تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خسرت سورية أم لم تخسر؟!

4/4/2014

لم يعد سراً أن اشتراك أطراف محلية مرتبطة بأخرى عربية وإقليمية ودولية في الحرب الدائرة على سورية ليس بهدف تحقيق غايات مطلبية داخلية وإصلاحية.

لم تعد سرّية الأدوار السعودية والقطرية والأهداف المشتركة للبلدين في الحرب على سورية؛ لم تعد سرّية الأهداف ودور الحكومة التركية؛ لم يعد سرّاً دور إسرائيل وغاياتها ومصالحها في تخريب سورية وتدميرها وإزاحة قلعة الصمود العربية من وجهها بعد أكثر من ثلاث سنوات على الحرب الشرسة القاسية ضد سورية.. وبالطبع لم يكن يوماً الدور الأمريكي غائباً عن دعم هؤلاء ورعايتهم وتشجيعهم على دحر سورية. لقد كشفت حكومات السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل عن دورها وأصبح سافراً لا يحتاج إلى دليل أو برهان. هذا الدور، وهذه المخططات التي دعمتها دولٌ مثل فرنسا وبريطانيا، كانت تهدف لتحقيق غايات خطيرة في سورية.

باختصار كان المطلوب تدمير سورية بالكامل. وعندما نقول هذا، لا نعني الحجر والأبنية والمصانع والبنية التحتية السورية فقط، رغم أهمية كل ذلك وتأثيره وكلفته. فقد كان المطلوب قتل "الروح السورية" المتحررة المتأهبة للحياة؛ كان المطلوب قتل "الشخصية السورية" المستنيرة التي تجوب آفاق العالم وتنشر الحضارة والثقافة والفكر والعلوم، منذ أوغاريت وقبلها وبعدها؛ كان المطلوب قتل "الرغبة السورية" بالحياة والاعتدال والتسامح؛ كان المطلوب قتل "النمط السوري" في المجتمع والتعاون و"الغيرية" والتسامح والتكافل؛ كان المطلوب قتل "روح الإبداع" عند السوريين؛ باختصار كان المطلوب قتل روح الإنسان السوري وشخصيته، الإنسان الذي يمثل روح سورية وشخصيتها وتاريخها وحضارتها، ومستقبلها؛ من هنا كان وما يزال الإصرار على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد بأي ثمن وبغضّ النظر عن رغبة الشعب السوري في ذلك لأنه يمثل تحدّي الإنسان السوري الحقيقي؛ وباختصار فشلوا ولم ولن ينجحوا لو استمرت الحرب ألف عام أخرى.

"هل تعلمون أنه إذا حكّ السوري جلده، ظهرت تحته خمس حضارات متعاقبة؟!"

قبل أيام خاطب سماحة مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون عدداً من شباب مدينة درعا ممن عادوا إلى حضن الوطن بعد تضليلهم، وقبل فوات الأوان؛ كان اللقاء وطنياً سورياً بامتياز. كان اللقاء مع المئات من هؤلاء الشباب تأكيداً على نقاوة الدم السوري المشبع بالوطنية السورية وبالعروبة وبالحسّ العالي بالمسؤولية. أكد سماحة المفتي حسون على "المصارحة والمصالحة" والعودة إلى حضن الأم الدافئ؛ سورية الحبيبة. كان اللقاء بحدّ ذاته كافياً ليزيل كلّ التباعد والخلل الذي كان قائماً بسبب الحرب الدولية على سورية!!

نعم "المصارحة والمصالحة"، كلمتان تجسدان "السرّ الحقيقي" لسورية وشعب سورية. حاول أعداء سورية تخريب المجتمع السوري لقتل روح "المصالحة والمسامحة" التي كان وما زال يتمتع بها الشعب السوري الطيب، ولذلك ما زال الأعداء يهاجمون هذه السِّمة في المجتمع السوري. ولكن المفاجأة التي لا يعرفها هؤلاء الأعداء أن الشعب السوري هو "الأكثر ديناميكية" في العالم والأكثر قدرة على التعلم من أخطائه وأخطاء غيره، وقد تعلّم من محنته الكثير وسيفاجَأ العالم بعودته وعودة سورية وإعادة بناء وإعمار سورية أفضل مما كانت. لكنّ الأهم الآن هو ما سيُعلن قريباً من مصارحات ومصالحات على مساحات الوطن، ستقرّب من نهاية الحرب ودور الأعداء معاً. ربما بدأ الأعداء يعون تلك الحقيقة ولذلك يحاولون إطالة الحرب بأي وسيلة ومهما كلّفهم الأمر، لأنهم يدركون أنه متى تُرك السوريون وشأنهم، فإنهم سيعودون فوراً يداً واحدة وقلباً واحداً كما كانوا دائماً؛ فحضارة وتجربة وخبرة آلاف السنين لا تغيرها تجربة ثلاث سنوات ولا تنهيها محنتها.

نعم خسرت سورية الكثير من بنيتها وبَنيْها، وضحّى شعبها بالكثير من أبنائه وآماله وأحلامه كرمى انتصارها، ولكن الحرب عليها لم تحقق هدفها الأساسي والجوهري بسبب صمود سورية وبسبب صمود شعبها المستند إلى تاريخه وحضارته وخبرته، وهذا هو المهم. سورية تدرك أنها تصنع تاريخاً جديداً وتنتظر ميلاداً جديداً وفجراً قريباً ولذلك تهون الصعاب والتضحيات مهما كبُرت وعظُمت..

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.