تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محامية سورية تحكم قانون الاعلام في جرائم ترتكبها فضائيات معادية

لم يعد خافيا على أحد الدور الذي يلعبه الإعلام في ترويج المعلومات وفي صنع القرار السياسي وفي تدويل الاقتصاد والثقافة ما دفع القوى المعادية إلى استخدام الإعلام في تحقيق ماربها ودس سمومها وترويج اشاعاتها ضد الشعوب المستهدفة لتشن من خلال قنواتها الفضائية حربا نفسية إعلامية للحض على الصدام بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة.

 

وفي هذا السياق أعدت المحامية الأستاذة سها سلامة بحثا قانونيا علميا تحت عنوان "جريمة تعكير صفو الأمة المرتكبة من قبل القنوات الفضائية" ركزت في فصله الأول على المسؤولية الجزائية للقنوات الفضائية من خلال توضيح الأساس القانوني لمسؤولية القناة الفضائية كشخص اعتباري.. فوراء المؤسسة الإعلامية أشخاص طبيعيون يعملون باسم هذه المؤسسة وبوسائلها ولذلك ليس من المصلحة العامة أن يبقى هؤلاء الأشخاص بمنأى عن المسؤولية الجزائية فيما يمارسون نشاطهم الهدام متسترين بهيئة معنوية.

 

ورأت المحامية سلامة أن المصلحة العامة تقتضي أن يتمكن القضاء من اصدار حكمه بحل المؤسسة وتصفيتها ومصادرة ممتلكاتها عندما تقوم بالمخالفات والأفعال الضارة ما يجعل استمرارها خطرا على المصلحة العامة.

 

وتطرق البحث إلى التشريعات التي تقرر المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي فبدأ بالحديث عن القضاء الإنكليزي الذي ينسب للمؤسسة المسؤولية الجزائية من خلال المسؤولين فيها باعتبار أن مقاصد هؤلاء المسؤولين وأفكارهم هي مقاصد وأفكار المؤسسة نفسها ويكفي أن يصدر التصرف عن واحد فقط من أعضاء هذا الجهاز لكي تقع المسؤولية على المؤسسة.

 

كما تطرق البحث إلى المسؤولية الجزائية في قانون العقوبات السوري الذي يؤكد أن الهيئات الاعتبارية مسؤولة جزائيا عن أعمال مديريها وأعضاء ادارتها وممثليها وعمالها عندما يقومون بهذه الأعمال باسم الهيئات المذكورة او باحدى وسائلها.

 

ويتمثل النموذج القانوني لجريمة تعكير صفو الأمة في ان الجرائم التي تنال من الوحدة الوطنية او تعكر الصفاء بين عناصر الأمة هي من الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي وخصوصا عندما تتم عن طريق وسائل اعلامية فقدت مصداقيتها ومهنيتها وخالفت ميثاق الشرف الصحفي وخرقت كل المعايير الموضوعة لتنظيم هذه المهنة.

 

ولا يخفى على أحد كيف نشأت بعض القنوات وخرجت إلى العلن بكادر إعلامي مثقف ومدرب بقوة وتجهيزات ضخمة وتقنيات عالية المستوى ودعم مالي كبير ليتبين فيما بعد ان كل ذلك ما هو الا جزء من سياسة إعلامية مخططة وموجهة وممولة بهدف كسب شعوب هذه المنطقة ومن ثم دس سمومها بينهم.

 

وتقع المسؤولية الجزائية للقناة الفضائية وفق قانون الإعلام السوري على المدير المسؤول أو رئيس التحرير أو صاحب الكلام وهو كل من يورد أو يدون محتوى أو مادة أو معلومة أو خبرا أو تحقيقا أو ملاحظة أو تعليقا سواء كان اعلاميا او لا وبذلك تتحقق مسؤولية هؤلاء جزائيا عن الأفعال التي تشكل جرائم معاقبا عليها في القانون والقوانين النافذة.

 

ومن جهة أخرى فان صاحب الوسيلة الإعلامية مسؤول بالتضامن مع رئيس التحرير والإعلامي بالتعويض عن الأضرار التي تلحق بالغير.

