تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عواء أردوغان الذي لا يسمعه الآخرون..!!

مصدر الصورة
SNS


بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في تركيا قلنا: فاز رجب طيب أردوغان ولكن خسرت تركيا.. بل هُزمت تركيا. والسبب أننا كنا متأكدين أن مثل هذا الشخص العصبي النزق والمتهور سيورّط بلاده في مشاكل كثيرة بعكس نظرية "صفر مشاكل" التي رفعها وزير خارجيته السابق احمد داؤود أوغلو.

وبالعودة للوقائع وتجربة السنوات الماضية قبل بدء الأزمة في سورية على سبيل المثال؛ كانت تركيا في موقع مؤثر إقليمياً عبر البوابة السورية، سواء في لبنان أو الأردن وصولاً إلى الخليج وغيره؛ وعبر البوابة السورية كان الحديث يتم عن ربط البحار الخمسة، وكان أردوغان يقول صديقي الرئيس بشار الأسد، وكانت الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والمتنوعة مع سورية قد تجاوزت الخمسين، وازدهرت العلاقات في جميع المجالات ولم تقتصر على العلاقات السياسية والاقتصادية، وكانت الآمال تكبر والشعوب يسيل لعابها للرخاء القادم! وفجأة انقلب أردوغان وبدّل أولويات الوفاق واتجه لتخريب هذه العلاقات، عبر تمويل وتسليح الإرهابيين لتدمير سورية وأخونة مصر والمنطقة، لتحقيق طموحاته السلطانية العثمانية السلجوقية!!

والسؤال: أين أصبحت تركيا بعد سنوات الازدهار تلك؟! ماذا حققت حملة أردوغان على سورية؟ بالحرب خسر ويخسر الجميع. وهذا ينطبق على علاقات حكومة أردوغان الخارجية الأخرى مع كل دول الجوار التركي بدون استثناء ــ ومع الأبعدين أيضاً. لكن المهم هو انعكاس سياسات أردوغان على الداخل التركي ومكونات الشعب والمجتمع التركيان؛ لقد اصطدم أردوغان مع أغلب مكونات الشعب التركي وإن لم يكن ذلك في فترة واحدة؛ العلمانيون والشباب، المثقفون واعتبر هؤلاء همج رعاع، ومع مكونات المجتمع التركي؛ العلويون والأكراد وقسم كبير من السنّة، والأهم مع حلفائه السابقين أي جماعة الداعية الإسلامي فتح الله غولن. ولعل السبب الأساسي لذلك، هو  النفاق والكذب والتضليل الذي يمارسه أردوغان على الجميع للوصول إلى أهدافه وغاياته المناقضة بالتأكيد لمصالح الشعب التركي؛ في الحديث عن الديمقراطية والحريات وممارسة أقصى درجات التضييق والقمع؛ في رفع شعار مكافحة الفساد فيما الفساد ينخر في أجهزته وحكومته؛ في الحديث عن السلام مع الكرد فيما حكومته تقصف الشعب الكردي وتتحالف مع تنظيم "داعش" لمحاربتهم وسلب حقوقهم... الخ.

وتكمن مشكلة أردوغان الأساسية في أنه يعتبر نفسه فوق الجميع، ويظنّ أنه رئيس لجزء من الأتراك فقط، هم مؤيدوه، وكان ذلك واضحاً في خطابه الاستعلائي التحقيري للمعارضة التركية، ومن خلال الحديث الطائفي الذي كرره في فترات سابقة وأدمن عليه ولاسيما أثناء الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة، حيث فاحت رائحته وأزكمت الأنوف. وهؤلاء جميعاً فقدوا ثقتهم "بالرئيس أردوغان" وإن على مراحل متتالية وليس دفعة واحدة، حتى أن الكثيرين اعتبروا أن فوزه بالرئاسة التركية لم يكن بسبب محبة الناس له أو قناعتهم به وبحزبه وسياساته، بل بسبب ضعف المعارضة وتشتتها، والانحياز "المضلل" لقسم كبير من الكرد له بسبب عملية السلام التي كانت قد بدأت، والوعود الوردية التي قطعها لهم.. وقد تغيّر كل شيء الآن وذاب الثلج وبان ما تحته!

ومع الكرد ـ ولأن حبل الكذب قصير وإن طال الزمن ـ فإن المأزق الذي وضع أردوغان نفسه فيه هو علاقته مع هذا الجزء والمكون الأساسي من الشعب التركي. أردوغان ببساطة خدع الكرد ليتمكن من الفوز بالرئاسة، ومن ثم نسي كل وعوده واتفاقاته وتعهداته. وأتت المعارك في "عين العرب" السورية لتضع النقاط على الحروف وتفضح أردوغان وحقيقة مواقفه المعادية لأي حقوق مشروعة للشعب الكردي. والأسوأ من ذلك هو التحالف التركي الأردوغاني مع تنظيم "داعش" الإرهابي المجرم لضرب الكرد وقتلهم أو تهجيرهم من مدنهم وقراهم.. وما تصريحات أردوغان الأخيرة بشأن خطر الكرد على الأمن القومي التركي، ومن ثم قيام الطائرات التركية بضرب مواقع حزب العمال الكردستاني إلا نعيٌ مباشر لعملية السلام التي كانت قد بدأت بين الحكومة التركية والكرد. إلى أين من هنا؟!

بالمحصلة، أردوغان يستعدي الجميع في الداخل والخارج وباستثناء موقف "قطر العظمى" وسياسات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الانتهازية في الخارج وعدد من المنتفعين من سياساته في الداخل، فإن تركيا ـ أردوغان ـ حزب العدالة والتنمية، أصبحت عبئاً على الجميع وجزء من المشكلة، بل هي المشكلة كلها. تركيا ـ أردوغان تمارس سياسة تخريبية مفلسة منذ عدة أعوام ولكن نتائجها الدامية والتخريبية والمميتة بدأت تتضح في الفترة الأخيرة بشكل أكثر جلاء والجميع منزعج وكاره وينتظر الخلاص من هذا القرف والأذى.

تركيا في خطر.. صراخ أردوغان يملاً الأجواء والأماكن.. صدى كلماته يرتد كثيراً، ولكن من يبالي بنباح كلب أهلكه الجوع والمرض؟!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.