تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الإعلام السوري الرسمي والمنهج البيروقراطي؟!!

مصدر الصورة
SNS


                                                                                                                                                                                      13/3/2014         


أليس من الممكن أن يكون إعلامنا الرسمي، المقروء والمسموع والمرئي، أفضل حالاً وبنفس الإمكانات المالية؟!!

قبل الخوض في تفاصيل الموضوع نقدّم معلومتين، لهما الكثير من الدلالات والتأثير على العمل الإعلامي في سورية: أولاً، إن عدد العاملين في التلفزيون العربي السوري يتجاوز الخمسة آلاف، القسم الأكبر منهم لا يحمل إجازة جامعية. ثانياً، أنّ عدد العاملين في صحيفة الثورة يتجاوز الألف موظف، بينما عدد صفحات الصحيفة اليومية /12/ صفحة فقط بعد تقليصه. والمعلومة الثالثة والأهم؛ أنّ تعيين موظفين آخرين ما يزال مستمراً في هاتين المؤسستين المترهلتين. (الإشارة إلى هاتين المؤسستين هي مثال فقط، وما يجري فيهما ينطبق على المؤسسات الإعلامية الأخرى، فلا فرق). والسؤال البدئي والبديهي الذي يطرح نفسه؛ هل حجم العمل في مثل هاتين المؤسستين يتطلب هذه الجيوش من العاملين. ثم ألا تحتاج هذه الجيوش من العاملين جيوشاً أخرى وآليات وأجهزة نقل ومواصلات.. ورواتب لخدمتهم؟!

وإذا كان البديهي أن يتم الحديث عن تحسين المنتج الإعلامي وأنَّ هذا يقتضي بدوره وجود الكوادر المتخصصة المدرّبة والمؤهلة والخطط والبرامج والسياسات الإعلامية، وإلى وجود "إعلاميين" يعملون بعقل إعلامي وليس موظفين، وإلى مراقبة المنتج الإعلامي لتحقيق جودة أفضل... الخ، فإننا لن ندخل الآن في تفاصيل هذا الجانب المهني الذي يحتاج بحثاً طويلاً وخاصاً. ولكننا سنركّز على الجوانب الإدارية والمالية والبيروقراطية التي تعيق وتكبل وتؤخر العمل في المؤسسات الإعلامية. والحقيقة أن بعض هذه الجوانب ينطبق على معظم مؤسسات القطاع العام، لأن المؤسسات الإعلامية تعمل مثل بقية المؤسسات وبطريقتها وبعقليتها وليس العكس.

وإذا أخذنا، وناقشنا مثلاً، حالة صحيفة الثورة والقرار القاضي بتقليص عدد صفحاتها، بحجة التوفير، فإن الأجدى كان ولا يزال، هو الإبقاء على عدد صفحات الصحيفة كما كانت، بل وزيادتها وتحسين شكلها ومضمونها، والاستغناء بدلاً من ذلك، عمن لا عمل ولاحاجة لهم في الصحيفة لأن ذلك سيوفر السيولة التي يمكن صرفها على زيادة عدد صفحات الجريدة وسيؤدي إلى التخلص من الكثير من المشاكل التي يسببها الكادر البيروقراطي، الذي لا عمل له؛ لأن مشكلة وجود أكثر من ألف موظف(صحفي، إداري، فني....الخ) لا حاجة ولا عمل لهم يكلّف أكبر مؤسسة في العالم نفقات تقودها إلى الإفلاس.

فنحن، ربما البلد الوحيد في العالم، الذي يتم فيه تعيين الموظفين، ليس لحاجة المؤسسة لهم، بل لإعطائهم الرواتب؛ أي أن التعيين بقصد الاسترزاق وليس بسبب نقص الكادر، وبهدف خدمة الأشخاص الذين يتم تعيينهم، وليس خدمة المؤسسات وتحسين مردودها.. بل إن الكثير ممن يتم تعيينهم ليسوا مؤهلين للعمل في الأماكن التي يعينون فيها. علينا، حقيقة، أن نجيب عن السؤال هو: من يخدع أصحاب القرار بشأن القرارات التي يجب أخذها بحجة التوفير؟ نعم، يجب التوفير والتخفيف من الهدر، ولكن كيف وأين، وبما لا يسيء للعمل؟!

وألفتُ هنا، وفي سياق الحديث عن التوفير وضرورة الاحتفاظ فقط بالكوادر الضرورية "فعلاً" في المؤسسات الإعلامية، إلى بدعة "عقود الثلاثة أشهر"، وهي من أسس الهدر المالي في مؤسسات الدولة، وبدون عائدية قيمية في الوظيفة. هذه العقود هي لخدمة الأشخاص الذين يتم التعاقد معهم، وليست لخدمة العمل أبداً، وهي تكلّف الدولة المبالغ الكبيرة. ومن حقّنا أن نسأل: إلى متى تبقى مؤسسات الدولة، ومنها الإعلامية، مكاناً لتجمع العاطلين عن العمل؟ أو البطالة المقنعة؟! إلى متى نتباهى ـ كأشخاص ـ بأننا لا نذهب إلى العمل أو أننا نذهب ولا نعمل، أو أنّ لا عمل لدينا بالمطلق، أو أنّ أحداً لا يدقّق في حضورنا إلى مكان العمل أو عدمه... الخ، ومع ذلك نحصل على الحوافز والاستكتاب والبونات ونطالب بالمزيد...؟! وآخر التقليعات هي أن يقوم شخص ما بالتعاقد مع مؤسستين في وقت واحد ولا يلتحق بأي منهما ومع ذلك يحصل على راتبين!!

"المطلوب مؤسسات إعلامية تعمل، وليس تنفق وتصرف وتسرف دون إنتاج.. علينا إعادة النظر بطريقة الإنفاق لنحصل على منتج أفضل بنفس الكمية من المخصصات"

المطلوب تعيين من نحن بحاجة لتعيينه من الإعلاميين والمختصين فقط، لا أن تتحوّل المؤسسات الإعلامية إلى جمعيات خيرية أو أماكن للعاطلين عن العمل. لأن من لا يعمل يعيق ويمنع غيره من العمل. وإذا كانت الدولة تريد منح رواتب للناس بغض النظر عمّا يقومون به من عمل أو مجهود، فالأفضل إنشاء "مؤسسة للعاطلين عن العمل"، يعمل بها من لا عمل له ويحصل على الراتب المطلوب. فهناك العشرات من وسائل الاعلام المحلية الوطنية التي تحتاج المساعدة المالية لمواصلة عملها ودورها الوطني الذي نحن بأمس الحاجة له ولها، وهي أولى بالمساعدة.

غيض من فيض.. وللحديث  بقية..

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.