة إلى الأرض، إلى الطبيعة، ففيها الغذاء والدواء لكل شيء، كما ختم العم أبو توفيق .
