تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قمة العشرين تكرّس تباعداً روسياً – غربياً!!

             عنونت صحيفة الأخبار: الـ 20 تحاصر روسيا وبوتين يغادر لـ...«النوم». وأفادت أنّ الدول الغربية لا تترك مناسبة دولية تجمعها إلا تستغلها من أجل استهداف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سياق تصريحاتها، وكأنها بذلك تحاول التعويض عمّا لم تتمكن العقوبات على موسكو الإتيان به من نتيجة. وأضافت: خيّم التوتر الحاد بين روسيا والدول الغربية بسبب الأزمة الأوكرانية، بقوة على أجواء قمة «مجموعة العشرين» التي عقدت في مدينة بريزبن الأوسترالية، ما دفع بوتين إلى مغادرتها، من دون التوقيع على بيانها الختامي. ورغم أن هذا البيان تمحور حول العمل على تسريع النمو الاقتصادي وتمويل مكافحة التغيرات المناخية، إلا أن فعاليات القمة شكلت فرصة أمام رؤساء الدول الغربية لانتقاد موسكو وتحميلها مسؤولية الأزمة الأوكرانية. ورغم أن الكرملين لم يصدر أي تصريح رسمي بشأن أسباب مغادرة بوتين المبكرة للقمة، لكن التقارير الإعلامية المحلية تحدثت عن «عدم رضاه من سير اجتماعاتها».

وأفادت الحياة أنّ قمة مجموعة العشرين التي اختُتمت أمس، كرّست تباعداً متزايداً بين بوتين وقادة الغرب، على خلفية الأزمة الأوكرانية، يهدد موسكو بعزلة أكبر. وكان بوتين أول زعيم يغادر بريزبن أمس، فيما كان زملاؤه يشاركون في غداء رسمي، قبل إصدار بيان عن القمة. وفي غياب الرئيس الروسي، عقد قادة غربيون، بينهم الرئيسان أوباما والفرنسي هولاند، والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، اجتماعاً ناقش النزاع في أوكرانيا ودعم موسكو الانفصاليين.

وبرّر بوتين إسراعه في الرحيل، بطول رحلة العودة إلى روسيا وحاجته للنوم قبل «استئنافه العمل» اليوم. وأشاد الرئيس الروسي بمستضيف القمة، رئيس الوزراء الأسترالي توني آبوت، لتأمينه أجواء «لطيفة»، مشيراً إلى أن الأخير كان «متفهماً جداً» لمغادرته باكراً، علماً أن آبوت قال إن حديثهما عن أوكرانيا كان «عنيفاً جداً». ولفت بوتين إلى أن موضوع أوكرانيا لم يُناقَش إطلاقاً خلال المحادثات الرسمية للقمة، بل في كل لقاء عقده على هامشها، وتابع: «أعتقد بأننا نجحنا في التفاهم في شكل أفضل مع زملائنا، وفي فهم دوافع روسيا». وتحدث عن «آفاق لتسوية الوضع» في أوكرانيا، معتبراً أن قرار كييف قطع التمويل عن الشرق الانفصالي «خطأ كبير».

في المقابل، ذكر أوباما أنه أجرى على هامش القمة محادثات «جافة» مع بوتين، وزاد: «نفضل روسيا مرتبطة في شكل كامل بالاقتصاد الدولي، لكننا متمسكون بضرورة الالتزام بالمبادئ الدولية الأساسية، وبينها ألا تغزو دولة دولة أخرى، أو تموّل وكلاء أو تساندهم بوسائل تؤدي إلى تفكّك دولة لديها آليات لانتخابات ديموقراطية». وأشار إلى درس «آليات ممارسة مزيد من الضغوط، إذا دعت الضرورة»، ملوحاً بعزلة مديدة لروسيا «إذا تابعت انتهاك القانون الدولي» في أوكرانيا.

وأصدر أوباما وآبوت ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بياناً بعد اجتماع ثلاثي، أفاد بـ «تصميمٍ على معارضة ضم روسيا المزعوم شبه جزيرة القرم، وتحركاتها لزعزعة استقرار شرق أوكرانيا». أما كاميرون فاعتبر أن القمة «وجّهت رسالة واضحة جداً نقلتها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى روسيا»، مضيفاً أن بوتين «يمكنه أن يرى أنه يقف عند مفترق طرق، وإذا تابع زعزعة استقرار أوكرانيا، سيكون هناك مزيد من العقوبات ومزيد من التدابير».

