بعد الأزمة في العلاقات بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي براك اوباما، والتوتر بين نتنياهو والمستشارة الالمانية انجيلا ماركل، حان دور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لتوجيه انتقاد حاد لرئيس وزراء اسرائيل. في اللقاء الذي عقده في قصر الاليزيه مع الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس قبل اسبوعين، قال ساركوزي انه خائب الامل من نتنياهو وانه لا يفهم ما هي خطته السياسية.
موظفون كبار في اسرائيل اطلعوا على مضمون اللقاء بين ساركوزي وبيرس ووصفوه بأنه "صعب جدا". وأشار الموظفون الاسرائيليون الذين طلبوا ابقاء اسمائهم مغفلة بسبب حساسية الموضوع، الى انه منذ بداية اللقاء أخذ ساركوزي يوجه انتقادا حادا لنتنياهو، انتقادا استمر ربع ساعة دون توقف.
انتقاد ساركوزي لنتنياهو على مسمع من بيرس كان لطيفا بعض الشيء فقط من الانتقاد الذي وجهه ساركوزي على مسمع من نتنياهو لوزير خارجيته ليبرمان في حزيران 2009. وكان ساركوزي قال لرئيس الوزراء في حينه: "عليك ان تتخلص من هذا الرجل".
تأثير محادثات ساركوزي مع الرئيس اوباما، في زيارته الى واشنطن قبل اسبوع من ذلك، بدا واضحا في اللقاء مع بيرس. فقد أعرب ساركوزي عن احباطه من الجمود السياسي، وألقى بجزء كبير من المسؤولية على عاتق نتنياهو. وقال ساركوزي لبيرس "انا خائب الامل منه. مع كل الصداقة، الود والالتزام لاسرائيل، نحن لا يمكننا ان نقبل جر الارجل. انا لا أفهم الى اين يسير نتنياهو وماذا يريد".
واستمع بيرس الى اقوال ساركوزي ولم يقاطعه. وبعد ان انهى الرئيس الفرنسي "اطلاق البخار"، حاول بيرس تقليص الضرر. وقال بيرس لساركوزي "انا على علم بأن الثقة بين اسرائيل والفلسطينيين قد تضررت، ولكن اسرائيل تمد اليد الحقيقية للسلام وقد تبنت مبدأ الدولتين للشعبين. اسرائيل تعمل على تعزيز وتطوير الاقتصاد الفلسطيني. لا مفر من العودة الى طاولة المفاوضات في أسرع وقت ممكن". وجاء من مقر بيرس بأن ليس في نيتهم التعقيب على أمور قيلت في محادثات مغلقة.
وحسب موظفين اسرائيليين كبار، فان اقوال الرئيس الفرنسي ساركوزي تشير الى الميل الاشكالي الذي يتطور في اوساط اصدقاء اسرائيل في اوروبا والولايات المتحدة ايضا، بسبب انعدام التقدم في المسيرة السلمية. التوتر مع الادارة الامريكية، حول الموضوع الفلسطيني، يؤدي الى أن يجد حتى الزعماء الاكثر عطفا لاسرائيل في اوروبا صعوبة في الامتناع عن انتقاد سياسة حكومة نتنياهو.
المستشارة الالمانية انجيلا ماركل، التي تعتبر احدى أكبر اصدقاء اسرائيل في اوروبا، بدأت مؤخرا توجه انتقادا علنيا لنتنياهو وسياسة اسرائيل في الموضوع الفلسطيني. وضمن امور اخرى فان ماركل غاضمة من ان نتنياهو سرب بشكل مشوه مضمون مكالمات هاتفية أجرتها مع نتنياهو في أعقاب أزمة البناء في حي رمات شلومو في القدس.
وحسب دبلوماسيين ايطاليين، فحتى رئيس وزراء ايطاليا سلفيو بارليسكوني يجد صعوبة في مواصلة الدعم غير المتحفظ من جانبه لاسرائيل في الموضوع الفلسطيني. احد الادلة على ذلك هو الخطاب الذي القاه في اثناء قمة الجامعة العربية في ليبيا والذي القى فيه المسؤولية عن الجمود على نتنياهو، ودعاه الى اتخاذ بادارات طيبة تجاه الفلسطينيين. وقال دبلوماسيون ايطاليون ان "نتنياهو تحدث مع برليسكوني مؤخرا هاتفيا مرتين وفي كل مرة قال انه سيفاجىء في الموضوع الفلسطيني، ولكن هذا لا يلوح في الأفق".
والى ذلك قال الرئيس الامريكي براك اوباما يوم الاثنين في مؤتمر مع رجال اعمال مسلمين في واشنطن ان الادارة الامريكية ستواصل الدفع بمسيرة السلام الى الامام. وقال اوباما "طالما كنت رئيسا، فان الولايات المتحدة لن تتردد ابدا في محاولاتها لتحقيق الحل للشعبين".
رسالة أكثر قطعا ظهرت في مقال نشره في "نيويورك تايمز" المحرر الكبير روجر كوهين الذي يزور اسرائيل هذه الايام. واقتبس كوهين عن المبعوث الامريكي جورج ميتشل في محادثاته في المنطقة في بداية الاسبوع. فقد قال ميتشل "لا يوجد احد في العالم يفهم السياسة الامريكية افضل مني. ولم يسبق ان كان في البيت الابيض رئيس امريكي ملتزم بهذا القدر بهذا الموضوع بما في ذلك كلينتون الذي هو صديق طيب لي كما لم يكن كهذا في فترة حياتنا".
كوهين اقتبس أمورا اخرى عن ميتشل تحدث فيها عن رئيس الوزراء نتنياهو. "أعتقد ان نتنياهو جدي وهو قادر ومعني بالوصول الى اتفاق. ما لا يمكنني ان اقوله هو اذا كان نتنياهو مستعدا لما ينبغي كي يتحقق بالفعل اتفاق سلام".
هآرتس 28/4/2010
