تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الغرب.. "شحّاذ ومشارط"؟؟

                                                                                                               3/4/2014

بعدما بردت الرؤوس الحامية، وهدأت الأزمة الأوكرانية، يمكن التقاط عدد من النقاط المهمة التي تعكس الكثير من الدلالات:

أولاً، انتهى التهويل الأوروبي الأمريكي ضد روسيا دون نتيجة فعلية وبدأ الغرب المتعالي يتراجع عن السقوف المرتفعة التي صعد إليها. ولذلك ربما لم يكن غريباً أن تبقى رئيس الوزراء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على اتصال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبالتالي، طريقاً لعودة الغرب وتراجعه ونزوله عن الشجرة العالية. روسيا ضمت القرم وإذا أرادت فيمكنها أن تضم أجزاء أخرى دون خوف، لأن الاتحاد الأوروبي في أسوأ حالاته داخلياً واقتصادياً وعسكرياً ومجتمعياً وخارجياً؛ هل أبقت الانتخابات الفرنسية الأخيرة الستر على الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسياساته، مثلاً؟ هل وجد الأوروبيون في اجتماعهم أمس بديلاً لمصدر الطاقة الروسي الذي يعتمدون عليه، لكي يستغنوا عن روسيا ويحاصروها؟ من هنا، ليس غريباً أن يبلع الأمين العام للحلف لسانه أمس وأن يعلن بوضوح "عدم" نيّة حلفه المتداعي القيام بأي عمل عسكري ضد روسيا بأي حال من الأحوال، وأن الطريق الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للتفاهم مع روسيا.

ثانياً، أقرّت صحيفة "التلغراف البريطانية" أمس، في تقرير لافت لها، بأن الرئيس بوتين كسب الحرب النفسية ضد الغرب. هذا الإقرار مهم جداً، لأن الحرب الغربية على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية كانت حرباً شاملة؛ إعلامية واجتماعية واقتصادية ونفسية، وحتى التهديد بالعسكر دون استخدامه. الحقيقة أنّ عملية التخويف الغربي بلغت أشدها، ولكن الرئيس الروسي لم يأبه لأنه يعرف حقيقة قدراته وقدرات بلده وحلفائه، وحقيقة قدرات الغرب وحقيقة نواياهم السيئة تجاه بلاده وحلفائها. وهو كان قد عرّج على ذلك في كلمته المطوّلة قبل أسبوعين؛ الرئيس بوتين يعلم أن الغرب يظهر غير ما يبطن ويدّعي غير ما يستطيع، ودروس أفغانستان وليبيا والعراق واليمن وسورية ماثلة ولم تنسَ بعد.

ثالثاً، بعد التراجع الغربي عن مواقفه الصاخبة، وظهور اختلافات واضحة بين مصالح أطرافه بشأن الأزمة مع روسيا بسبب أوكرانيا، انعكس ذلك التراجع على المواقف العربية السياسية والإعلامية التي كانت تؤيد وتدعم التشدد الغربي ضد موسكو. فقد وجدت هذه الأطراف ـ ولاسيما السعودية منهاـ أنها أصبحت تصفّق وحيدة للحرب على موسكو. أدركت هذه ألأطراف أنّ مشاركتها في الحرب الإعلامية والنفسية لم تعد ذات أهمية أو جدوى، فانكفأت. والأصح القول، أنها رمت تحقيق أهداف بعيدة خاصة بها، عن طريق استغلال التصعيد الغربي ومحاولة الدفع به للمزيد، فيما الغرب نفسه يبحث عن تحقيق أهدافه بطرق أخرى، وغير راغب أو قادر على القيام بإجراءات تحقق مصالحه المهددة، فكيف أحلام أدواته وملحقاته العربية التي دون طموحاتها أهوال كبيرة وعقبات كثيرة! وليس من الفراغ أنّ الرئيس بشار الأسد، يؤكد خلال لقائه وفد بطريرك انطاكية وسائر المشرق أفرام الثاني كريم، أمس، "أن الدور المهم الذي تقوم به روسيا على الساحة الدولية يسهم في رسم خريطة جديدة لعالم متعدد الأقطاب".

إنها حقائق النظام العالمي الجديد، ولكن البعض ما زال يعجز عن فهمها أو يرفض تقبّلها.

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.