تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوراق ..ثقافة مأزومة ‏

 

تنشغل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية، منذ أكثر من عام بالأزمة الاقتصادية تتداول بأرقامها وآثارها آفاق المستقبل، ولكن قلة من أصحاب العقول النظيفة، تبحث فيما هو تحت هذه الأزمة، أي الجوانب الروحية والثقافية، المسببة أو التي تكون بمثابة خلفية للأزمة. فقد جاءت الأزمة على خلفية الاندفاع العارم للرأسمالية المتوحشة التي خاضت حروباً ولاتزال، ورفعت جميع القيود القانونية والأخلاقية عن أساليب الربح، أو حملات نهب ثروات الشعوب وإذلالها، كما حدث في العراق، وسواه، ولاسيما في الشرق الأوسط، وليس من النادر أن تمارس وسائل الإعلام الغربية سياسة إغماض العيون، عن الجوانب التي تبدو غير مرئية، أو صعبة القياس بالأرقام. ‏
 
فمن النادر أن يرمي الحديث عن الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة مثلاً، تروج لثقافة الحروب والدمار والاستباحة، باعتبارها الأسلوب الأمثل لنشر ديمقراطية مزعومة، بعد أن تجعل الحروب البلدان التي تستهدفها أرضاً يباباً، وتحويل شعوبها إلى مجاميع تئن تحت وطأة محن كبرى وأشكال لا تحصى من التمزيق المتعمد لثقافتها ونمط حياتها وذاكرتها التاريخية. ‏
 
ورغم جميع الأزمات والكوارث، لم تجر عملية إعادة النظر، بكل ما جرى، رغم فشل المشروعات الأميركية في الشرق الأوسط، والانحسار النسبي لموجات الهيمنة بالقوة المدمرة والقاتلة، هذا إذا لم نتحدث عن ضرورة الاعتذار من الضحايا وتقديم التعويضات لهم، فقد أدى الفشل الأميركي إلى نتيجة واحدة، هي إدارة الأزمات بطرق جديدة، لحماية من تبقى من هذه المشروعات ويعكس هذا من أحد الجوانب، وجود مركزية عقلية تعاني من الخلل الفادح مستندة إلى ثقافة ترى في الآخر، وهو هنا شعوب الشرق، مجرد مادة هلامية لتحقيق الانتصارات حتى لو عنى ذلك ارتكاب جرائم الإبادة الشاملة، كما يفعل الكيان الصهيوني، دون رادع، أو موقف جدي يتخذه الغرب، الذي يساند هذا الكيان في كل الجوانب. ‏
 
لا يمكن للقيم الأخلاقية أن تسقط بشكل كلي عن السياسة، إلا إذا كانت الأخيرة تشبه آلة عمياء تحصد الرقاب دون حساب يوخز الضمائر. ‏
 
لعل أفضل من كتب عن هذه الثقافة المتأصلة في الغرب، المفكر العربي الراحل «إدوارد سعيد» الذي بحث في تلافيف هذه الثقافة وكيف تتم عملية إنتاجها وإعادة الإنتاج في العقل الغربي، وهي ثقافة كانت ومازالت، للأسف، تسعى إلى الخروج من مآزق الغرب، على حساب أغلبية شعوب الأرض في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.