تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحقوق المالية للشهداء والمصابين في القانون السوري:


 

خلّف الإرهاب الذي تشهده سورية منذ ثلاثة أعوام ونيف الآلاف من الشهداء والمصابين. ولما كان الدستور السوري الحالي قد نص على أن الدولة تكفل رعاية عائلات الشهداء وذويهم وتأمين حياة كريمة لهم وذلك تقديراً من الدولة للتضحيات التي قدمها هؤلاء العظماء، وبما أنّ المشرّع عمد إلى تعديل القانون الخاص بالشهداء والمصابين العسكريين بالمرسوم التشريعي رقم /17/ لعام 2002، فإنه لم ينسَ الشهداء المدنيين كما يظن البعض، بل يوجد  قانون يواسي حالهم ويخفف مصابهم ويؤكد أن نصيبهم  من الحقوق والتعويض قائم ومضمون. فقد عالج المشرّع السوري بالقانون رقم (43) لعام 1980 تلك القضية ونظّم أحكامها لا سيما الشهداء الذين قضوا على يد عصابة (الإخوان المسلمين)؛ فالشهيد بحسب  المادة الأولى من هذا القانون هو: "كل من يستشهد بيد عصابة الإخوان المسلمين المسلحة اغتيالاً أو مواجهة أو بسببها، شهيد من شهداء الوطن والأمة العربية" وأسرة الشهيد المشمول بهذا التعريف تستحق بحسب المادة الثانية من القانون المذكور معاشاً تقاعدياً، وفقاً للأسس التالية:

1ـ إذا كان الشهيد من العسكريين أو من موظفي الدولة أو مستخدمي أو عمال الدولة أو القطاع العام أو المشترك أو من العاملين في حزب البعث العربي الاشتراكي أو المنظمات الشعبية، يمنح المستحقون عنه معاشاً تقاعدياً يعادل الراتب أو الأجر المقطوعين بالدرجة الأعلى مباشرة لآخر راتب أو أجر مقطوع تقاضاه قبل استشهاده. وفي حال عدم خضوع الراتب أو أجر الشهيد إلى جدول الرواتب أو الأجور، فتحسب الدرجة الإضافية بما يعادلها وفق جدول موظفي الدولة.

2ـ إذا لم يكن الشهيد من عِداد الفئات المذكورة في الفقرة السابقة، يُمنح المستحقون عنه معاشاً تقاعدياً يعادل الراتب الذي تقدره قيادة فرع الحزب الذي ينتمي إليه الشهيد أو يقع الاستشهاد بمنطقته على أساس الراتب الذي يستحقه أمثاله في الدولة بمقتضى القوانين والأنظمة النافذة ويخضع هذا التقدير لتصديق قيادة الحزب.

وقد حرص المشرّع في المادة الثالثة من هذا القانون على وجوب ألا يقل الراتب عن خمسمائة ليرة سورية شهرياً وأن لا يزيد عن أعلى راتب مقطوع يتقاضاه أمثاله في الدولة وأسرة الشهيد تستفيد من التعويض العائلي حسب المادة السادسة من هذا القانون. 

وقد نص المشرّع في المادة الثامنة من هذا القانون على أنه: تتولى الجهات الواردة في قوانين المعاشات والتأمينات الاجتماعية تصفية وصرف ـ المعاشات والتعويضات ـ المقررة بموجب هذا القانون بالنسبة للشهداء الخاضعين أصلاً لهذه القوانين. أما الشهداء الذين لا يرتبطون بأي من تلك الجهات فتلزم الخزينة العامة بصرف المعاشات والتعويضات المقررة بهذا القانون وتقوم المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات بإجراءات التصفية. أما العسكريون فتتولى وزارة الدفاع إجراءات التصفية وفقا للقواعد النافذة وتطبّق على المعاشات المستحقة بحسب المادة /9/ منه الأحكام المطبقة على معاشات أسر الشهداء من ضباط الجيش العربي السوري فيما لم يرد عليه نص. 

أما بخصوص المصابين جراء الأعمال الإرهابية فقد نصت المادة العاشرة من هذا القانون على أنه:

1 ـ يستحق المصاب بعجز كلي بسبب الحوادث المذكورة في المادة الأولى من هذا القانون المعاش التقاعدي المقرر لأسر الشهداء. كما يستحق تعويض عجز يعادل تعويض الاستشهاد المنصوص عليه في المادة /5/ من هذا القانون، ويستفيد من دار السكن الممنوحة بالمادة السابعة لأسر الشهداء. ويقصد بالعجز الكلي حاجة المصاب إلى معونة غيره الجسمية لقضاء حاجاته الشخصية، ويختص المجلس الطبي العسكري في وزارة الدفاع بإقرار هذا العجز.

2 ـ يستفيد المعاش المستحق بموجب هذه المادة من التعويض العائلي المقرر للمتقاعدين من موظفي الدولة.

3 ـ يخضع المعاش الممنوح للمصاب بعجز كلي للأحكام الخاصة بالمصابين بالعمليات الحربية في قانون معاشات الضباط.

