تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قرار مجلس الأمن: "داعش والنصرة".. ذريعة الغرب لتحقيق حلم التدخل في سورية؟!

مصدر الصورة
SNS


17/8/2014

 

 

صدر القرار رقم /2170/ عن مجلس الأمن بالإجماع، ويقضي بمنع تمويل وتقديم الدعم المالي ومنع التعامل وحظر تجنيد المقاتلين لتنظيم الدولة الإسلاميةـ"داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيتين في سورية والعراق لما تشكله تلك المجموعات من خطر على الأمن والسلام الإقليمي والدولي. وجاء القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فما هي مدلولات هذا القرار وآثاره القانونية المتوقعة في ظل دعوة بعض أطراف المعارضة السورية إلى التدخل العسكري المباشر في سورية بذريعة محاربة تلك التنظيمات الإرهابية؟

في الحقيقة إن هذا القرار على الرغم مما يحمله من تضامن دولي مع شعوب هاتين الدولتين في مواجهة خطر تلك المنظمات الإرهابية وإدانة للجرائم اللاإنسانية المرتكبة من قبلها وإن كان متأخراً ـ وكما يقال أن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً ـ وتلك خطوة طالما سعت إليها حكومة الجمهورية العربية السورية التي يعاني شعبها من اجرام تلك العصابات منذ ثلاثة أعوام ونيف وكان الغرب الراعي لتلك المنظمات يصم الآذان عن تلك النداءات ويتجاهلها بل يمضي في دعمها بل وتوفير الدعم المادي واللوجستي لها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، هو؛ ما الغاية من إدراج القرار تحت الفصل السابع؟

فقرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع يجيز استخدام القوة في قمع هذه المنظمات الإرهابية عملاً بالمادتين 40 ـ 41 من ميثاق الأمم المتحدة، لأن هذه المواد تخوّل المجلس اتخاذ تدابير سياسية واقتصادية وعسكرية لتنفيذ مضمونه والإستعانة بالقوات العسكرية التابعة للدول الأعضاء في المنظمة الدولية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، ويعود له (للمجلس) تحديد عدد هذه القوات وأنواعها ومدى استعدادها والأماكن التي ترابط فيها ونوع التسهيلات التي يجب أن تقدمها الدول لها في إطار اتفاق يبرم مع الأمم المتحدة. ويمكن أن يتم ذلك على وجه السرعة حيث يمكن للمجلس اتخاذ تدابير وإجراءات حربية عاجلة عند الاقتضاء، ومنها استخدام القوة الجوية لأعمال القمع الدولية المشتركة (م 45ميثاق الأمم المتحدة). ولمجلس الأمن إذا رأى ضرورة أو ملائمة ذلك؛ الاستعانة بالمنظمات والوكالات الإقليمية واستخدامها في تنفيذ تلك الأعمال، ويكون عملها تحت مراقبته وإشرافه. وهذا يعني أنه يمكن لمجلس الأمن الاستعانة بحلف الناتو للقيام بضربات عسكرية في سورية والعراق لمواجهة هذه العصابات ؟؟!!

وتكون بموجب المادتين 48 و49 من ميثاق الأمم المتحدة، جميع الدول ملزمة بتقديم العون لها في تنفيذ هذه التدابير (تكون تركيا أو إسرائيل أو السعودية أو قطر أو البحرين ملزمة تقديم قواعدها لضرب سورية " داعش ").

وفي ضوء ما تقدم وبالعودة إلى ميثاق الأمم المتحدة يمكننا القول إن الغرب الذي فشل طوال الأعوام السابقة في تحقيق مراده في التدخل العسكري المباشر في سورية، قد استطاع بفضل هذه العصابات التي تم تصنيعها في دوائر الاستخبارات الغربية أن يحقق الخطوة الأولى من مراده تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

        والسؤال كيف ذلك والدول الصديقة في مجلس الأمن حاضرة لمثل هذه الخطوات والأحلام الاستعمارية، خاصة وأن الآليات المعتمدة في مجلس الأمن وفي مثل هذه الحالات توجب وضع القوات المشار إليها سابقاً تحت اشراف وقيادة لجنة أركان الحرب التابعة لمجلس الأمن والتي تتألف من رؤساء أركان الحرب في الدول دائمة العضوية والمخولة وضع الخطط اللازمة لتنفيذ هذه الخطوة؟

في الحقيقة إن تاريخ المنظمة الدولية وإقدام بعض الدول دائمة العضوية على استغلال تلك المنظمة والقرارات الصادرة عنها هي التي تدفعنا إلى مثل هذا القول؛ فهي قد استغلت تفويض الأمم المتحدة في يوغسلافيا والعراق وليبيا، وأقدمت على تنفيذ مشاريعها الخاصة بعيداً عن أهداف القرارات الدولية، وسعت إلى ذلك بذريعة التدخل الإنساني. وهي تستطيع في مثل هذه الحالات الالتفاف على مجلس الأمن وحق النقض (الفيتو) بعرض الموضوع على الجمعية العامة بموجب المادة /11/ من ميثاق الأمم المتحدة والتي تخوّل الجمعية العامة حق تفويض الدول الأعضاء باستخدام القوة في حال عجز المجلس عن اتخاذ التدابير المناسبة.

فالمادة المذكورة أجازت عرض الأمر على الجمعية العامة عند الضرورة للقيام بأعمال القمع، ويمكن الاستدلال على ذلك بالسوابق الدولية التالية؛ القرار الصادر في 3ـ 11ـ 1950 (الاتحاد من أجل السلام) وهذا الأمر يسمح للجمعية الحلول محل مجلس الأمن في حال عجزه عند حدوث عدوان أو تقاعسه عن عقد اجتماع لمواجهة الإخلال بالسلم والأمن الدوليين. وقد طبق هذا القرار منذ صدوره في عدة مناسبات، منها؛ العدوان الثلاثي على مصر وثورة المجر عام 1956، وأحداث لبنان الداخلية عام 1958، وفي النزاع بين الهند وباكستان1971، وأحداث أفغانستان 1980، وأحداث ناميبيا 1981، وأحداث البوسنة 1991، وأخيراً ليبيا عام 2011.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن الجمعية العامة في مثل هذه الحالات والتي تحل محل مجلس الأمن، تتساوى معه في اللجوء لاستخدام الوسائل السلمية لحفظ الأمن والسلم الدوليين دون تمييز. وهنا مكمن الخطورة، فقد شهدنا وخلال الأزمة السورية محاولات السعودية وقطر عرض الأزمة السورية على الجمعية العامة، وكيف حاولتا الحصول على ما ترغبان من أهداف خبيثة عجزتا عن تحقيقها في مجلس الأمن الدولي.

وهذا ما يدفعنا إلى التنبيه أن هذا القرار هو بمثابة حقل ألغام ينبغي الحذر فيه والتعامل معه بالشك والريبة وعدم الانخداع بالشعارات الإنسانية البراقة التي حاول صانعوه الايهام بها؛  فالغرب كان ولا زال مسكون بحلم نابليون أنه ما من إمبراطورية حقيقية ما لم يكن الشرق فيها وسورية قلب ذلك الشرق.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.