تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العالم على وقـع زلازل متنوعـة..؟!

مصدر الصورة
وكالات

لم تعد الزلازل الأرضية الطبيعية المتكررة في جغرافية الكرة الأرضية من أقصى شرقها إلى أقصى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وحدها المتحكمة بالشعور بالأمن والاستقرار في العالم؛ ثمة زلازل أخطر وأشد فتكاً كامنة لا نعرف في أي لحظة تبدأ وتترك العالم يتداعى مثل كومة من الرمل؛ زلازل بسبب الأسلحة النووية والأسلحة فرط صوتية، وزلازل بسبب الأوبئة، وأخرى بسبب الكوارث المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمراض... وفي الحقيقة لم تعد الأمور محلية؛ كل الأحداث مترابطة، وكل تطوّر يكبر ويكاد يمسّ البشرية جمعاء فوق هذا الكوكب المتعب من حماقات البشر وإساءاتهم..!

العالم قرية صغيرة، أجل؛ يتشارك في الاقتصاد والسياسة والمال والمجتمع والمظاهرات والفيروسات والانترنت والأخبار والأمراض والفوضى، والعدوى في كل شيء تقريباً.. وهذا ليس ترفاً ولا إيجابياً بمجمله؛ ما يحدث من تطورات وارتدادات، يبيّن أنّ النظام العالمي قد صُمّم لغايات معينة ولمواجهة تحديات وأخطار من نمط معيّن، ويبدو أنّ هذا النظام لم يعد قادراً على مواجهة تحديات اليوم الجديدة، الكثيرة والكبيرة، المتغيرة والمتبدلة والمتشابكة والمعقدة والمتفاعلة؛ قُتل رجلٌ من أصحاب البشرة السوداء في الولايات المتحدة على أيدي الشرطة، فثار العالم في كل مكان احتجاجاً، وفتحت دفاتر التاريخ والماضي للمحاسبة؛ بدأت في بريطانيا وفرنسا وغيرها حرب إسقاط التماثيل التي تجسّد عهود العبودية؛ فجأة اكتشف الناس في هذه البلدان أن أمجادهم كاذبة وأنها بُنيت على آلام الآخرين وشقائهم وأوجاعهم؛ نمط جديد من الزلازل الاجتماعية وعدم الاستقرار.

الحروب التجارية والاقتصادية والمالية تشكّل وجهاً آخر للزلازل التي تهدد الاستقرار البشري؛ عمالقة الاقتصاد العالمي يرفسون كالفيلة في غرف الخزف، فمن أين يأتي الأمل والاستقرار؟ عندما يكون منطق أهم قادة العالم هو القتل والحرب وإخضاع الآخرين ونهب أموالهم وثرواتهم، فمن أين يأتي الاستقرار والطمأنينة؟ عندما تفرض الولايات المتحدة، كأكبر اقتصاد عالمي، العقوبات على عشرات الدول وتحاصر عشرات أخرى وتبتز وتهدد عشرات أخرى، فمن أين يأتي الرفاه والخير؟ عندما يفكر قادة دول العالم بتطوير مختلف أنواع أسلحة القتل والموت والتدمير الشامل، بدل المشاريع الاقتصادية وصناعة الأدوية ومواجهة الأوبئة وتأمين الطعام والرفاه للبشرية، وعندما يقرر هؤلاء استخدام الحروب والهيمنة والاستعمار وسيلة لتحقيق مصالح بلدانهم بدل التعاون والتنسيق والتكامل، فلا مجال للأمل والأمن والاستقرار؛ إنّ امتلاك عدة دول في مختلف قارات العالم، أسلحة للدمار الشامل، حيث أنّ أي خطأ أو ضغطة زرّ غير مقصودة في سهوة عين، ناهيك عن وجودها بين أيدي أحد الحمقى، يمكن أن تدمّر نصف الكرة الأرضية، لا يمكن أن يجلب أو يحقق أو يترك مكاناً للتفاؤل بالمستقبل والثقة بالغد والأمل بحياة أفضل..؟!!

إنّ وباء كورونا، رغم خطورته، كشف لنا حقيقة هشاشة وضع دولِنا كلّها وضعف استعدادات البشرية لمواجهة تحديات تحدق بنا، نعلم بعضها ونجهل أكثرها؛ كشف الكورونا هشاشة قيمنا ومعتقداتنا، وهشاشة أنظمتنا الاقتصادية والسياسية والصحية والثقافية والاجتماعية؛ كشف أنانيّتنا وجشعنا كبشر، عندما ظهرت نساء العالم المتمدن، الأول، في المحلات والمولات التجارية وهنّ يتشاجرن على أوراق محارم التواليت، فيما الملايين يموتون من الجوع في بقاع أخرى من هذا الكون؛ لقد تساوت البلدان الأكثر تقدماً مع تلك الأكثر فقراً بعدد الإصابات بالكورونا، فيما يؤكد أنّ لا فرق في الاستعدادات ولا فرق في المحصلة، بل إنّ تلك البلدان الفقيرة كانت أفضل حالاً في مواجهة هذا النوع من التحديات؛

إنّ أشياء مثل جائحة الكورونا، ومقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة الأمريكية، ورئاسة ترامب، وحكم إردوغان، والتراجع الاقتصادي العالمي... وغيرها مما يحلّ بنا كبشر، هي أعراض للمرض الخطير المزمن الذي يصيب البشرية والعقل البشري ويمنعه من التفكير السليم واتباع السلوك القويم...!!

بـديـع عفيـف

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.