 

وحسب قانون الإعلام فانه يحظر على الوسائل الإعلامية نشر أي محتوى من شأنه المساس بالوحدة الوطنية والأمن الوطني أو الاساءة إلى الديانات السماوية والمعتقدات الدينية واثارة النعرات الطائفية أو المذهبية.. كما يحظر أي محتوى من شأنه التحريض على ارتكاب الجرائم وأعمال العنف والإرهاب أو التحريض على الكراهية والعنصرية.

 

ويصف قانون العقوبات جريمة تعكير صفو الأمة بانها كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منه او ينتج عنه اثارة النعرات المذهبية او العنصرية او الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة ويعاقب عليه بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة المالية وبالمنع من ممارسة الحقوق المدنية.. هذا بشأن الشخص الطبيعي أما الشخص الاعتباري فقد نص قانون العقوبات السوري على عقوبات خاصة به وهي الغرامة والمصادرة ونشر الحكم إضافة إلى مجموعة من التدابير الاحترازية التي يمكن الحكم بها كايقاف الشخص الاعتباري عن العمل او حله إضافة إلى ايقاف الوسيلة الإعلامية عن النشر او البث لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر في المرة الأولى والغاء الترخيص في حال التكرار حسب قانون الإعلام.

 

ويتألف الركن المادي لجريمة تعكير صفو الأمة من عدة عناصر أولها السلوك وهو النشاط الاجرامي الذي يتخذ صورة قيام الفاعل بعمل أو كتابة أو خطاب يسعى من خلاله إلى نشر اراء وأفكار معينة أو تحويرها وتثبيتها والترويج لها وحمل الاخرين على الاقتناع بها واعتناقها واتخاذها أساسا في سلوكهم اذ يمكن ترويج هذه الاراء والأفكار بكل وسائل الدعاية من قول وكتابة ورسم وتصوير وسينما وتلفزيون واذاعة.. كل ذلك بطريقة منظمة على يد أشخاص مدربين من خلال برنامج موضوع وخطة مرسومة تبث السموم في اذان كل من يصدفون وفي كل مكان يصلون إليه.

 

وبالاعتماد على مقولة غوبلز وزير الدعاية النازية التي تحض على تكرار الكذب وباعتماد أسلوب المبالغة اللاعقلانية تبدأ هذه القنوات بتنفيذ جريمتها الموجهة إلى عقول وقلوب جملة المتلقين في محاولة منها لتعكير صفو عيشهم وتنال من وحدتهم الوطنية وتحريضهم ضد بعضهم لتتحول فيما بعد إلى غرفة عمليات تخطط وتنفذ من خلال نشرات كاذبة وبرامج مزيفة والاعتماد على مصادر غير موثوقة.

 

ويتطرق الفصل الثاني من البحث الى القواعد الاجرائية بالاعتماد على نصوص القانون السوري وعلى اتفاقية الرياض للتعاون القضائي بخصوص تبليغ الدعوى وتنفيذها اذ يطبق القانون السوري على جميع الجرائم المقترفة في الأرض السورية.. فصحيح أن هذه القنوات تقوم بالبث من خارج سورية لكن نتائج هذه الأفعال التحريضية تحدث على الأراضي السورية وهذا يعني أن الاختصاص الاقليمي يجعل القانون السوري هو القانون الواجب التطبيق.

 

كما يطبق هذا القانون على كل سوري أو أجنبي فاعلا كان أو محرضا أو متدخلا أقدم خارج الأرض السورية على ارتكاب جناية أو جنحة مخلة بأمن الدولة.

 

وتشير المحامية سلامة في ختام بحثها الى أن تنفيذ العقوبات والتدابير الاحترازية التي تصدر على تلك القنوات وعلى فروعها في سورية من غرامة ووقف الوسيلة الاعلامية عن النشر او البث وسحب الترخيص منصوص عليها ليس فقط في القانون السوري بل في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية أيضا.

 

يذكر أن نقابة المحامين السوريين شكلت مع بدايات الأزمة في سورية لجنة قانونية تعنى بدراسة الجرائم المرتكبة من قبل المحطات الفضائية العربية والدولية ضد سورية مهمتها جمع الأدلة والوثائق الداعمة لادعائها ضد تلك الفضائيات من خلال التواصل مع الجهات التي تتوافر لديها الأدلة والوثائق الداعمة لملف القضية مثل المجلس الوطني للاعلام ووزارة الإعلام ووزارة الداخلية.

 

                                                                                                              سلوى صالح

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.