تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السعودية: تأكيد النفي.. إثبات؟!!

مصدر الصورة
SNS

29/3/2014

سعت وسائل الإعلام السعودية ومن يدور في فلكها في المرحلة الماضية للعمل على نفي أمرين؛ أنَّ لا خلافات داخل العائلة المالكة، وأن لا خلافات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، لكن الحرص الزائد على هذا تأكيد النفي، جاء بمثابة التأكيد المعاكس، بأنّ هناك قلق وخلافات داخل عائلة آل سعود، ومع الولايات المتحدة الحليف والشريك في المفاسد.

أولاً، موضوع ترتيب الخلافة في العائلة: من الطبيعي القول والاعتبار أنّ استحداث منصب "وليّ وليّ العهد" ليس أمراً عادياً وأنه لا يبشر ولا يشير إلى الاستقرار والاطمئنان وراء جدران القصر الملكي السعودي. وما يؤكد هذا الفهم هو ما تضمنه قرار الملك السعودي بأنه "لا يجوز تعديله أو تبديله بأي صورة كانت، ومن أي كائن كان". إذن الأمير مقرن بن عبد العزيز ولياً لولي العهد بمرسوم ملكي. ماذا يعني ذلك؟ هل الملك يخشى من الفتنة بين الأمراء السعوديين بسبب عدم أهليتهم لاختيار ملكهم المقبل؟ أمرٌ مرجّح وبقوة، وهذا ما تشير إليه عبارة لا يجوز تعديله أو تبديله. ولأن الأمير مقرن، هو أصغر ابناء الملك عبدالعزيز آل سعود، ولا ينتمي الى الاخوة السديريين، أي أبناء زوجته حصة بنت احمد السديري. وتقريب مقرن من العرش يعني منطقياً إبعاد آخرين ويعني التذمر ضمناً الآن، وربما علناً فيما بعد، لاسيما وأن الأمير مقرن يقرّب معه وفق القرار الملكي الأمير متعب بن عبد الله للوصول الى العرش. هل صحة الملك وولي عهده متدهورة؟ هذا سؤال يحمل جوابه معه؛ فصحة الرجلين في أسوأ حالاتها بعد أن وصل العمر بهما إلى أواخره.

وأمس تحدثت إحدى الصحف السعودية عن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، في إشارة إلى تسمية الأمير مقرن ولياً لولي العهد. وبناء على كلام الصحيفة؛ يبدو أنه لم يكن هناك مكان مناسب في هرم السلطة السعودية للأمير مقرن، فاضطر الملك لاستحداث مكان مناسب له!!

والحقيقة أنّ افتتاحية "الشرق الأوسط أمس (28/3/2014)" وفي غمرة التهليل للأمر الملكي، كشفت أنّ ثمة مَنْ لم يوافق على القرار من أعضاء البيعة السعودية، معتبرة(الصحيفة) أنّ السعودية "أكثر حساسية وإدراكا لأهمية التعجيل بحسم ملف انتقال الحكم، وعدم ترك هذا الأمر للصدف والمفاجآت". لكن هذا القلق مما هو قادم اخفته افتتاحية "الوطن السعودية" أمس عندما اعتبرت أنّ القراءات المحايدة للأمر الملكي، تجمع أنه "دال على كون المملكة واحة استقرار"، وأنها بعيدة عن أجواء التنازع التي تعصف بالكثير من الدول المحيطة بها، وتؤكد على "وضوح النهج السعودي في عملية التعاقب على الحكم". عن أي وضوح تتحدث الصحيفة؟! هل استصدار أوامر ملكية بهذه الطريقة يعكس وضوحاً وشفافية واستقراراً؟!!

ثانياً، الخلافات مع الولايات المتحدة: لم يعد سراً أن هناك خلافات بين واشنطن والرياض. كلمة صحيفة الرياض أمس جاءت بعنوان: مع أمريكا.. طلاق.. أم بناء علاقات جديدة؟! ولم تستطع الصحيفة رغم الفرحة بزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للسعودية، أن تقول إن الزيارة تأتي "بدون مواقف شائكة". فعنوان الافتتاحية يتحدث عن "نهايات حدية" في العلاقات بين البلدين، وهذه ليست عادة السعوديين إلا عندما يكونون محشورين. وفي التفاصيل، طالبت الصحيفة بـ"الوضوح والمكاشفة" إذا كانت للبلدين مصلحة مشتركة لأن "الظرف" يفترض ذلك، وأن الأمن السعودي يأتي أولاً. فهل كان الوضوح معدوماً في السابق، وهل في السياسة الأمريكية الحليفة ما يشكل خطراً على الأمن السعودي مثلاً؟!

لكن الجدل حول زيارة أوباما للسعودية سببه الحقيقي التغيير في الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط وفي العالم، وعوامل التباين باتت اليوم أكثر من أي وقت مضى أكبر من عوامل الانسجام بين الطرفين. وعلى السعودية أن تعتاد التغيير في الاستراتيجية الأميركية. وفي هذا السياق ذهبت الكاتبة اللبنانية راغدة درغام في (صحيفة الحياة28/3/2014) إلى حدّ اعتبارها أن زيارة أوباما هي "استفسار بمقدار ما هي زيارة جس نبض لمدى استعداد أي من الطرفين للتأقلم مع المستجدات في خريطة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية، أو الافتراق حول بعضها"، مشيرة إلى طائفة من المواضيع الخلافية، ومؤكدة أنّ الاستعراض لن يكون كافياً، والتفاهمات التامة ليست في الأفق واقعية.

وأقرّت افتتاحية الوطن السعودية اليوم(29/3/20149 بشكل غير مباشر بوجود الخلافات عندما قالت إنه "مهما تكن مناطق الالتقاء والاختلاف، فإن العلاقات السعودية الأميركية تبقى أنموذجاً لنوع خاص من العلاقات الدولية القائمة على الصراحة، ونوع خاص من الندية، لا التبعية المطلقة". وأقرّت الصحيفة أيضاً بوجود "تبعية" سعودية معينة للولايات المتحدة.

ولكنّ الكاتب اللبناني جهاد الخازن، "بقّ البحصة" في زاويته في الحياة السعودية(29/3/2014)، عندما أكد "أن الولايات المتحدة والسعودية مختلفان على كلّ شيء: على التعامل مع إيران، على قضية السلام، على التعامل مع مصر، على التعامل مع الثورة السورية... وإن البعد من أميركا غنيمة ولو كان الرئيس صاحب نوايا حسنة".

لم يعد سراً أن المملكة السعودية تدير سياسات داخلية وخارجية تمثل كارثة للسعوديين وللمحيط وللإقليم والعالم، بسبب دعم ونشر الفكر التكفيري ودعم وتمويل وتسليح الإرهابيين حول العالم. ولذلك فإن المأمول من القرارات السعودية الجديدة والتعيينات الجديدة أن تأخذ بالحسبان معالجة الوضع المزري الذي وصلت إليه سمعة السعودية وعلاقاتها ومصالحها، قبل تأثير ذلك على الآخرين، ومنهم الدول العربية.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.