تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد ..إعادة الإعمار.. وليس الترقيع!!

                                                                                                                                      11/2/2014

 

بعدما اتضحت قوة الدولة السورية، وبعدما تبينت قوة الجيش العربي السوري وفرضه كلمته، وبعدما ظهرت حقيقة ما يسمى المعارضة وأنه لا يمكن أبداً الاعتماد على أحد منها، وبعدما استفاق الكثير من السوريين من عاصفة التضليل الإعلامي والسياسي والدبلوماسي وعادوا إلى مفهوم الدولة وحضن الوطن، وبعدما ثبت اصدقاء سورية الحقيقيون في خندق الصمود والمواجهة إلى جانبها، لا بد من التفكير بالمرحلة التالية؛ إعادة الإعمار وبناء مستقبل سورية الجديد. وهذا المشروع يتطلب التركيز على عدة نقاط؛

أولاً، لا بد من وجود "رؤية سورية" لمستقبل سورية الجديد الفكري والثقافي والحضاري والسياسي والاقتصادي والعمراني...الخ ، تستلهم من عِبَر الماضي وتستفيد من أخطائه، تحافظ على الجيد منه وتلقي بالسيء وتنبذه، تلاحظ معطيات الواقع الراهن ومفرداته، وتؤسس للمستقبل ضمن آفاق واسعة خلاقة، تأخذ بالحسبان كل الأمور، وتستفيد من كل مراحل التطور والخبرات الموجودة وتهندس لنقل سورية ووضعها في مصاف الدول المتقدمة والمتطورة. ما نعنيه أنه لا بد من وجود مشروع سوري متطور وطموح لسورية الجديدة وأين نريد أن تكون، وكيف! وهذا يقتضي العمل من جميع أبناء سورية المخلصين لها ولمستقبل أبنائها وأبنائهم معاً وتقديم عصارة جهودهم وفكرهم لبلورة مثل هذا المشروع المتكامل.

ثانياً، كان الحديث قبل سنوات الأزمة الثلاث يدور حول خطط وبرامج إصلاحية. وكانت الدولة تخشى أي نقلة أو قفزة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية تخلخل الواقع الحياتي والمعاشي واستقرار المواطن السوري. أمَا وقد حدث ما حدث، فإن المطلوب الآن أن تتصرف الدولة وبمنتهى الجرأة والحزم، لبناء المستقبل الجديد عبر نسف كلّ الهياكل القديمة البالية التي ثبت أنها لم تكن ولم تعد صالحة للمستقبل القادم. بمعنى آخر، البناء من جديد وعلى أرضية جديدة فكرية وثقافية وقانونية واجتماعية واقتصادية وسياسية، ومنع "الترقيع" بكل أشكاله. فبعدما تحمّل السوريون ما تحملوا خلال هذه الأزمة، يستطيعون تحمّل القليل أيضاً لتحقيق نقلة نوعية في حياتهم ونحو مستقبلهم.

ثالثاً، ما تقدّم يستدعي توفير بنية وأرضية قانونية جديدة. ونقصد بدون فلسفة كلام تجديد القوانين وتحديثها واستبدال السيء والإبقاء على الجيد. والأهم من كلّ ذلك تطبيق هذه القوانين وجعل هذا التطبيق أساس المرحلة المقبلة. فاحترام القانون وأن يكون الجميع تحت سقفه، هو الأساس المتين الذي يضمن محاربة "الفساد" وسدّ الأبواب والنوافذ والثغرات التي ينفذ منها. وهذا الأمر يتطلب نشر وتعميم "ثقافة القانون" وتعلم طاعته. وبدون احترام القوانين وتطبيقها بالشكل الصحيح، لا فائدة ترجى ونعود وكأننا لم نتعلم من الأزمة شيئاً.

رابعاً، إن كل ما تقدّم يقتضي نشر ثقافة "مواطنية" جديدة، تشدد على احترام المواطن وتعزيز ثقته بنفسه وبوطنه، تعزز فهمه للمواطنة وحبه لوطنه، وتؤكد على دور الجميع في بناء مستقبل البلد ونهضته. وهذا يتطلب وضع أسس ثقافة جديدة ونشرها، تضيء على كل المواضيع التي تؤثر على/ وفي حياة السوريين، ولا تترك بقعاً مظلمة لا تلامسها ينفذ منها الأعداء كما جرى خلال الأعوام الماضية. وهذا يتطلب ايضاً إعلاماً جديداً ينهض بالأعباء ويتحملها ولا يتكيء على الإنجاز السياسي للقيادة السورية، إعلام مستنير يقود المرحلة المقبلة لا أن يسير خلفها، إعلام يصل إلى كل السوريين ويخاطبهم ويوصل كل ما لديهم من هموم ومشاكل وأفكار ومقترحات وحلول، إعلام يوصل "الرؤية الوطنية" لسورية بحق.

وهذا يعني بالمطلق الاستفادة من كل الخبرات والطاقات الوطنية السورية وعدم ترك المجال للمحسوبيات والمتسلقين والمنتفعين. لم يعد تجاهل شعار "وضع الرجل المناسب في المكان المناسب" ممكناً أو مقبولاً. لم يعد السكوت على الخطأ أو التستر عليه مسموحاً. إنها الفرصة الحقيقية لبناء سورية جديدة بكل معنى الكلمة. وهذه الفرصة تحتّم البناء من جديد وعلى أرضية صلبة متماسكة وليس "الترقيع" كما اعتدنا سابقاً.. سورية مهد الحضارات وأرض الخير والعطاء تستحق كل الخير والعطاء من أبنائها جميعاً.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.