تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محمد قجة... الباحث الحلبي الموسوعي

مصدر الصورة
SNS - بلدنا

 

محطة أخبار سورية

«أهواك يا حلب الشهباء فاقتربي وعانقيني لأرقى فيك للشهب إن فاخر القوم في أرض وفي نسب  إذاً لفاخرت أني اليعربي الحلبي» هي بضعة أبيات للباحث والأديب والمثقف الحلبي محمد قجة، كتبها تعبيراً عن حبه لمدينته العريقة التي انصهر فيها فعاشت فيه، هو عاشق نهم للقراءة، حيث تحوي مكتبته المنزلية ما يزيد على اثني عشر ألف عنوان، عدا عن مؤلفاته التي تجاوزت العشرين كتاباً في الدراسات الفكرية والتاريخية والأدبية حول بلاد الشام والأندلس، كما ألقى 300 محاضرة في أكثر من 46 دولة حول العالم، إضافة إلى نشر العديد من الدراسات والمقالات والأبحاث في مختلف المجلات والجرائد السورية والعربية...

ولد محمد حسن قجة في 17/12/ 1939 في مدينة حلب لعائلة عريقة، كان لجده الخامس محمد دور في انتفاضة أبناء المدينة الاجتماعية ضد المظالم في عهد الوالي العثماني خورشيد باشا، عاش طفولته كمعظم الأطفال في تلك الأحياء الشعبية، وكان الكتاب مدخله الأول لنهل العلم والمعرفة من خلال دروس تحفيظ القرآن، ومن خلف نظارته يتذكر قجة بابتسامة هادئة «الخيزرانة» التي كان يستخدمها ذلك الشيخ في عملية التحفيظ، والتي كانت حسب قوله تؤتي فعلها ..بعد سبع سنوات على ولادته، نالت سورية استقلالها لحظات محفورة في ذاكرته، يقول عنها: «كنت حينها مع والدي في محله الواقع في جادة الخندق، حيث شاهدنا العرض العسكري الذي أقيم بمناسبة جلاء المستعمر الفرنسي، كما أذكر جيداً ذلك الضابط السوري الذي أطل من إحدى المصفحات مؤدياً التحية العسكرية للجموع، وهو الملازم  محمد عادل ميري رئيس فصيلة المصفحات الدركية حينها رحمه الله، والذي أصبح أحد أصدقائي في ما بعد. أما المشهد الآخر الذي أذكره، فكان في العام 1947 وبالتحديد في تلك الحديقة التي كانت موجودة في منطقة بناء الأزبكية، عندما اصطحبني والدي إلى هناك لرؤية الشاعر عمر أبو ريشة بقامته الشامخة العملاقة الجميلة، يلقي قصيدته الشهيرة ياعروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب»... تدرج في تحصيله العلمي متنقلاً بين حلب ودمشق والجزائر، فنال شهادة دراسات عليا في تاريخ الأندلس وبلاد الشام من جامعة الجزائر، وإجازة في الأدب العربي، ومؤهلاً تربوياً من جامعة دمشق، قبل أن ينخرط في الحقل التربوي بين مدرساً للغة العربية ومديراً لعدد من المدارس الثانوية الحكومية والخاصة، إلا أن المحطة الأبرز كانت عمله مديراً لثانوية المأمون العريقة، فيقول مستذكراً: «شاءت المصادفة أن أكون مديراً لها في العام ذاته لمرور الذكرى الماسية لتأسيسها (75 عاماً)» وعن علاقته بمدرسّيه الذين أصبحوا زملاء له، يقول: «كنا نعيش علاقة صداقة واحترام ومودة عالية، كما أذكر جيداً أنه في تلك المرحلة لم يكن هناك ما يُعرف بالدورات والدروس الخصوصية وصرف آلاف الليرات، وإن لزم بعض الدروس الإضافية كانت تعطى مجاناً»...انطلق محمد قجة في حقل الإعلام والصحافة، حيث كان له الكثير من المشاركات من كتابات ومقالات وإعداد برامج في عدد من الصحف والدوريات والإذاعات والتلفزات المحلية والعربية، منها على سبيل المثال ترؤسه لجنة الإعلام الصحي في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، عمل خلالها على إنشاء صحيفة أسبوعية خاصة بالقضايا الصحية بعنوان «الصحة الشرقية» قبل أن يتفرغ للبحث العلمي مطلع التسعينات. ويصف قجة أنه مرّ في هذه المرحلة بمحطتين مهمتين قائلاً: «المحطة الأولى هي رئاستي جمعية العاديات حتى الآن وهي جمعية أهلية تعتبر الأقدم ليس فقط في سورية وإنما في الدول العريبة جميعاً،  أما المحطة الثانية، فهي اختياري لأكون أميناً عاماً لاحتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، التي ما زلنا مستمرين في نشاطاتها حتى الآن، على الرغم من مرور خمس أو ست سنوات. هذه الاستمرارية تتمثل بطباعة بعض الندوات التي أقيمت ضمن فعاليات الاحتفالية وتبلغ 27 ندوة، فيما يتم التحضير حالياً لطباعة ما تبقى منها، إضافة إلى أننا قمنا بطباعة 176 كتاباً، كما شارك قرابة الـ 1000 باحث سوري، عربي، وعالمي، إضافة إلى نسختين عربية وإنكليزية لكتاب يوثق كل ما حدث خلال الاحتفالية...». لمحمد قجة عدد من النشاطات الداخلية والخارجية حتى الآن، نذكر منها: عضو الجمعية السورية لتاريخ العلوم، عضو لجنة حماية حلب القديمة، عضو لجنة ترميم وتوثيق الجامع الأموي الكبير في حلب، أمين عام احتفالية حلب عاصمة الثقافة الإسلامية، رئيس لجنة السجل الوطني للتراث الثقافي غير المادي، رئيس جمعية العاديات في سورية إلى الآن، ورئيس تحرير مجلتها الدورية، عضو مجلس الأمناء في مؤسسة العلوم والتكنولوجيا في بريطانيا، عضو مجلس إدارة متحف المخطوطات في مكتبة الاسكندرية، عضو مجلس الأمناء في جامعة إيبلا، عضو اتحاد الكتاب العرب والآثاريين العرب والجمعية السورية لتاريخ العلوم... أخيراً، يرى قجة أن الوضع الثقافي المحلي حالياً إنما يتموّج بين مظاهر إيجابية وأخرى سلبية، معتبراً أن ما يحدث من حراك ثقافي غير كاف، فيوضح قائلاً: «هذا الواقع الثقافي بحاجة إلى إعادة هيكلة وبرمجة على مستوياته كافة، سواء الرسمية ممثلة بوزارة الثقافة والمؤسسات التابعة لها أو بمستواها شبه الرسمي الممثل باتحاد الكتاب العرب أو بمستواه الأهلي، كي نتمكن من مواكبة العصر وتحقيق الريادة في هذا المجال، وعدم الاكتفاء بأن تكون سورية متلقية للمنتوج الثقافي العربي، بل منتجة له أيضاً. ففي السابق كان يقال إن مصر تكتب، ولبنان يطبع، وباقي الوطن العربي يقرأ، لكن اليوم اختلفت المعطيات ونحن قادرون على حجز مكان مميز لنا على الساحة الثقافية، كما يجب في رأيي تقوية العلاقات التبادلية، خاصة في مجال الدوريات والمجلات الثقافية، بين مختلف الدول العربية؛ فعلى سبيل المثال: من النادر أن تجد دورية مغاربية في الأسواق السورية، فيما ترى الدوريات المشرقية منتشرة بشكل جيد في دول المغرب العربي..». 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.