تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تطبيع «ترانزيت»! صادرات أوروبية إلى دول عربية.. عبر إسرائيل

 ارتطم الجسر الهيدروليكي المنحدر لسفينة الشحن التركية بالرصيف الخالي لميناء حيفا، ونزلت عبره 37 شاحنة اتجهت شرقاً باتجاه شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة، حاملة البضائع من أوروبا إلى الزبائن في الأردن... وما بعده.

وحتى ثلاث سنوات خلت كانت الحمولة التي تنقلها هذه الشاحنات من فاكهة وأجبان ومواد خام لصناعة النسيج وقطع الغيار والشاحنات المستعملة تنتقل عبر سوريا لكن الصراع الدائر هناك جعل تلك الرحلة خطرة للغاية.

وقال السائق الروماني إسماعيل حمد (58 عاماً) «في سوريا المشاكل كثيرة والسلاح كثير والقتال كثير».

وقاد حمد شاحنته عبر سوريا لثلاثة عقود لكنه اليوم يقودها عبر إسرائيل التي تحصد فوائد اقتصادية غير متوقعة بعد ثلاث سنوات على تخبط سوريا في العنف الداخلي.

وقالت هيئة المطارات الإسرائيلية إن عدد الشاحنات التي تعبر بين إسرائيل والأردن ارتفع بنسبة 300 في المئة منذ العام 2011 ليصل إلى 10589 شاحنة في العام.

وعلى وجه الخصوص، بدأت الصادرات من تركيا التي تشمل مواد غذائية وآلات وأدوية، بالتدفق عبر إسرائيل وجسر الشيخ حسين إلى الأردن وعدد قليل من الدول العربية المجاورة.

وقالت المديرية العامة للتجارة البحرية، وهي جزء من وزارة النقل التركية، إن حمولة حاويات الشحن التي تمر عبر إسرائيل في طريقها إلى بلدان أخرى ازدادت من 17882 طنا العام 2010 إلى 77337 طنا العام 2013.

وتنمو هذه التجارة باضطراد، بالرغم من صغر حجمها حاليا، وبما يكفي لاذكاء آمال إسرائيل منذ وقت طويل بأن تصبح بوابة تجارية للعالم العربي.

وتخطط إسرائيل لاستثمار نحو 1,7 مليار دولار أميركي في البنية التحتية خلال السنوات الست المقبلة لتحسين الطريق التجاري.

واشتكى عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين والديبلوماسيين في الماضي من مدى الضرر الذي تسببه السياسة للفرص الاقتصادية، في حين لجأ آخرون إلى التكتم على تجارتهم مع «الجيران العرب» كي لا يغضبوهم.

أما في الوقت الحالي، فهم يرون في ما يحصل في المنطقة فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية.

وقالت رئيسة دائرة الشؤون الاقتصادية للشرق الأوسط في وزارة الخارجية الإسرائيلية يائيل رافيا-زادوك إنّ «إسرائيل تسترجع دورها التاريخي كدولة ترانزيت وكجسر بين القارات حيث كانت تمر الطرق التجارية التاريخية».

وترأس رافيا` ـ زادوك مجموعة من المسؤولين الحكوميين والأمنيين لبحث الطريقة الأمثل لتشجيع التجارة.

ويبدو المسار المنطقي في هذه العملية بسيط للغاية: تفرغ شحنات البضائع الواردة من أوروبا وغيرها إلى الشرق الأوسط في مصر، ثم تنقل في رحلة برية لساعات عدة إلى ميناء على البحر الأحمر، حيث تحمّل على سفن شحن جديدة وتنقل إلى وجهتها الأخيرة.

غير أنّ الطرق من حيفا في الأراضي المحتلة إلى الأردن والعراق وحتى السعودية التي كانت تستخدمها الإمبراطوريتان البريطانية والعثمانية حتى إعلان «دولة إسرائيل» قد تكون أسرع وأرخص.

