تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

باريس والرياض ..عندما يرتد الإرهاب على داعميه!!!

مصدر الصورة
SNS


9/1/2015


كشفت وسائل الإعلام أنّ الفرنسيين من أصل جزائري، شريف وسعيد كواشي الملاحقان في اطار التحقيق حول الهجوم الذي استهدف صحيفة «شارلي ايبدو» معروفين لدى أجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية، وخصوصا أن شريف أدين للمرة الاولى عام 2008 لمشاركته في شبكة كانت ترسل مقاتلين الى العراق وأنه انتمى الى شبكة يتزعمها «أمير» يدعى "فريد بنيتو" كانت ترسل الجهاديين للانضمام الى فرع «القاعدة» في العراق.  

من المهم الإضاءة على اعتقال شريف قبيل توجهه الى سوريا ثم الى العراق في عام 2005، لأنه أقرّ في محاكمته عام 2008 بأن "بنيتو" قال له إن الانتحاريين في عداد الشهداء، ولأنه قال أيضاً إنه تأثر كثيراً بإساءة معاملة السجناء في سجن أبو غريب بالعراق على أيدي الجنود الأميركيين. هذه العلاقة مع "بنيتو" تكشف كيف تحوّل كواشي من شاب مستهتر إلى أبرز المطلوبين منذ عام 2003 عندما كان يوصل طلبات البيتزا ويحلم بأن يكون نجما للموسيقى.

التقارير الإخبارية، تصف كواشي بأنه شخص اهتمامه بالحسناوات والموسيقى أكبر من اهتمامه بالقرآن، لكن هذا كان قبل أن يلتقي فريد بنيتو. كان بنيتو يتبنى الفكر السلفي، كما كان أشبه بمعلم للعديد من الشبان في الحي، الذين بدأوا في التردد على مسجد شهير في منطقة بشمال شرق باريس، يقطنها الكثير من المهاجرين. ومع وجود بنيتو إلى جانبه بدأ كواشي بحضور الدروس الدينية ومشاهدة مقاطع الفيديو الجهادية وأطلق لحيته.

الأمر الآخر، الذي دفع في تغيير شخصية سعيد كواشي الذي "تربى يتيماً"، وهو سبب مهم آخر، ما كشفته مصادر أميركية وأوروبية من أن أحد المشتبه بهما في الاعتداء على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية، زار اليمن في 2011 وخاض تدريبا في معسكر للقاعدة. ولفت مسؤول يمني إلى أنّ الحكومة اليمنية كانت على علم بصلات محتملة بين سعيد كواشي وتنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" وإنها تحقق في هذه الصلات المحتملة.

ماذا يعني كلّ ذلك؟! وهل تشبه نشأة وتحوّل "الأخوين كواشي"، نشأة أي من المتطرفين السعوديين الذين يغزون العالم ويتزايد خطرهم على السعودية نفسها؟ بالتأكيد. إن ما ورد أعلاه يؤكد ببساطة وجود البيئة الحاضنة للإرهاب في باريس وبرلين ولندن...الخ. وهذه البيئة الحاضنة (شيوخ ورجال دين، أمراء... وغيرهم) هي التي تربي الشباب المسلم في المغترب على الفكر المتطرف. وهذا يشبه تماماً ما يقوم به رجال الدين السلفيين أو المتطرفين في البلاد العربية وفي مقدمتها الرياض وجوامعها. والحقيقة أنّ من زار برلين أو باريس أو لندن أو كانبيرا....الخ، واختلط بالجاليات المسلمة هناك، يدرك بسهولة أمرين مهمين؛ الأول، رفض المجتمعات الأصلية لها بشكل عام ولاسيما بعد ممارسة السلوكيات المتطرفة التي تبديها هذه الجاليات، ومنها أحداث 11أيلول، والثاني، تقوقع وانغلاق هذه الجاليات على ذاتها ونقلها لعاداتها وممارستها طقوسها وكأنها ما تزال في البلدان التي أتت منها، بسبب عدم قدرتها على الاندماج في المجتمعات الجديدة التي استقرت فيها، باستثناء البعض طبعاً. بل إن الكثيرين من هؤلاء يحملون معهم "طائفيتهم" أو "مذهبيتهم" أو "قوميتهم".