على صعيد آخر، دعا أوباما وآبوت وآبي إلى «تسوية سلمية» للنزاعات الحدودية البحرية في آسيا، خصوصاً بين الصين ودول مجاورة، «وفق القانون الدولي» وعبر «آليات قانونية مثل التحكيم». وأكد القادة الثلاثة «أهمية الالتزام الأميركي الكامل في منطقة آسيا - المحيط الهادئ»، مشدّدين على «صلابة التعاون الإقليمي» بين دولهم من أجل «القضاء على التهديد النووي الكوري الشمالي».

وفي الرأي الأردنية، اعتبر محمد خروب أنّ موقف بوتين الذي صورته وسائل الاعلام الغربية - وبعض العربية - وكأنه كان مهزوزاً وبدا معزولاً، تميز بالهدوء ولم تظهر عليه علامات الغضب او الاستفزاز وبدا رصيناً وهادئاً وواثقاً من نفسه وقدرة بلاده على تجاوز او مواجهة مفاعيل العقوبات، عندما قال: ان للعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، عواقب وخيمة على الاقتصاد الاوكراني ذاته، الذي ما يزال مرتبطاً بشكل وثيق مع الاقتصاد الروسي، مُذكرّا في الآن ذاته، بأن موسكو منحت قرضاً لكييف قيمته 25 مليار دولار فضلاً عن ثلاثة مليارات اخرى قدمتها في الشهور الماضية.

وأوضح الكاتب: المشهد مختلف الآن عما كانت حال الاتحاد السوفياتي، فروسيا اليوم ليست الامبراطورية السوفياتية المُفلِسة، وهي لا تعيش تحت وطأة كوابيس التنافس الايديولوجي وغير معنية بالحتمية التاريخية أو تقويض الرأسمالية، بل هي تستهدف حماية مصالحها الوطنية وأمنها ومجالها الحيوي الآخذ بالتقلص بفعل الهجمة الاطلسية، التي تقودها الولايات المتحدة والرامية الى محاصرة روسيا وتحجيم دورها الاوروبي، وخصوصاً العالمي، ووضعها على قائمة الدول «العاديّة»، ليس الدولة العظمى ولا حتى الدولة الكبرى، كما قال ذات يوم أوباما نفسه واصفاً روسيا بأنها مجرد دولة عادية... ولهذا لن يتراجع بوتين ولا يلوح في الافق أنه مستعد لتقديم تنازلات جوهرية، لأن ذلك سيعني هزيمة موصوفة له شخصياً ولدور روسيا المأمول عالمياً، وربما يفتح الطرفان (الاميركي والروسي) ساحات أخرى للمواجهة بينهما، يقف على رأسها مستقبل حوار مجموعة 5+1 مع ايران التي يقترب نفاد موعدها النهائي (24 الجاري) وخصوصاً في سوريا والعراق وأيضاً ليبيا واليمن.

وحددت افتتاحية الخليج الإماراتية القضايا التي كان ينبغي أن تلتفت إليها قمة العشرين. كلن ما جرى أن القمة ضاعت في خضم الصراع الصاخب الدائر بين روسيا الاتحادية والبلدان الغربية، وفي خضم الصراع الأمريكي الصيني على آسيا. يضاف إلى ذلك أن كلا من روسيا والصين تجد دعماً من دول أخرى في ميدان تحقيق الإصلاح في النظام المالي العالمي. هذا الاختلاف الواضح بين البلدان المشاركة على طريقة إدارة العالم لا يبعث على التفاؤل في إمكانية تحقيق التعاون فيما بينها من أجل مواجهة المشاكل الاقتصادية التي تعصف بالعالم. وهي أبعد من أن توصل العالم إلى اتفاقات حقيقية لمواجهة التغير المناخي. والنتيجة هي أن المشاكل الاقتصادية والمناخية ستزداد تفاقماً وستولد معها مشاكل استقرار اجتماعي وسياسي. ومن ينظر بعمق في حال العالم الآن فسيزداد هلعا حين يتصور أن الأقسى قد لا يكون بعيداً عن الأنظار.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.