تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد: دول الخليج.. متى الانفجار؟!!

مصدر الصورة
SNS


8/11/2014

        لم يعد القلق الخليجي مكتوماً وسرياً وممكناً تغطيته. الخوف والقلق الخليجي بادٍ وسافر ولم تعد عبارات المجاملة والود ـ النفاق ـ التقليدية قادرة على إخفاء الخلافات والتصدعات داخل البيت الخليجي. ولم يعد السؤال هل يمكن أن تنفجر دول مجلس التعاون الخليجي أو يمكن أن تنتهي ظاهرة هذه المحميات، بل أصبح السؤال متى وكيف وكم هي الخسائر؟ وإذا أمعنا النظر في المشاكل والتحديات ((challenges التي تواجهها هذه الإمارات في عالم اليوم القلق، ووضع المنطقة المهتز، لأمكن الاستدلال أنه مع أول عاصفة تهبّ سوف تتزعزع بنيان هذه المجموعة غير المتجانسة وغير المستقرة؛

أولاً، المشاكل الداخلية؛ تعاني معظم محميات الخليج من مشاكل داخلية ذاتية دينية وتعليمية واجتماعية وتربوية وثقافية وفكرية... الخ. وهذه المشاكل ناجمة بمعظمها عن الانفصام الذي تعيشه هذه المحميات بين طموحات شعوبها وتطلعها إلى الحياة والتقدم والانعتاق الذي يعيشه العالم، وبين الواقع الذي تفرضه نظمها السياسية والدينية. وهذا واضح في مجتمعات البحرين والكويت وبشكل أوسع في السعودية على سبيل المثال.

في السعودية، مثلاً، كتب الكاتب السعودي جمال خاشقجي "نحن لا نساعد السوريين لأنهم سنّة، وإنما لأنهم يريدون الحرية" (صحيفة الحياة8/11/2014). هل هذا النفاق ـ الغباء، يثير الضحك أم السخرية أم البكاء؟! إذا كان مجلس الشورى في السعودية، أوصى بالأمس بـ"السماح للمرأة السعودية بقيادة للسيارة واشترط أن لا يقل عمرها عن 30 عاما وأن يكون لبسها محتشما ولا تضع أدوات التجميل "المكياج"، فعن أي "حرية" يتحدث الخاشقجي وبيته من زجاج وهو من منظري النظام السعودي؟! هذا النفاق والتضليل هو أحد الأسباب الأساسية التي ستؤدي إلى تمزق الخليج وضياعه؛ الهروب من المشكلة؛ الناس لم تعد غائبة عن الحقيقة، الناس تريد الحياة، الناس في السعودية وسورية والبحرين وغيرها تعرف حقوقها ولا تحتاج لمنافق دجّال أو متخلف مثل الخاشقجي ليعلمها ويتحدث باسمها. وهناك أصوات حقيقية ولها دورها ومسموعة في الخليج والسعودية تحديداً، تعي خطورة التضليل الذي يمارسه الخاشقجي وأمثاله تارة باسم الحريات والديمقراطية، وتارة باسم الدين، وتارة أخرى باسم المساعدات الإنسانية..

ثانياً، المشاكل والتحديات البينية: تعاني محميات الخليج من مشاكل بينية كثيرة لم تعد عبارات "الود والإخوة" قادرة على تغطيتها؛ الخلافات أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية وأجندات وعلاقات وتوجهات مختلفة؛ قطر والسعودية، قطر والبحرين؛ قطر والإمارات؛ السعودية وعُمان، دول الخليج كلها واليمن، دول الخليج والعراق... الخ. هي ليست خلافات بسيطة، هي حروب مستترة في بعض الأحيان وظاهرة ومكشوفة في أحيان أخرى؛ قمم مجلس التعاون الخليجي أصبحت قمماً لحل الخلافات والتقريب بين وجهات النظر وليست قمماً للتعاون والازدهار كما يفترض. وبعد عقود على وجوده، فشل مجلس التعاون في تحقيق أي تعاون فعلي يتخطى البيانات التي يكتبها. أي تعاون ذاك وثلاث دول تسحب سفرائها من قطر؟! والمضحك المبكي أن جولة أمير الكويت أمس على قطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة ليست لتطبيق الاتحاد أو للاحتفال بالبدء باستخدام العملة الموحدة مثلاً، بل لإطفاء الجمر المتّقد قبل القمة الخليجية القادمة؛ الأمل الآن ألا تنفجر الخلافات في أي لحظة فتنفجر القمة، والأمل أن يتم تأجيل إعلان موت مجلس التعاون قدر الإمكان.

