تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الأخبار المصورة تلفزيونياً- فاعلية الكادر البشري «دراسة مهنية»


قبل الولوج في صلب الموضوع أود أن أؤكد أنني لا أقصد هنا تسليط الضوء على واقع الأخبار المصورة في التلفزيون العربي السوري ولا في غيره إنما هي رؤيا مهنية عامة تلامس تطوير صناعة الخبر المصور بشكل مطلق في أي تلفزيون دون تحديد أو تقييد.

 
 
فمما لا شك فيه أن وسائط الاتصال وما تقدمه من خدمات وعلى رأسها الخدمة الإخبارية قد تطورت بشكل جلي وواضح وسريع في عصر (الروموت كنترول) وقد يكون التنافس بين المحطات التي تنتج أخباراً (متخصصة أو عامة) وكذلك سيطرة التقانات الحديثة والمتطورة على حلبة التنافس بين القنوات الفضائية- سبباً رئيساً ومباشراً في هذا التطور، ولكن ورغم ذلك التقدم التكنولوجي الهائل في مجال إنتاج الأخبار إلا أن هناك إجراءات وسلوكيات مهنية محددة تتعلق بحرفية الكادر البشري القائم على عملية إنتاج الخبر سواء أكان مذيعاً أو محرراً أو مخرجاً أو مراسلاً.. وصولاً إلى أي فني له علاقة بإدارة الأشكال الفنية المستخدمة في نشرات الأخبار. وهذا يعني أن الخبر المصور الذي يصل إلى المتلقي في منزله أو مكان عمله أو أي موضع يشاهد فيه التلفزيون هو نتاج لجهد فريق عمل متكامل ويتمتع بالانسجام والتوافق... وربما نجد الآن من يتساءل متسرعاً: ما هذه الإجراءات والسلوكيات المهنية المحددة التي تتعلق بالكادر البشري وتحكم مستوى أدائه بصفته فريقاً متكاملاً في إنتاج الخبر المصور؟!
هذه الإجراءات إذا لم يتم مراعاتها والتقيد بها بصورة عالية الدقة فإن مستوى الأداء سوف ينخفض ويتدنى إلى حد- ليس الخروج من حلبة المنافسة مع الآخر- بل المراوحة في المكان أولاً ثم العودة إلى الوراء ثانياً فخسارة المشاهد ثالثاً وهذا يعني الخروج من أرض الملعب والوقوف خارج المضمار... هذه الإجراءات يمكن رصد بعضها بما يلي:
1- لابد من عملية انتقاء للأخبار الواردة حسب الأهمية (الأهم فالمهم) وإذا لم يتم وضع نقطة زمنية لانتهاء النشرة فإن السيطرة عليها ستفقد أولاً. وكذلك سيفقد التحكم بالوقت المخصص للخدمة الإخبارية ثانياً فإذا كانت مدة النشرة (30) دقيقة فمن الأفضل أن يكون وقت إغلاق التحضير قبل الهواء بنصف ساعة. وكذلك إذا لم تلحظ تلك النقطة الزمنية لانتهاء النشرة فإن الخسارة الأكبر تكون في فقدان المشاهدين وتحولهم إلى قنوات أخرى.. (بالمناسبة: إن خطوة الفضائية السورية مؤخراً بتحديد مدة النشرة بثلاثين دقيقة قد لاقت استحساناً وترحيباً).
2- دخول المذيعين إلى الاستوديو قبل الهواء بوقت كاف أمر ضروري لضبط الصوت والإضاءة والاطمئنان على جهوزية الاتصالات الخارجية (هواتف وعبر الأقمار) وعلى كل ما هو داخل الاستوديو ويتعلق بالنشرة، ويكفي أن يدخل المذيعون إلى النشرة المحددة بنصف ساعة قبل الوقت بربع ساعة.
3- حالياً وصل التطور التقني إلى استخدام نظم إنتاج للأخبار تعمل إلكترونياً.. ولكن قد يحدث أحياناً وبشكل مفاجئ عطل في النظام وهو ما يوقف العرض المصور للأخبار. للخروج من هذا المأزق عند حدوثه لا بد من أخذ الحيطة بنقل المواد المرئية للنشرة على شرائط تجنباً لأي أعطال مفاجئة.
4- النشرات الإخبارية المصورة صارت تعتمد بشكل أساسي على التقرير الإخباري الذي صار سمة مميزة لهذه النشرات إنما لم يلاحظ البعض حتى الآن أنه كلما قصرت مدة التقرير كان أفضل للمشاهد والملاحظ أننا نسمع من المذيع المقدم للنشرة أثناء قراءته المقدمة لتقرير ما... جملاً وضعها له المحرر وهي من متن التقرير. وهذا يشكل تكراراً لا معنى له... لذا يجب تأكيد أن تقتصر المقدمة على ذكر أحدث المستجدات. أما إذا جاءت تطورات أثناء إذاعة التقرير فيمكن الإشارة إلى ما يستجد عقب التقرير.
5- خلاصة التقارير الخارجية (سواء أكانت محلية أم دولية) تخصص لذكر ما لم يأت في التقرير وتكون مباشرة ومختصرة. أما إعادة المراسل في الختام لما قاله سابقاً فإنه وقوع ممجوج في خطأ التكرار فإن لم يجد شيئاً يقوله فإنه يختتم التقرير باسمه واسم المكان الموجود فيه واسم التلفزيون الذي ينتمي إليه ويراسله.
