تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نطاق تطبيق قانون الإعلام السوري!!

 

 

إن غاية القانون ليست فقط حماية الأخلاق في المجتمع إنما يمتد سلطانه إلى المصالح السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة بغية الحفاظ على ديمومة المجتمع وتطويره للأفضل.

 لذلك ساد التشريعات الجنائية المعاصرة مبدأ هام هو لا جريمة ولا عقوبة إلا بناءً على نص ويسمى بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ويفترض هذا المبدأ حصر مصادر التجريم والعقاب في النصوص المكتوبة.

ولم يخرج المشرّع السوري عن هذا النهج في الدستور الحالي وقانون العقوبات العام حرصاً منه على  احترام مبدأ سيادة القانون في العمل الإعلامي بالمادة 102 من المرسوم التشريعي رقم 108 لعام 2011 المتضمن قانون الإعلام (يطبق على الجرائم المنصوص عليها في قانون الإعلام الأحكام المتعلقة بالصلاحيات الإقليمية والذاتية والشخصية والشاملة المنصوص عليها في قانون العقوبات) وهذا النص ينطوي على أهمية كبيرة كونه يضع المخالفين لأحكامه في إطار الشرعية الدستورية فيستمد منه أساسه، الأمر الذي يجعلها مقبولة لدى الأفراد كونها توقع من أجل مصلحة المجتمع.

فالعقوبة على ما هو معلوم بغيضة بصورة خاصة عندما تكون وسيلة للعنف والطغيان, أما إذا وقعت استناداً إلى القانون وطبقاً لنصوصه أصبحت عادلة ومشروعة. فيتاح للفرد معرفة حدود حريته في العمل والتصرف بثقة واطمئنان وتتولد الثقة لديه بأن حقوقه لن تتزعزع حيث يصونها القانون وأن كل الضمانات القانونية التي تصون هذه الحقوق والحريات يمكن تحريكها إذا وجد أي تطاول عليها سواء داخل الإقليم أو خارجه. وتحكم هذه الحماية ثلاثة مبادئ جاءت في النص السابق هي:

أولاً، مبدأ حماية مصالح الدولة المتمثلة (بالصلاحية أو المبدأ العيني), ويشمل كل جريمة تمس المصالح الأساسية للدولة مهما كانت جنسية مرتكبها, وأياً كان الإقليم الذي ارتكبت فيه, شريطة أن لا ترتكب في نفس الدولة.

ثانياً، مبدأ حماية المواطنين أو (الصلاحية الشخصية) بالرغم من انحسار دوره في القوانين الحديثة, حيث أصبح دوره مكملاً لمبدأ الاختصاص الإقليمي, الذي يعد الأصل في سريان القانون.

ثالثاً، مبدأ التعاون الدولي في مكافحة الإجرام أو ما يسمى (بمبدأ عالمية أو شمولية النص الجنائي), حيث أن بعض الأشخاص مرتكبو الجرائم يحاولون مغادرة الدول التي يرتكبون فيها جرائمهم, وتغيير جنسياتهم وفق التشريعات التي تجيز لهم ذلك. ومن هنا برزت أهمية وجود هذا المبدأ؛ مبدأ العالمية لمحاربة هؤلاء المجرمين. وقد اشتُرطت لكل مبدأ من هذه المبادئ شروط وحالات معينة تجسده.

وكثيراً ما يرتكب بعض الأفراد في إحدى الدول جرائم ثم يهربون إلى دولة مجاورة ليتواروا عن الأنظار ويتخلصوا من العقاب, مما يسهّل هرب المجرمين, لاسيما في عصرنا الحاضر, بعد تطور وسائل المواصلات التي تتيح لعصابات الإجرام الدولي ارتكاب جريمة في أي بلد ثم الانتقال إلى بلد آخر لارتكاب جريمة أخرى. وقد اهتمت الدول  ـ ومنها سورية ـ بوضع قواعد دقيقة وواضحة والإشارة الواردة في قانون الإعلام إلى هذه المبادئ جاءت من باب الحرص الشديد على احترامها وتكريسها في العمل الإعلامي،  وبالتالي فإن أي انتهاك لقواعد هذا القانون لا يمكن  القول إنها بمنأى عن  الملاحقة القانونية متى توافرت الأركان القانونية للجرم المرتكب،  سيما متى اتسمت بالعلانية التي نصت عليها الفقرة الأولى من المادة 102 من قانون الإعلام.

فإذا وقعت جريمة السب أو القذف أو التحريض أو نشر معلومات كاذبة أو غيرها من الجرائم عبر وسيلة إعلامية خارج حدود البلاد أو داخلها أو عبر شبكة الانترنت، فإن القانون يطبق عليها في ظل هذه المبادئ الراسخة في عالم القانون، وإن كان علينا الاعتراف أن هناك العديد من العقبات التي تحول دون تمكن القضاء الوطني من تطبيق هذه القواعد، ويتعذر معها ايقاع العقاب على بعض مرتكبي هذه الجرائم، لذا فإن إيجاد مدونة عقابية دولية في هذا المجال يعد أكثر نجاحاً في قمع ومكافحة هذه الجرائم، حيث أن أهمية القانون لا تكمن في وجوده فحسب، بل في تطبيقه وتنفيذه.

                                                                                      أمل عبد الهادي مسعود

 

   

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.