ثالثاً، التحديات الخارجية: هذه التحديات كبيرة ومتعددة سياسية واقتصادية وديمغرافية وعسكرية... الخ. ولكننا سنركّز على اثنين منها؛ الأول النمو الإيراني، والثاني خطر التنظيمات الأصولية.

النمو الإيراني السريع يشكل هاجساً ورعباً لمعظم محميات الخليج. الإيرانيون بنوا ويبنون دولتهم وفق أسس عصرية متطورة تواكب أحدث أنواع العلوم والحضارة.. وليس ذنبهم أن لديهم /5000/ عالم في الرياضيات مثلاً، ولا أنهم يعتمدون على أنفسهم في تطوير قدراتهم التكنولوجية والعلمية ويسعون لبناء علاقات أوسع وأشمل مع المحيط والعالم، فيما الخليج يغط في نوم عميق وخلف فضائيات الردح والشتائم.

القلق الخليجي أيضاً من العلاقات الإيرانية الجديدة مع الولايات المتحدة؛ ستكون على حسابهم بالـتأكيد، إلا سلطنة عُمان. إيران موجودة في العراق والبحرين واليمن وغيرها. إيران تدعم اليمن، والسعودية بالمقابل، تطرد /200/ ألف عامل يمني، كيف لا تقلق السعودية؛ إيران تساعد العراقيين وتمدّهم في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والسعودية تسلّح وتمول الداعشيين والتكفيريين، فكيف تستقيم الأمور؛ إيران لديها مؤسسات وبرلمان منتخب ورئيس منتخب والنظم الخليجية تجهل وتعادي كل ذلك! كيف لا تشكّل إيران قلقاً ورعباً لهؤلاء؟ ولماذا لا تختار واشنطن التعاون مع طهران بدل مجموعة من المتناحرين والمتخلفين المنغلقين على أنفسهم؟!

وهذا ما يؤكده يوشكا فيشر (وزير خارجية ألمانيا في الفترة من 1998-2005) في مقاله في صحيفة الخليج الإماراتية(08/11/2014) حين يقول: "ومن المستحيل تجاوز إيران في البحث عن حلول للأزمات العديدة التي تعيشها المنطقة. وفي الكفاح ضد تنظيم ’داعش’، حتى إن التعاون العسكري المحدود بين الولايات المتحدة وإيران لم يعد أمراً غير وارد".

والتحدي الخارجي ـ الداخلي الثاني هو خطر التنظيمات الأصولية. فأفراد هذه التنظيمات التي ترسلها دول الخليج للخارج سيعودن قريباً ويرتدون على دولهم. وهذه الدول ليست بيئة حاضنة فحسب، بل هي ولّادة للإرهاب بسبب ثقافتها المنغلقة وبيئتها وطرق تربيتها وتنشئتها لأبنائها. وعندما يبدأ هؤلاء الإرهابيون الذين تدربوا وتمرسوا في القتال بممارسة نشاطاتهم الإرهابية، فلن تستطيع محميات الخليج الصمود أمامهم. ولا يهم حينها من تتهم هذه المحميات أو كيفية تبرير ما يحصل داخلها. هل تأخرت هذه الدول بمحاولة إنقاذ نفسها؟! ربما كثيراً جداً، فهي لم تعد تجد من يناصرها أو يدافع عنها، وهي غير قادرة على الدفاع عن نفسها.. على الأقل الآخرون منشغلون بأنفسهم.. أما واشنطن فترقص في عرس آخر.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.