وعلى سبيل المثال ستوفر الطريق عبر إسرائيل أياماً، إن لم يكن اكثر من وقت الرحلة بين تركيا وبغداد. كما يمكن أن تنخفض التكاليف إلى النصف. غير أنّ فتح هذه الطرق لن يكون سهلا، فمن الصعوبة بمكان التغلب على العوائق السياسية وأجيال من العداء، في وقت يبدو فيه العراق نفسه على حافة حرب أهلية.

وتظهر الإحصائيات التجارية في الأردن ارتفاعا حادا في الشحنات عبر إسرائيل العام 2012 ولكنها عادت وانخفضت العام 2013. ويقول المسؤولون الأردنيون إنّ إسرائيل تبالغ في دورها في تجارة الترانزيت، ويشيرون إلى أنّ الحصة الأكبر من البضائع التي غيرت وجهتها لا تزال تنتقل عبر مصر. لكن مكاسب إسرائيل - على الرغم من كونها صغيرة - أكثر إثارة للدهشة لأنّ دولا مثل السعودية والعراق ترفض إقامة علاقات مع إسرائيل.

وقالت كولين شيب، وهي المحللة في شؤون الشرق الأوسط لدى شركة «كونترول ريسكس لاستشارات المخاطر» إنّ «الموضوع لا يزال مغلفا بالكثير من السرية، ومن السابق لأوانه ربما الحديث عن طريق تجاري يزدهر وينمو بسرعة». غير أنها وصفت حركة النقل على الممر التجاري بين حيفا ومعبر نهر الأردن في خلال العامين الماضيين بأنها «غير مسبوقة» تقريبا.

ولكن يبقى الكثير من العوائق السياسية والعملية. إذ إن المرفأ في حيفا تملكه الدولة الاسرائيلية ولديه سعة محدودة كما تعيقه الاضطرابات العمالية والإجراءات الأمنية المعقدة. وفي العادة تنتظر سفن الشحن لساعات في خليج حيفا حتى يسمح لها بالرسو. كما يتوجب على الشاحنات والحاويات أن تمر عبر التدقيق الأمني الإسرائيلي الطويل وأجهزة الفحص. أما السائقون الذين يحملون رخص العمل الدولية فهم يلتقون بالموظفين الذين يتولون التدقيق بجوازات السفر على متن السفينة قبل أن يسمح لهم بسلوك طريقهم. وبعد ساعة تصل سفينة الشحن إلى جسر الشيخ حسين الأردني وتعبر الى الأردن. وفي الغالب تشترط القوانين الأردنية أن يتم تفريغ الحاويات في ميناء العقبة على البحر الأحمر ولكن هذا الأمر لا ينطبق على تلك التي تمر عبر الأردن إلى وجهة أخرى، أو التي تم تفريغها وتحميلها في شاحنات أردنية على الحدود.

وكشف عدد كبير من رجال الأعمال عن أنّ البضائع تنتقل من هناك إلى العراق والسعودية.

وقال شلومي فوغل، وهو مالك حوض بناء سفن إسرائيل في حيفا، إن الوثائق تظهر في الغالب مصدر البضائع، لكن ليس طريق الترانزيت الذي تسلكه، وبالتالي فإنّ سلطات البلدان التي تتلقى هذه البضائع إما لا تعرف أو تتجاهل دور إسرائيل في هذه العملية. وأشار إلى أنّ الفولاذ الأوكراني ينقل إلى العراق عبر إسرائيل بوثائق أوكرانية.

وتخطط إسرائيل لبناء مرفأين تبلغ تكلفة كل منهما مليار دولار أميركي وتديرهما شركتان أجنبيتان إحداهما في حيفا، والثانية تبعد 80 كيلومترا جنوبا في اسدود.

ومن المتوقع أن يكون مرفأ حيفا الجديد قادرا على استقبال حوالي 1,5 مليون حاوية في السنة أي ما يعادل ضعف سعته الحالية. ويستكمل بناء سكة حديدية من حيفا إلى بيسان التي لا تبعد كثيرا عن الحدود الأردنية هذا العام، كما يخطط لمرحلة أخيرة من المشروع تمكن الحاويات من الانتقال عبر السكة الحديدية بحلول العام 2017 طول المسافة إلى الحدود.

(رويترز)

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.