 إلى أين من هنا؟؟ لقد صدقت القراءة السورية للأحداث في سورية والمنطقة، وهي التي أكدت قبل سنوات أنّ الإرهاب سيرتد على داعميه ومموليه ومشغليه. ولعل أولى تداعيات الهجوم في باريس تأكيد المخاوف من وصول تهديد «الجهاديين» الظلاميين الى قلب أوروبا لإطفاء أنوار عاصمة النور، بعد فترة من التراخي الغربي أو الدعم الخفي لهم وعدم مواجهة انتشارهم في الشرق الأوسط.  وفي هذا السياق، فإن اللافت في اليومين الماضيين تأكيدٌ على أعلى المستوى في كلّ من الرياض وباريس على لسان كلّ من ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء "العمل لضمان الوحدة الوطنية". لماذا الحديث عن الوحدة الوطنية والتأكيد على ضمانها إن لم تكن مهددة؟! بلى هي مهددة وردود الفعل في كل من السعودية وباريس على ارتداد الإرهابيين على البلدين تثبت ذلك بما لا يدع مجالاً للشك. 

وكلّ ذلك، أوجزته وأكدته صحيفة التايمز حين اعتبرت (الجمعة 9/1/2015) أنّ "فرنسا تدفع ثمن تهميش 6 ملايين مسلم"، وأن صعود الإسلام الراديكالي دق إسفينا بين سكان فرنسا الأصليين والمهاجرين. كما أشارت الصحيفة البريطانية إلى أن فرنسا فشلت في دمج المهاجرين من أصل مغاربي في مجتمعها. وزادت الصحيفة بأن "الهجوم على المجلة الفرنسية هو تحذير للمجتمع بأكمله، لأولئك الذين يلعبون ورقة الكراهية وجميع الذين يلعبون ورقة الخوف.

ماذا بعد؟ لقد واصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الكذب حين حاول تبرير تدخل بلاده العسكري في العراق ومالي بأنه جاء «لمنع وصول الإرهاب إلى فرنسا»، كما تعهد أنه لن يسمح للإرهاب باستهداف فرنسا ثانية. ففي الحالتين هو كاذب أو مخادع؛ فالتدخل الفرنسي هو الذي يجرّ الردود والأفعال الإرهابية، والتدخل الفرنسي في الشؤون الأخرى للدول هو الذي يستولد الإرهاب المضاد، لأن الكثيرين من أبناء هذه الشعوب والدول يشعرون بالظلم والغبن والكراهية تجاه الفرنسيين، ولا يستطيعون مواجهة التدخل الفرنسي إلا بهذه الطريقة، لاسيما وأنهم مهيؤون لذلك بسبب نشأتهم وتربيتهم كما أسلفنا. كما أنه كثيراً ما اكد أنه لن يسمح للإرهاب باستهداف فرنسا، ولكنه فشل ذلك.

وعندما أشرنا إلى المملكة السعودية دون الدول الأخرى، وإلى الرياض دون غيرها، فإن لذلك سبب، وهو أنّ النظام السياسي والديني في المملكة يرعى ويربي التطرف وهو أساس كل أنواع الإرهاب في العالم؛ سواء بسبب الفكر الديني الوهابي السعودي المنغلق الذي لا يقبل الآخر، أو بسبب الدعم الذي يقدمه النظام السعودي للإرهاب والإرهابيين في العالم. وإذا ما أخذنا افتتاحية الوطن السعودية ليوم الجمعة(9/1/2015) حين تقول: "يحزننا أن يظهر ديننا ونبينا عليه السلام بتلك الصور المشينة المستفزة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام الغربي، لكن الأشد ألما وحزنا وأسى، أن بعض من ينتمون إلى الإسلام يثبتون بأفعالهم الإرهابية، وفكرهم المتطرف هذا التشويه الذي طال دين الإسلام ..."، لوجدنا أنّ الصحيفة السعودية وهي "تنظّر" وتستنكر الفعل، ساوت بشكل مباشر بين القاتل والمقتول، بين المجرم والضحية. وهي كررت تأكيد ذلك حين انتهت للقول؛ "فكأنما أراد رسامو هذه الكاريكاتيرات المسيئة أن يثبتوا لشعوبهم أن الإسلام دين عنف وهمجية، وكأن هؤلاء الإرهابيين لبوا هذا النداء مباشرة لإثبات التهمة على هذا الدين البريء".

كثيرين ممن يدعون حماية بلدانهم وصيانة وحدتها قد يكونون الخطر الأول والأكبر عليها.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.