تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لا تتوقعوا الكثير من أوباما ولا تنجرّوا وراء مبادرات جديدة

مصدر الصورة
مجلة البيادر السياسي المقدسية

 

لا تتوقعوا الكثير من أوباما ولا تنجرّوا وراء مبادرات جديدة

 بقلم رئيس تحريرمجلة البيادر السياسي المقدسية: جاك خزمو

 

 

 

 
 
لا يستطيع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن يحقق الكثير من أهدافه وتطلعاته خلال ولايته الرئاسية الحالية والأولى، ولا يستطيع أن يغيّر السياسة الأمريكية أو التخلص من إرث سلفه جورج بوش الابن بسرعة، ولهذا يجب أن نكون واقعيين، وألا نبني آمالاً كبيرة على الرئيس أوباما الذي هو نفسه يتعرض إلى مضايقات وضغوطات من اللوبي الصهيوني القوي والمتنفذ في أميركا.
لقد طلب أوباما من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خلال لقائهما الرسمي الأول في البيت الأبيض وقف الاستيطان والكف عن بناء مستوطنات، وقيل إن اللقاء كان "فاتراً"، ولكن ما طلبه أوباما ليس كافياً، فليس المطلوب فقط هو وقف الاستيطان، أو وقف الإجراءات القمعية بحق شعبنا الفلسطيني، بل المطلوب أن يقول أوباما لنتنياهو: "عليكم تطبيق قرارات الشرعية الدولية جميعها الصادرة منذ عشرات السنوات وأهمها القرار 242 الذي يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن كافة الأراضي العربية المحتلة في عدوان حزيران عام 1967، لأن الاحتلال الإسرائيلي لهذه الأراضي هو المشكلة الأساسية الآن، وإن انتهى الاحتلال فإن خارطة الشرق الأوسط السياسية ستتغير نحو الافضل"، ولكن الرئيس أوباما طالب باستحقاق بسيط ، وعليه أن يطالب بالاستحقاق الإسرائيلي الأساس وهو إنهاء الاحتلال.
وقف الاستيطان أو بناء المستوطنات هو أمر ضروري ومطلب مهم، لكن نتنياهو لن يصغي إلى هذا المطلب تحت شعار أنه مضطر لتوسيع المستوطنات الحالية للتماشي مع النمو الطبيعي لسكان هذه المستوطنات، وسيدخلنا جميعاً في متاهات عديدة أولها أن هناك مستوطنات شرعية وغير شرعية، وأن الحكومة الإسرائيلية ستعمل على إزالة البؤر الاستيطانية غير الشرعية، وهذا قد يأخذ وقتاً يصل إلى عدة شهور، فيتلهى العالم بمتابعة هذه الإجراءات الإسرائيلية "الكبيرة جداً" لإزالة هذه البؤر، والمواجهة "المزيفة" بين المستوطنين والقوات الإسرائيلية لإيهام العالم أن ما يقوم به نتنياهو هو تنازل كبير وخطوات مهمة من أجل مسيرة السلام، مع أنه في الواقع يعزز من الاستيطان القائم من خلال منحه شرعية ليس من الحكومة الإسرائيلية وحدها، بل من قبل العالم.. ويجب ألا ننسى رسالة التعهد التي بعث بها الرئيس السابق بوش لرئيس وزراء إسرائيل في نيسان عام 2004 والتي حافظت على بقاء المستوطنات الكبيرة أو ما يسمونها بـ "التجمعات الاستيطانية الكبيرة"، وعدم العودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967، ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والقدس هي عاصمة إسرائيل.
ماذا يستطيع أوباما أن يغير من هذا التعهد الرسمي؟ لا يستطيع سوى طرح مبادرة خاصة به لن تختلف في الجوهر عن المبادرات السابقة، بل سيكون سقفها أقل من سابقاتها، وبالتالي نقدّم الكثير من التنازلات للجانب الإسرائيلي في سبيل دفع المسيرة السلمية إلى الأمام، وفي الوقت ذاته نحصل على تعنت أكبر وصلف وقح من الجانب الإسرائيلي..
