تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الفضائيات العربية بين عولمتين: جيوبوليتيك وخطاب الفضائيات العربية: تأليف د. حياة الحويّك

 


                                                                              18 /06/2014

الفضائيات العربية بين عولمتين
جيوبوليتيك وخطاب الفضائيات العربية
تأليف د. حياة الحويّك 
- إصدار منتدى المعارف, بيروت 2013 (ط1, 512 ص)
عرض وتقديم د. خلف الجراد

الدكتورة حياة الحويّك كاتبة وباحثة وأديبة عربية,حائزة الدكتوراه في موضوع وسائل الاتصال من جامعة السوربون بفرنسا (عام 2008). معروفة بحضورها القوي والمميز على نطاق واسع في الأوساط الثقافية والإعلامية والسياسية منذ حوالي ثلاثة عقود, وكذلك في ميدان التدريس والمحاضرات والندوات الفكرية, ولاسيما في مجالات الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.
لها مؤلفات عديدة في أدب الرحلات والمسرح والرواية والنقد والترجمة.وقد أثرت المكتبة العربية والفرنسية بعشرات الكتب المؤلفة والمترجمة,إضافة إلى مئات المقالات الفكرية والسياسية والثقافية والإعلامية في الصحف العربية والعالمية.
يسعدني أن أقدم هنا عرضاً.. آمل أن يكون موضوعياً ومتوازناً لكتابها الجديد, والذي حظي بنقاشات واسعة واهتمام كبير منذ لحظة إطلاقه إلى الآن.
يتألف الكتاب من ثلاثة أقسام وإثني عشر فصلاً, وخاتمة, بالإضافة إلى ثبت بالمصطلحات والمراجع. وهو عمل علمي أكاديمي, يستند إلى جداول وإحصاءات ومعطيات رقمية دقيقة للمشهد التلفزيزني الفضائي في المشرق العربي مابين عامي 1990 و2004, استناداً إلى مجموعة من المؤشرات الارتكازية والأساسية لهذا المشهد, وهي: المصادر والعائدات الإعلانية للمحطات الأربع, التي شملتها الدراسة (الجزيرة, أبو ظبي, المنار, والعربية) مابين عامي 1990- 2004, والعائدات الإعلانية لست محطات تلفزيونية لبنانية لعام 2001, وجدول الهوية السياسية والإيديولوجية للمحطات الأربع المذكورة والهيكل الإداري لمجموعة إم بي سي, بالإضافة لجداول إحصائية عن الأعوام من 2000 إلى 2004, تتضمن توزيع الموظفين, وتوزيع الصحفيين العاملين, وتوزيع العاملين بحسب الجنس, وتوزيع جداول البرامج بحسب الشكل والموضوع, وتوزيع البرامج بحسب أولويات المناطق والقضايا, ونسبة البرامج المحلية والعربية إلى المستوردة, وتوزيع البرامج بحسب المصدر (موقّع أو مجهول الهوية).
شكلت مقدمة الكتاب جولة سريعة في تاريخ تطور وسائل الإعلام, حيث رأت فيه وجهاً من وجوه تاريخ التطورات والتحولات السياسية الكبرى, منذ العصور القديمة وصولاً إلى المرحلة المعاصرة.
وعندما جاء ما يسمى "النظام العالمي الجديد", الذي رسمت بدايته في سقوط جدار برلين (في عام 1989), ترافق بثورة وسائل الاتصال المرتبطة بالثورة التقنية وبانتصار ليبرالية السوق.
أما عربياً, فإن "النظام العالمي الجديد" بدأ في عام 1991 وعام الحرب الأولى ضد العراق. وهي حرب أقامت - بحسب رأي المؤلفة - نظاماً إقليمياً جديداً, إحدى سماته الثورة التي حصلت في مجال الإعلام الفضائي, حيث انطلقت الفضائية العربية الأولى مع الحرب (عام 1991), ليصل عدد هذه الفضائيات إلى أكثر من 50 في عام 2003 (تاريخ احتلال العراق), وإلى 250 قناة عام 2005 وأكثر من 400 قناة في عام 2008.
أما لماذا اختارت الباحثة د. الحويّك, التركيز المقارن على القنوات الأربع (الجزيرة, أبو ظبي, المنار, والعربية), فإن ذلك يعود للأسباب التالية:
1 – خلفيتها البحثية المهنية التي تركزت عبر ثلاثين سنة في الإعلام الإخباري الجيوبوليتيكي بالدرجة الأولى, والثقافي بالدرجة الثانية.
2 – القنوات الأربع المذكورة, هي حتى عام 2004, المحطات الإخبارية العربية الوحيدة.
