تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تقرير الـsns: بريطانيا: غالبية مطلقة «مفاجئة» للمحافظين:

 حملت الانتخابات العامة البريطانية التي جرت أمس الاول نتائج دراماتيكية، فهي جاءت بنتائجها مخالفة لكل التوقعات واستطلاعات الرأي التي كانت قد ذهبت، حتى ما قبل 24 ساعة على فتح أبواب الاقتراع، إلى ترجيح فرضية برلمان معلق، كالمجلس الحالي، لا غالبية مطلقة فيه لأي من الحزبين الرئيسيين: «العمال» و«المحافظين».

وهذا ما يعكس حجم المفاجأة التي حققها فوز «حزب المحافظين» بغالبية مطلقة من 331 مقعداً (بزيادة 24 مقعداً) في مقابل 232 مقعداً لـ «حزب العمال»( بخسارة 26 مقعداً عن المجلس السابق)، وثمانية مقاعد لـ«الديموقراطيين الليبراليين» ( بخسارة 49 مقعداً) ومقعد لكل من «حزب الاستقلال» اليميني و»الخضر»، ما يخول «المحافظين» تشكيل حكومة غالبية مطلقة (326 صوتاً/مقعداً من أصل 650 مقعداً تشكل مجموع مقاعد مجلس العموم) للمرة الأولى منذ عقدين، حين سقطت آخر حكومة غالبية مطلقة محافظة بزعامة جون ماجور أمام العماليين الجدد بزعامة طوني بلير القادم بمانيفيست «العمالي الجديد: حياة جديدة لبريطانيا» في العام 1997.

وكان من النتائج المباشرة لهذا الفوز هزيمة قاسية للعماليين الذين خسروا 40 مقعداً دفعة واحدة من أصل 41 مقعداً من بينها مقعد رئيس الحزب العمالي الإسكتلندي جيم ميرفي. وكذلك خسارة الليبراليين 10 مقاعد (من أصل 11 مقعداً) فيما احتفظ المحافظون بمقعدٍ وحيد. وقد أسهمت هذه النتيجة في تقويض فرص العمال الذين أظهروا تقدماً، وإن بنسبة غير كافية لتحقيق الغالبية، على مستوى انكلترا بنسبة 15 في المئة، إلا أنهم تراجعوا بنسبة 40 في المئة على مسـتوى اسـكتلندا، وإن كان هذا لا يسقط عامل حساب الناخب البريطاني مع العماليين وتحميله لهم المسؤولية المباشرة عن الأزمة الاقتصادية.

ولم يكن هذا التأثير الوحيد الذي خلفته الدينامية الاسكتلندية بل يرجح أن يكون فوز المحافظين عائد بدرجة منه إلى الصعود الاسكتلندي المتراكم منذ العام 2007، ودراماتيكياً منذ العام 2011، والذي أتاح للحزب تشكيل حكومة محلية على دورتين (حكومة أقلية في العام 2007، وغالبية في العام2011)، وفرض على الأحزاب الرئيسية البريطانية، على خلفية الخشية من نتائج الاستفتاء على الاستقلال الذي دعا إليه الحزب كجزء من برنامجه الانتخابي في ايلول العام 2014، التزاماً خطياً بمنح مزيد من الصلاحيات للمجلس التمثيلي المحلي وللحكومة المحلية في ما يخص الضرائب وسياسة الضمان الصحي والاجتماعي، وهو الحدث الذي أطلق دينامية متصاعدة في ارجاء المملكة المتحدة وعزز من حضور الهويات القومية للإسكتلنديين والويلزيين والإيرلنديين، الذين يشكلون مع الإنكليز الهوية المؤتلفة للمملكة المتحدة.

وأفاد تقرير السفير أنّ أمام حكومة المحافظين اليوم تحدّ متجدد، وهو إعطاء هذه المكونات مزيداً من الاعتراف والمشاركة في الحكم، وتفويض الصلاحيات للمجالس والهيئات المحلية أو مواجهة ما هو أصعب.

وتحت عنوان: انتصار الخوف في الانتخابات البريطانية، رأت افتتاحية القدس العربي أنها كانت ليلة غير مسبوقة في تاريخ الانتخابات البريطانية، اذ أطاحت نتائجها المفاجئة باستطلاعات الرأي والتحليلات والتكهنات التي هيمنت على وسائل الاعلام والساحة السياسية طوال الشهرين الماضيين. وفي سابقة تاريخية، لم ينتصف النهار الا وقدم  رؤساء  ثلاثة أحزاب بريطانية استقالاتهم، متحملين المسؤولية الكاملة عن الهزيمة، وهم رئيس حزب الاحرار نيك كلغ، ورئيس حزب العمال إيد ميليباند، وزعيم حزب الاستقلال نايجل فراج.. ووهذا تقليد ديمقراطي بريطاني مستقر، اذ يتحمل القائد الخاسر دائما المسؤولية ويخلي موقعه لمن يستطيع ان يكمل المسيرة. لم يحدث أن تحدث احدهم عن «مؤامرة خارجية» او «مال سياسي يشتري الاصوات»، او غير ذلك مما يحدث في بلادنا. واعتبرت الصحيفة أنّ انتصار المحافظين، او بعضه على الاقل، هو في حقيقته فوز للخوف من العواقب الاقتصادية للتغيير في الحكومة، وتدفق المهاجرين، وانهيار الاتحاد البريطاني.

وفي الرأي الأردنية، اعتبر طارق مصاروة أنّ الانتخابات البريطانية تستحق المتابعة، ليس لأنها تشكل درسا مثيرا لكل المهتمين بمستقبل الديمقراطية في وطننا، وانما لأنها تؤثر على مستقبل الوحدة الاوروبية.. وأوروبا جارة للعرب، وشريكة على المتوسط، وقوة عظمى دبلوماسية وسياسية في مكونات المجتمع الدولي.... انتخابات بريطانيا تستحق من المهتمين بالتطور الديمقراطي في وطننا، المتابعة والدارسة الجادة. فأقدم الديمقراطيات وأكثرها رسوخا يمكن ان تقدم دروسا مجانية للقلة القليلة التي ما تزال تحلم بوطن ديمقراطي بعيد عن الرصاص، والانقلاب، والتعصب المذهبي والعنصري.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.