تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من خوّلكم التحدث باسم الآخرين؟!

 


                                                                                                                                                                                             19/3/2014


اعتبرت كلمة الخليج (19/3/2014) أنه "على (دولة) قطر أن تختار نفسها وبيتها الخليجي، وعليها، وهذا مطلب شعوب المنطقة جميعاً، خصوصاً الشعب القطري، أن تتخلى عن مناصرة قوى الإرهاب والتطرف والفتنة والظلام...". قد تكون الصحيفة محقة في كلّ ما قالته، ولكن ـ وبغض النظر عن موقفنا من الحكم القطري وسياساته ـ  فمن أعطى الصحيفة الإماراتية وغيرها من المنابر الإعلامية والسياسية الحق في إملاء ما على الآخرين القيام به، أو التحدث باسمهم وتحديد مطالبهم؟!!

أيضاً، قبل فترة، وأثناء زيارة وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي لروسيا، أيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترشح السيسي لمنصب رئاسة الجمهورية المصرية، فقام المسؤولون الأمريكيون ولم يقعدوا، والحجّة أنه لا يحق لروسيا التحدث باسم الشعب المصري؛ هل حقاً؟!! لكن هؤلاء المسؤولين الأمريكيين أنفسهم، وربما بعضهم لا يعرف أين تقع سورية على الخارطة، يتحدثون منذ أكثر من ثلاثة أعوام باسم الشعب العربي السوري ونيابة عنه، ويحدّدون ويقررون ما يريد وما لا يريد، دون أن يحاولوا حتى سماعه. بل إنهم يتحدثون باسم ــ مَن أرادوا ـ من شعوب العالم، ويحدّدون ما تريده هذه الشعوب وما لا تريده؛ تحدثوا باسم الشعب العراقي والأفغاني والليبي والجنوب أمريكي والصيني والروسي... الخ، وما زالوا يقومون بذلك صباح مساء.

وأخيراً، تحدّث المسؤولون الغربيون والإعلام الغربي والأمريكي باسم شعب القرم. لا يريدون انفصال شبه الجزيرة عن أوكرانيا، مع أنّ "الشعب القرمي" قال كلمته علناً وجهاراً ولم يجرؤ أحد على الطعن بنزاهة الاستفتاء على العودة لحضن الأم الروسية. فلماذا هذا النفاق وعلى مَن يمارس الغربيون ازدواجيتهم وتضليلهم؟!

ومنذ ثلاثة أعوام وأكثر، يتحدث المسؤولون والإعلام السعوديون عن سورية وعن مصلحة الشعب السوري ويلقنونه الدروس في الديمقراطية، وكأن مملكة الجهل والقهر واحة الديمقراطية وحقوق الإنسان وساحة حرية الرأي والتنوير، مع أنّ الذي وصل الشعب السوري من آل سعود ونصائحهم ونواحهم عليه حتى الآن هو المسلحين والإرهابيين والتكفيريين وكل مجرمي العالم بهدف تخريب حياة السوريين ومجتمعهم واقتصادهم وتحطيم دولتهم. والسؤال البديهي؛ هل يحق لشخص موتور منغلق مرتجف متخلّف مثل "سعود الفيصل" أن يتحدث نيابة عن الشعوب الأخرى أو أن ينطق بأحلامها وآمالها؟!

لم يعد سرّاً أن كلّ من يتحدث باسم الآخرين ونيابة عنهم لم يقصد ولم يرد مصلحتهم، بل أراد أن يقول ويفعل ويحقق ما يريد باسمهم، وأن يجمّل كل ذلك باسمهم، ولكن هو يسعى في الحقيقة لخدمة مصالحه أولاً وأخيراً. المسألة ليست نفاقاً، فحسب، بل هي تغييب الحقيقة والواقع وفرض واقع وحقيقة أخرى تناسب سياسات هذه الأطراف وتوجهاتها ومصالحها، ولتذهب الشعوب إلى الجحيم..

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.