4 ـ أما المصابون بعجز جزئي فيستحقون المزايا الممنوحة بموجب هذا القانون بنسبة تعادل نسبة عجزهم المقررة من قبل المجلس الطبي العسكري، ويصدر باعتبار المصاب مشمولاً بأحكام هذا القانون مرسوماً جمهورياً.

وهنا لابد من الإشارة الى أنه لا يجوز الجمع بين المعاش التقاعدي المقرر بموجب هذا القانون وبين أي معاش آخر يستحق بمقتضى قوانين التقاعد العسكري وقوانين التامين والمعاشات أو التأمينات الاجتماعية ويصرف المعاش الأفضل حسب المادة 11 من هذا القانون.

وقد أوجب القانون في المادة /12/ منه على وجوب معاملة زوجة الشهيد وأولاده ووالده معاملة ذوي الشهداء بالنسبة لأية حقوق أخرى أو ميزات في القوانين النافذة بالنسبة لذوي الشهداء.   وقد صدرت التعليمات التنفيذية لهذا القانون بتاريخ 15/9/1980 حيث أوكلت إلى المكتب المالي والاقتصادي القطري استكمال إجراءات إصدار المرسوم الجمهوري المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون  بناء على تقارير تقدّم من اللجان الأمنية بالنسبة للشهداء ومن المجلس الطبي العسكري بالنسبة للمصابين بعجز كلي أو جزئي  وكذلك بالنسبة للمدنيين.

وقد حددت المادة الثانية من التعليمات التنفيذية أن وزارة الدفاع هي الجهة التي تتولى استكمال إجراءات إصدار المراسيم المشار إليها بالنسبة للعسكريين، ووزارة الداخلية بالنسبة لعناصر قوى الأمن الداخلي. وعند صدور المرسوم يبلغ الصك من قبل القيادة القطرية إلى المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية، حسب الحال، ليصار إلى تسديدها عند تأدية الاستحقاق النهائي بعد صدور المرسوم الجمهوري.

ويقدم طلب التخصيص بالمعاش التقاعدي من ذوي الشهيد المستحقين له إلى إحدى الجهات التالية بعد صدور المرسوم، وهي:

 1 ـ قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي التي ينتمي إليها الشهيد أو التي وقع في منطقتها الاستشهاد أو الإصابة بالنسبة للشهيد أو المصاب الذي لم يكن من العسكريين ولا من العاملين المدنيين في الدولة أو القطاع العام أو المشترك.

2 ـ ديوان وزارة الدفاع ـ دائرة المعاشات ـ بالنسبة للشهداء أو المصابين العسكريين.

3 ـ ديوان المؤسسة العامة للتأمين والمعاشات بدمشق بالنسبة للموظفين في الدولة ومستخدميها.

4 ـ ديوان فرع مؤسسة التأمينات الاجتماعية الذي كان يؤدى إليه اشتراكات التأمينات عن الشهيد أو المصاب.

ويجوز تقديم الطلب بالبريد المضمون موجهاً إلى إحدى تلك الجهات.   

وقد نصّ المشرّع في المادة السابعة على تقديم دار سكن مناسبة لأسرة الشهيد إلا أن القانون رقم /37/ لعام 2003 استعاض عن الدار بمبلغ نقدي يعادل كلفة الدار المستحقة، والتي كان المرسوم التشريعي رقم /9/ لعام 1985 ينص عليها، وهو ما كان يسمى مشروع إسكان ذوي الشهداء. والحقيقة، لعلنا اليوم بحاجة الى مثل هذه المشاريع الإنسانية في مرحلة إعادة الإعمار. وربما تتمكن الحكومة من العودة للعمل به في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة على المواطنين عامة، وأسر الشهداء خاصة. 

إلى ذلك، فمن المزايا التي منحها المشرّع لذوي الشهداء ما صدر بالمرسوم التشريعي رقم /20/ لعام 2001 بمنح بطاقة الشرف لزوجات الشهداء وأولاد ووالدي الشهداء وهي مبادرة تكريمية للشهداء والمصابين بعجز كلي أو جزئي والمفقودين في عمليات حربية طوال مدة استحقاقهم المعاش التقاعدي.

إضافة، فقد عمد المشرّع في القانون رقم /35/ لعام 2001 على اعتبار كل المراسيم والقوانين المتعلقة بأنصبة المستحقين عن الشهداء معدّلة حكماً بما يتفق وأحكام هذا القانون.  

من هنا نجد أنّ المشرع السوري كان حريصاً على رعاية أسر الشهداء، ولكن الإعلام قصّر في تسليط الضوء على هذه الحقوق وكان تركيزه فقط على الشكليات مثل المهرجانات الخطابية وتوزيع السلال الغذائية عليهم، واستغلال البعض لحاجة أسر الشهداء.. وذلك أضرّ بالدولة وبشهدائها. ونرى أن تتم مراجعة القوانين السابقة لتلافي بعض الحالات التي لم ترد في القانون، لاسيما وأنّ كل المنظمات الإرهابية التي تقاتل على الأرض السورية حالياً هي الوريث العفن لتنظيم الاخوان المسلمين، وبالتالي يفضّل تعديل النصوص القانونية  لتشمل الأصل والفرع وما جرى من خراب وتدمير على البلاد والعباد.

 


إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.