3- تمثل هذه المحطات القوى السياسية والإقتصادية, التي تمتلك خيوط اللعبة في المنطقة العربية ومنطقة "الشرق الأوسط" بالتواصل مع القوى الدولية.
4- تحتل هذه المحطات وبخاصة الخليجية الثلاث منها, رأس قائمة قياس المشاهدة. كما تدل دراسات استطلاعية عديدة وأشارت المؤلفة إلى بعضها, وأهمها:
- الاستطلاع الأول الذي نفذته السفارة الأمريكية في دولة الإمارات العربية المتحدة,ويعقد مقارنة في مستوى مشاهدة القنوات الإخبارية بين ثلاث محطات عربية وثلاث أجنبية (الأجنبية لاتدخل في نطاق البحث هنا). أما بالنسبة لقناة "المنار" فهي لم تكن مطروحة إلا في واحدة من هذه الاستطلاعات فقط.
- استطلاع آخر حول وسائل الاتصال في "الشرق الأوسط" (المشرق العربي), وإيران وتركيا,نظمه ( Stop been communication Ltd),حيث احتلت فيه قناة "الجزيرة" الموقع الأول كرائدة في تطوير البث التلفزيوني وكرافعة لتغيير وتطوير الإعلام التلفزيوني في الوطن العربي, تليها "العربية" في المركز الثاني, و"المنار"في المركز الثالث.
وتقول المؤلفة: إن مصطلح "الجزيرة", أي اسم القناة الإخبارية, جاء على رأس قائمة المصطلحات الأكثر بحثاً على محرك البحث "ليوكس"خلال الأسبوع من 24-29 آذار/مارس 2003. وبحسب "ليوكس", فإن البحث عن كلمة "الجزيرة"شكّل ثلاثة أضعاف البحث عن كلمة "Sex", والتي تشكل في العادة البطلة المطلقة لمحركات البحث.
- كذلك فإن استطلاعاً أجراه "مركز أبحاث عالم المعرفة"وأداره خزندار, الأستاذ في كلية العلوم السياسية في "الجامعة الهاشمية" في الأردن, شمل 1251 أستاذاً جامعياً, ينتمون إلى 19 بلداً عربياً, خرج بمايلي: احتلت "الجزيرة" المرتبة الأولى في المشاهدة بين القنوات الإخبارية, حيث يتابعها 89,4 في المئة من 3-4 ساعات يومياً, كذلك فإن دراسة أخرى نظمتها "جامعة الملك سعود" في الرياض دلت على أن "55 في المئة من أساتذة الجامعات يفضلون الجزيرة, وتأتي مجموعةMBC (بما فيها "العربية")في الموقع الثاني وقناة "أبو ظبي" في الثالث".
أما "المنار", القناة ذات الخصوصية المميزة ليس على الساحة اللبنانية فحسب, وإنما العربية الإسلامية, فقد أعطاها استطلاع أجرته الهيئة العامة للإستعلامات في فلسطين, المرتبة الثالثة في المشاهدة بعد "تلفزيون فلسطين" و"الجزيرة", والمرتبة الثانية في الصدقية (ص 20).
وقد خصصت الكاتبة القسم الأول من مؤلفها لدراسة المشهد السمعي-البصري الفضائي في المشرق العربي (1990- 2004), حيث أشارت إلى أنه لغاية عام 1991, لم يعرف الفضاء العربي إلا المحطات الأرضية الرسمية, التي كان بث كل منها يغطي بلاده, إضافة إلى أجزاء من الدول المجاورة. وكان المشترك الوحيد بين الجمهور المشاهد في الدول العربية, هو المسلسلات التلفزيونية التي تباع لأكثر من قناة. أما الفترة مابين عامي 1991 و2004, فقد اتسمت بدعوات أمريكية للتغيير الديمقراطي في المنطقة, وتسويق عصر جديد من الحريات, فيما كانت ظاهرة الخصخصة تتسارع في كل المجالات, بما فيها الإعلام.
وتؤكد الباحثة د. حياة الحويّك, أنه بالرغم من ذلك, لم تكن الليبرالية الاقتصادية والإعلامية الجديدة مترافقة مع ليبرالية ديمقراطية سياسية في الدول التي هيمنت على الإعلام, فالأنظمة الشمولية الأوليغارشية, لم تزل في مكانها بالأسر نفسها والأسماء نفسها. وإذا كان بعضها قد اتخذ بعض التدابير الإصلاحية, فإن هذه التدابير لم تمسّ العمق ولم تخرج عن دائرة التأقلم, الذي لايهدد السلطة المونارشية.