6- كلنا يلاحظ أنه تتم في مختلف القنوات- وفي نشرات الأخبار حالياً- استضافة معلقين أو مسؤولين وذلك لمتابعة خبر أو حدث. لهذا فمن الضروري أن يناقش المذيع مع رئيس التحرير الأسئلة الموضوعة للضيف مع مراعاة أن تكون هذه الأسئلة قصيرة ومباشرة.
وعند الترحيب بالضيف يراعي ذكر اسمه ووظيفته دون الإطراء والإطالة في الترحيب أو الإطناب في التحية بل إن بعض الخبراء يرون- عدم الترحيب والتحية بالمطلق- كذلك عدم استخدام ألفاظ دالة على التضخيم مثل الأستاذ الكبير أو المحلل القدير وغيرها... ويكتفي بالسيد أو الأستاذ أو الدكتور إذا كان من حملة الدرجات العلمية. وفي الختام ينهى الحوار دون شكر بل يكتفى بالطريقة التي اتبعت في البداية.
7- مثلما أن حضور المذيعين إلى الاستوديو بشكل مبكر هو ضروري، كذلك يكون حضورهم إلى غرفة التحرير بل لعله أهم إذ من الطبيعي أن يقوم المذيع بمراجعة النشرة ومتابعة التطورات الواردة على وكالات الأنباء ذات الصلة بأخبار النشرة والمشاركة مع المحرر في تجهيز أسئلة المقابلات أو الحوار... ومن البديهي أن رئيس التحرير هو المسؤول عن النشرة تحريراً فإن حضوره بشكل مبكر هو ضروري أيضاً لأنه يتخذ القرار في كل ما يذاع من حيث الشكل التحريري وكذلك المخرج فهو مثلهما في ضرورة الحضور المبكر وهو المسؤول عن تنفيذ النشرة فنياً واتخاذ القرار في كل ما يتعلق بجماليات الكادر.
8- حدث تطور كبير في مجالات مختلفة تتعلق بالأخبار المصورة حتى وصل الأمر إلى الاعتراف بمدارس حديثة متقدمة ترى أنه يجب اعتماد القاعدة التي تقول (خير الكلام ما قل ودل) ما دام التلفزيون يتعامل أساساً مع (الصورة) وكذلك تقانة (الغرافيكس) التي يجب اعتمادها في إعداد الصور الاستهلالية أو المشاهد الثابتة والرجوع من قبل رئيس التحرير إلى فريق التحرير ليقترح عليه القصص والأحداث التي يمكن توظيف الغرافيكس فيها ولهذا يعتبر فريق الغرافيكس جزءاً من كادر التحرير البشري.
9- الأحداث الطارئة هي التي يجري التعامل معها وفق قواعد الخبر العاجل سواء باستخدام ما يشير إليها على الشاشة (الكتابة بالأحمر مثلاً) أو إعداد زاوية لها تحت مسمى (أهم الأنباء) ويخصص رئيس التحرير فريق عمل من المحررين والمراسلين والمذيعين والفنيين (أسرة الإخراج) يتولى متابعة الخبر العاجل.
10- الشريط الإخباري صار سمة للقنوات التلفزيونية ومن الضروري جداً- وكما نراه عند معظم هذه القنوات- تنويع الخدمة الإخبارية فيه فنرى منها السياسية والاقتصادية والرياضية والخدمية وسواها. وعلى المحرر أن يقوم بتحديث الشريط كل ثلاث ساعات. مع ضرورة أن يتولى الشريط محرر متميز تحت إشراف مباشر من رئيس التحرير.
أخيراً لا بد من الاعتماد على التخطيط الإخباري وفق نظام الأجندة لأنه يساعد أطراف المنتج الإخباري عامة (التحرير، الإخراج، المراسلين، المذيعين... إلخ).
وبناء على ما تقدم يمكن القول: إن أهم ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار هو الفهم الجيد لنفسية المتلقي الذي لم يعد قادراً على تحمل نشرة أخبار مملة. لذلك فإن عامل الإبهار والإدهاش في الشكل و المضمون هو أحد أهم العوامل الأساسية في جذب اهتمام المتلقي إضافة إلى اتباع السرعة في ملاحقة الأخبار بما يحقق السبق والانفراد في تقديم الخدمة الإخبارية مع ضرورة الالتزام بالدقة والموضوعية. وكل هذا يمثل تحدياً يواجه الكادر البشري (فريق العمل) في أخبار التلفزيون وعليه أن يقبل التحدي إذا أراد الاستمرار والنجاح في مجال المنافسة في عصر (الروموت كنترول) وتقديم خدمة إخبارية عالية المستوى تكون علامة وشاهداً على نجاح القناة.
                                                                                                                          محمود الجمعات
                                                                                                                 عضو المجلس الوطني للإعلام


إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.