تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الاعلام الإلكتروني«وجبة أكل سريعة» لا تخضع لـ«قانون»

         استطاع «الإعلام الإلكتروني» أن يفرض واقعاً مختلفاً على الصعد الإعلامية والثقافية والفكرية والسياسية، فهو لا يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام التقليدية، وإنما وسيلة إعلامية احتوت كل ما سبقها من وسائل الإعلام من خلال انتشار المواقع والمدونات الإلكترونية وظهور الصحف والمجلات الإلكترونية التي تصدر عبر الإنترنت، بل إن الدمج بين كل من هذه الأنماط والتداخل بينها أفرز قوالب إعلامية متنوعة ومتعددة بما لا يمكن حصره أو التنبؤ بإمكانياته: إعلام المستقبل - والعالم يتجه اليوم في شكل عام نحو الإنترنت وتطبيقاته في المجالات المختلفة.

هذا الرأي قد لا يتوافق معه تماماً إعلاميون وسياسيون ومثَقفون على رغم مواكبتهم التكنولوجيا، إذ يعتبرون أن ظاهرة الإنترنت التي تشمل مواقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك، تويتر، يوتيوب...) واستقطبت الكبار والصغار وأثارت فضولهم في بادئ الأمر، يساء استخدامها، وأصبحت منبراً يسهّل فكرة التحريض ويُستخدم لإثارة الفتنة ونشر التطرّف. ووصف بعضهم الإعلام الإلكتروني بأنه كـ»وجبة الأكل السريعة» لناحية نقل المعلومة، فالطعام الطيب يستوجب طبخه وقتاً، والسرعة لا تحمل الدقة والصدقية أحياناً. أما الإعلام التقليدي فهو كـ»فن الأكل» (Gastronomie) الذي يعتمد تقنيات فن الطَّبخ الصحّي للحصول على النَّكهة المرغوبة للطعام. ولعل الضجة الإعلامية التي أثيرت حول شبكة الإنترنت لم تأت من فراغ، اذ يعتبر الخبير في التواصل الإعلامي رمزي النجار أن «لبنان اليوم يعاني من تجارة الرأي العام» وأنه «من الخطأ القول إن الإعلام الإلكتروني سينوب عن الإعلام التقليدي لأن الإعلام الإلكتروني هو إعلام «وجبة سريعة».

توصيفات انقسم حولها نواب وصحافيون لبنانيون وأصحاب مواقع إلكترونية في المؤتمر الأول للإعلام الإلكتروني الذي نظمه جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات اللبنانية» في فندق «هيلتون - حبتور»، برعاية وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج. لكنهم، توافقوا على ضرورة التوفيق بين التمسّك بالحرية الإعلامية، كمبدأ عام مكرس في الدستور اللبناني يرعى كل الوسائل الإعلامية بما فيها قطاع الإعلام الإلكتروني، وبين ضرورة وضع حد للفوضى الحالية عن طريق وضع إطار تنظيمي للمواقع الإلكترونية التي تخطَّى عددها الـ 300 موقع.

 قانون جديد للإعلام

ولكن تلك الضَّرورة ينقصها الشقّ التَّشريعي الذي يتمثّل بإقرار قانون جديد للإعلام يتميَّز بشموليته، بحيث يخصِّص فصلاً كاملاً للإعلام الإلكتروني، يلحظ فيه الأحكام القانونية، التي من شأنها تنظيم نشاط هذا القطاع.

وفيما لا يزال قطاع الإعلام الإلكتروني يواجه إشكاليات تطرحها نخبة من الرأي العام، تقوم حالياً لجنة الإعلام والاتصالات في المجلس النيابي بوضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون جديد للإعلام يفي بالغرض المطلوب، إذ سيكرّس المشروع كما أعلن الوزير جريج في المؤتمر، مبدأ حرية الإعلام الإلكتروني سواء لجهة إنشاء المواقع من دون أي ترخيص والاكتفاء بعلم وخبر أم لجهة ممارسة تلك المواقع لنشاطها من دون أي رقابة مسبقة. غير أن المشروع المذكور يلحظ وجوب أن تمارس المواقع الإلكترونية حريتها هذه، كما سائر وسائل الإعلام، تحت سقف القانون الذي يضمن حقوق الناس وكراماتهم، فلا يكون للحرية التي يتمتع بها الإعلام الإلكتروني من حد إلا الضوابط الناتجة من تطبيق قواعد المسؤولية الجزائية والمدنية الملحوظة في القوانين المرعية الإجراء.

كَثُرت التباينات في الآراء لدى المحاضرين وكذلك لدى المشاركين بمقدار ما برزت أيضاً معايير مشتركة اتَّفق عليها المحاضرون على رغم انتماءاتهم السياسية المختلفة. وتوصلوا إلى قناعة أن تقدّم الإعلام التقليدي وتسهيل عمله بنقل الواقع سببهما مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إلكترونية تنشر فيديوات وأفلاماً حصرية لهم وأن الإعلام الإلكتروني يترك الحرية للمواطن باستخدامه على عكس ما يفرضه التلفزيون داخل المنزل، إذ يفرض على أفراد العائلة متابعة برنامج معين إذا رغب أحدهم في مشاهدته.

ويعتبر الإعلام الإلكتروني المقروء والمرئي والمسموع، ظاهرة إعلامية جديدة، فهو يتميز بسرعة الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور وبأقصر وقت ممكن وأقل تكلفة، وبات يشكل نافذة مهمة جداً لنشر المعلومات والحصول عليها، وبالتالي ظهر جيل جديد لم يعد يتفاعل مع الإعلام التقليدي بقدر ما يتفاعل مع الإعلام الإلكتروني، والذي يسمى بالجيل الشبكي أو جيل الإنترنت. وهذا الرأي أثنى عليه النائب اللبناني جورج عدوان.

وفيما اعتبر النائب إبراهيم كنعان أن «الإعلام الإلكتروني بات قطاعاً قائماً بذاته»، داعياً إلى «الانطلاق بورشة عمل لتطوير التشريعات اللبنانية والتمثل بالتجارب السابقة كي تبقى الحرية أساس كل مجتمع ديموقراطي»، أشار النائب جان أوغاسبيان إلى أن «للإعلام الإلكتروني دوراً فعالاً في تفاعل المجتمع مع ما ينشر من أخبار وما يناقش من قضايا»، لافتاً إلى أن «الإعلام الإلكتروني لعب دوراً بارزاً في الربيع العربي المفترض ساهم بإسقاط كثير من الأنظمة من خلال تحريضه الرأي العام ودفعه للقيام بالتحركات الشعبية والاعتراض عبر وسائل التواصل الاجتماعي».

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.