تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المنطقة إلى أيـن بعدما عـرض الجميع عضلاتـه؟!

مصدر الصورة
SNS


6/11/2014


قبل قرابة أربع سنوات ملأ الضجيج الإعلامي العالم بقرب سقوط "النظام السوري"، كان الجميع يتشاطر لتحديد الموعد الأقرب لنهاية هذا النظام، وكان المقصود انهيار الدولة السورية بمؤسساتها وجيشها ومجتمعها وبالتالي حكومتها وقيادتها. من يذكر تلك المرحلة وما تلاها، وأوهام الغرب وبعض العرب ودول الجوار بتخلي حلفاء سورية عنها والأمل بسرعة سقوطها، يعلم، كم كان هؤلاء واهمون وضالون؛ سورية فاجأت العالم من كل النواحي.

الآن تغيرت الموازين، راجع الكثيرون مواقفهم وخطواتهم وأدركوا أنهم ذهبوا بعيداً جداً. لم تنتصر سورية بعد بالمعنى المباشر للكلمة، ولم تنته أزمتها لأن الحرب كبيرة والمعركة خطيرة ومستمرة، ولكنها بدأت تلوي أذرع الأعداء وتدفعهم للتراجع؛ أي دولة تستطيع أن تقاوم وتصمد أمام هول حرب مسعورة كهذه التي تُشنّ على سورية؟! أمس عملية أمنية صغيرة في السعودية، اربكت المملكة المهتزة ونظامها وأدت إلى إقالة وزير إعلام النظام السعودي عبد العزيز خوجة.

الصمود السوري أوقف تقدم الحلف الاستعماري القديم ـ الجديد، فاضطر الجميع لإعادة حساباته. وعلى هذا الأساس كانت المواقف تتغير تباعاً. من يحارب سورية بدأ يدرك أنه يهدم حائط الدفاع الأول والأساسي عنه؛ سورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم الذي يدعم الإرهاب ويحاربها؛ ولنأخذ مثالاً مما يجري الآن من خلال حرب التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على تنظيم الدولة الإسلامية ـ "داعش"؛ لنفترض جدلاً أن سورية سقطت ـ لا سمح الله ـ أمام تنظيم "داعش"، ما هي الخطوة التالية له إن لم تكن احتلال الأردن ولبنان والسعودية والكويت... ولاحقاً تركيا؟!

المنطقة تسير نحو تطورات كبيرة ونوعية جديدة؛ قطر محاصرة بجزيرتها وسياساتها ومُدانة علناً بالإرهاب تمويلا ودعما وتسليحا وترويجاً؛ اليمن يخرج من العباءة السعودية أكثر فأكثر، بعدما أخرجت هي عماله وفقرائه من أعمالهم وطردتهم خارج أرضها، فتجد الأخيرة نفسها غارقة في مأزق سياساتها وتدخلاتها وثقافتها وسلوكها ونظامها، وهي في حالة دفاعية بحتة وترتجف من أبعاد "الاتفاق" الأمريكي الإيراني ـ الزوج الأمريكي الذي خانها مع عدوتها اللدود؛ الاتفاق المقبل بدأ التحضير له في عُمان ويتم الإعلان عن استكماله لاحقاً في عُمان؛ ماذا يعني أن تشارك مسقط وتشهد وتبارك ـ من خلف ظهر السعودية ـ الاتفاق الجديد؟! لم ولن تستطع إسرائيل والسعودية إعادة المارد الإيراني إلى القمقم؛ كل ما يستطيعان فعله هو تأخير خروجه بالكامل.. هل يعني شيئاً أنّ حزب الله يتحدى الكيان الإسرائيلي بشكل كامل ويخلق لديه نوعاً من الرعب والخوف والإحباط والقلق المستمر؟! الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجعجع منذ بداية الأزمة السورية، فماذا حصد غير الفشل والخيبات المتلاحقة والتراجع في الاقتصاد والعلاقات الإقليمية والدولية؟! لماذا يذهب الملك الأردني عبد الله الثاني كل فترة إلى روسيا لو لم تكن مفاصله ترتجف من غدر أمريكي وشيك؟! كل من كان ينتظر أن تصرخ سورية أولاً صرخ هو وتراجع وانحدر.

باختصار فإن ما يجري الآن هو الانتهاء من مرحلة الخداع الكبيرة التي عاشها العالم بشأن سورية وشعبها وجيشها وقيادتها؛ ما يجري الآن هو عودة الجميع إلى أحجامهم الطبيعية ومقاساتهم الصغيرة غير المنفوخة بالإعلام والمال.. ولكن المهم هو ظهور هذه الحقيقة واضحة كالشمس؛ ماذا يثير وزير الخارجية السعودي أكثر من الضحك والسخرية والقرف عندما يتحدث عن الحريات والديمقراطية في سورية! ماذا يحصد أردوغان بعدما أعتبر أكثر من ثلثي الشعب التركي حثالة وقطاعي طرق ولصوص.. وما شابه؟! ماذا تشكل تصريحات الملك الأردني أو النائب وليد جنبلاط او سعد الحريري، أو ما تبثه قناة جزيرة قطر؟!

في المعارك الكبيرة التي تحدد وجهة العالم والعلاقات الدولية، لا يصمد غير الكبار، وسورية ـ رغم الجراح ـ أثبتت أنها كبيرة جداً وعالية وعتية بشعبها وجيشها وقيادتها وأصدقاءها.. أفلا يعقلون؟!

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.