وتتساءل: كيف يمكن إذاً تفسير ثورة الإعلام الفضائي في ظل استمرار هذه السلطة؟.
وتضيف: هل يمكن أن تشكل هذه الظاهرة معبر انقلاب حقيقي من ديكتاتورية الأنظمة, ولاسيما أنها فتحت الطريق أمام التعبير عن تعددية وحرية تعبير غير مسبوقين؟.. ولكن كيف يمكن ألا نتساءل عن التناقض بين تحرير الإعلام التلفزيوني في دول تعيش تحت سلطة أنظمة تقيد الحريات السياسية والاجتماعية والدينية؟.. وعن حقيقة الخصخصة في ضوء البحث عمّن يمول هذه الفضائيات, وعن مدى استقلال هذا التمويل عن السلطات المحلية والعولمية واستراتيجياتها السياسية والاقتصادية في لقاء بين ديكتوتارية السوق وديكتاتورية مراكز قوى أخرى؟.
وبالتالي: هل الطريق الذي فتحته العولمة والثورة التقنية أمام خصخصة الإعلام قد أدى إلى هيمنة السلطات المسيطرة على الثروات في الوطن العربي على الرسالة الإعلامية في عملية تأقلم, وإخراج جديد لأنظمة تتحكم بالإعلام, وتخضع بدورها لتحكم أسياد النظام العالمي الجديد؟..أم أنه فتح الطريق أمام الوصول إلى تشكيل فضاء عام ورأي عام ديمقراطي (ص24).
خصصت المؤلفة بداية الكتاب لإعطاء نظرة (بانورامية)حول المحطات والباقات الأكثر أهمية,بدءاً من تواريخ إنشائها,وتبعيتها,ومقراتها,وطبيعتها,وساعات البث,والتمويل... الخ.
وتبين الدراسة أن 90 بالمئة من المحطات الفضائية في الوطن العربي (البالغ عددها 520 محطة في عام 2009) تبث باللغة العربية,73 بالمئة منها ملكيات خاصة,25,9 بالمئة هي محطات فضائية, تتركز غالبيتها في دول الخليج وبلاد الشام.
ومن الجداول (البانورامية) يتضح أن هذه القنوات تتفاوت في نسبة انتشارها وتطورها. لذا اختار البحث 20 قناة وباقة أنشئت خلال الفترة من 1991- 2004, لرسم صورة للمشهد السمعي البصري الفضائي في المشرق العربي.
وبعد ذلك درست الباحثة عائدية هذه الوسائل (حكومية أم خاصة) ومالكيها ومموليها. وتكشف الجداول المعتمدة عن طبيعة الفضائية العربية الأولى, التي كانت مصرية حكومية, أطلقت في نهاية عام 1994, ثم جاء إطلاق باقة الـ إم بي سي من لندن في عام 1994, وأعقبته الباقة السعودية أي أر تي, ثم الباقة السعودية الثانية أوربت, التي أطلقت في أيار/مايو 1995, وتبث من مقرها في لندن ومن اليونان والبحرين.
وظهرت القنوات والفضائيات العائدة لكل من رفيق الحريري وصالح كامل والوليد بن طلال. وفي عام 2003, أنشأت الـ إل بي سي آي (التي آلت معطم أسهمها للوليد بن طلال) شراكة مع جريدة "الحياة" السعودية بهدف إطلاق قناة أخبارية, لكن التجربة فشلت.
أما لبنان فقد شهد بين عامي 1991-2004, انطلاق 8 فضائيات وباقات تبث كلها من بيروت العاصمة, منها "المنار", تلفزيون حزب الله الذي تحول إلى البث الفضائي في عام 2000, إن بي إن (NBN), قناة نبيه برّي زعيم حركة "أمل", تلفزيون الجديد (NTV), الذي مثّل اليسار اللبناني آنئذ. وفي عام 2004 انطلقت من لبنان محطتان غير لبنانيتين هما :"العالم" الإيرانية, والـ أي إن بي (ANB) التي أنشئت براس مال عراقي ورخصة لبنانية في تشرين الأول /أكتوبر 2004.
شهد الأول من نيسان /أبريل 1996 إنشاء قناة "الجزيرة" القطرية بمرسوم أميري. مقر القناة في الدوحة, بدأت بثها بـ 6 ساعات يومياً, ثم 12, ثم 24 ساعة.أما المالك المعلن, فهو الحكومة القطرية.