لا نريد من أوباما أن يحقق لنا كل شيء وخلال فترة قصيرة، ولكن ما هو مطلوب أن يقف موقفاً حيادياً يطالب من خلاله جميع "الأفرقاء" (الأطراف) احترام قرارات الشرعية الدولية، ومن لا يحترم هذه القرارات يجب أن يواجه بعقوبات حتى ولو كانت الدولة المنتهكة للقرارات الشرعية إسرائيل، لأن لا دولة في العالم فوق القانون الدولي أو قرارات الشرعية الدولية.
صحيح أن أوباما يواجه اللوبي الصهيوني القوي على الساحة الأمريكية، ولذلك عليه أن يحسب كل خطوة يقدم عليها بصورة صحيحة، وعليه أن يكون حذراً أيضاً لأن العداء لهذا اللوبي ليس بالسهل بل هو خطير جداً، ولذلك فإن المطلوب أو المرغوب منه أن يقول الحقيقة أمام شعبه وخاصة أنه يتمتع بشعبية كبيرة، وأن يكشف عن الحقيقة بأن من يعرقل السلام هي حليفة أمريكا في الشرق الأوسط ، وان هذه الحليفة هي التي تضع مصالح أمريكا في الشرق الأوسط تحت طائلة الخطر، وهي التي توتر المنطقة وتقيّد السياسة الأمريكية في قول الحقيقة حتى تبقى لصالح اسرائيل أولاً وأخيراً.
ليت أوباما يبدأ بشرح الموقف الصحيح في منطقة الشرق الأوسط ومناقشته بصورة حيادية وهادئة أمام شعبه ويطلعه على الحقيقة، وليت الإدارة الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لوسائل الإعلام لنقل الحقيقة في المنطقة وألا تكون منحازة لإسرائيل، وإذا قام بذلك فإنه سيُحرج اللوبي الصهيوني وسيضعفه.
لذلك علينا أن نساعده في ذلك من خلال وحدة الموقف العربي تجاه إسرائيل فقط ، وعدم الهرولة وراء أي مبادرة، فيكفي القضية الفلسطينية، والصراع مع إسرائيل، مبادرات، والمطلوب التمسك بمبادرة واحدة هي المبادرة العربية، مع تحفظنا عليها، ولكنها تبقى مبادرة أقرها القادة العرب جميعاً في أكثر من قمة عربية.
وعلى أمتنا العربية أن تكون قوية لأنها إن كانت ضعيفة فلن تنجز سلام الضعفاء الهزيل الهش. وعلينا أن نعمل لا أن نتكل على ما قد يقوم به أو يقرره أوباما، فلنا كلمة، ونحن الجزء الأساس من هذا الصراع، ويجب ألا نوكّل آخرين للتحدث باسمنا وتقديم تنازلات مجانية وخطيرة.
رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو سيلعب على وتر خلافاتنا العربية، وسيحاول الإيقاع فيما بيننا، ومع إيران، وسيخلق الفتن العديدة حتى يبرر هروبه من تحقيق سلام شامل ودائم، وللتهرب أيضاً من تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وسيعمل على إدخال العالم كله في متاهات وألغاز وألاعيب من أجل أن تكون ممارسات إسرائيل واحتلالها للأراضي العربية بعيدة عن الأضواء ولو لمرحلة قصيرة سنة أو أكثر حتى لا يقدم أي تنازل لتحقيق السلام إذ إنه لا يملك الإرادة ولا القدرة لتحقيق السلام، بل يسعى لإبقاء الوضع القائم قائماً ومستمراً لسنوات طوال..
من هنا يمكن القول وبكل جرأة إن من يراهن على حصان آخر وليس حصانه فهو الخاسر، وإن من "يحك ظهرك هو ظفرك" وعلينا أن نكون واقعيين وألا نهرول نحو سراب وأوهام.. وأن نكون على مستوى المسؤولية!
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.