في 15 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2000, دخلت الإمارات العربية المتحدة حلبة الفضائيات بعدة محطات: أبو ظبي, دبي, ثم سائر الإمارات. غير أن التحول المهم هو ذاك الذي حصل مع قناة "أبو ظبي" التي تبث من العاصمة الإماراتية لتصبح المنافسة الأولى "للجزيرة" على الساحة العربية, حيث تبث على عربسات, نايلسات, هوتبيرد, أوروبيرد ونحو أمريكا على تيليستار.
بعد عشر سنوات من إنشاء القطاع العام المصري للقناة الفضائية الأولى في الوطن العربي, تحرك القطاع الخاص في مصر, حيث تشكل فريق من رجال الأعمال لإطلاق قناة باسم "المحور", لكن خلافاً بين المساهمين جعل أحمد بهجت, ينسحب من الفريق ويطلق قناة باسم "دريم" بميزانية بلغت 40 مليون دولار (عام 2001). وقد اعتمدت "دريم", لاكتساب الجمهور على اسمين كبيرين: محمد حسنين هيكل, وحمدي قنديل. غير أن الفضائيات الخليجية لم تلبث أن اجتذبتهما, هيكل إلى "الجزيرة" وقنديل إلى "دبي". تابع حسن راتب مشروع قناة باسم "المحور", وأطلقها في عام 2002, لكنها لم تستطع أن تحقق نجاحاً كبيراً.
في عام 2002, عادت إم.بي.سي إلى الوطن العربي, ولكن ليس إلى السعودية, فاستقرت في المنطقة الإعلامية الحرّة في دبي بـ1200 موظفاً, وأطلقت ثلاث محطات جديدة في الأعوام 2002-2003-2004, كانت الأهم من بينها القناة الإخبارية "العربية".
في أيار/مايو 2003, أطلقت الفضائية السعودية الأولى (المجد) بثها النجريبي من الرياض, ثم اطلقت بثها الرسمي في ربيع الأول 1424 هجري, كما جاء على موقعها الذي يلتزم التقويم الإسلامي حيث أن القناة, والباقة تختص حصرياً بالبرامج الدينية الإسلامية, وبعض البرامج الوثائقية والعلمية وبرامج الأطفال, التي يخضع بعضها للتشفير.
وتبرز ظاهرتان:عدد كبير من الفضائيات العراقية, وعدد جديد من الفضائيات الدينية الممولة سعودياً,عراقياً, وقطرياً, إضافة إلى 90 طلباً قدمت للمنطقة الحرة في دبي في كانون الثاني /يناير 2004, وقد وصف باحث عربي (طارق ديلواني), مايجري في هذا السياق بأنه "ساحة حرب القاسم المشترك فيها هو الرداءة".
أما بالنسبة لملكية الفضائيات العربية, فإن المؤلفة تقدم توصيفاً دقيقاً لمالكي هذه الوسائل, الذين أطلقت عليهم "فوربس" تسمية "اباطرة الإعلام العربي", والذين يشكل قسم كبير منهم "واجهات تستعمل لغسل السياسات الرسمية لحكامهم". ومن أبرز المالكين للفضائيات والباقات الإعلامية العربية: الشيخ ابراهيم بن ابراهيم الوليد مالك شركة الـ"إم بي سي", و الشيخ صالح كامل, مالك شركة "إيه أر تي", وكان شريكاً للأمير الوليد بن طلال, أما مالك "أوربت" فهو الأمير خالد بن عبدالله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز, الذي ينتمي إلى الجيل الثاني من السديريين, والذي تصفه "فوربس"بأحد أباطرة الإعلام العربي.
وتتوقف الكاتبة عند استثمارات الأمير الوليد بن طلال وصالح كامل ورفيق الحريري (المستقبل وإذاعة الشرق في باريس), وبيار ضاهر ومجموعة مستثمري الـ"إل بي سي وإل بي سي آي".
أما القناة "الحرة"فهي قناة تلفزيونية أمريكية باللغة العربية, تمولها الولايات المتحدة عبر الكونغرس الأمريكي, بهدف تحسين السمعة السيئة للولايات المتحدة, وقد رصدت لها ميزانية بقيمة 520 مليون دولار. وأطلقت لهذا الهدف "إذاعة سوا"في عام 2003, وتلفزيون "الحرة", والإعلان, ومواقع الانترنت من مثل مغربية دوت كوم, مجلة "هي",و"هاي ماغازين" (Hi Magazine) الأسبوعية الموجهة للشباب. ووضعت كلها في خدمة حملة تهدف إلى اجتذاب قلوب العرب.
ويذكر أن "الحرة"أوّل من أعلن عن إعدام صدام حسين, في 30 كانون الأول/ديسمبر 2006.
وفي مايخص التمويل, فإن الباحثة تقدم مجموعة جداو

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.