تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الكيان الإسرائيلي في معادلات الشرق الأوسط الجديدة..!!

مصدر الصورة
وكالات- أرشيف

 المتابع لأخبار وتصريحات وقراءة تحليلات المحللين والمعلقين الإسرائيليين، يستطيع بسهولة أنّ يستشف الخوف القابع في جميعها مما هو آتٍ، ومن المخاطر المتراكمة التي تحيق بالكيان الغاصب نتيجة عدم شرعية وقانونية الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة أولاً، ونتيجة سياسات وممارسات هذا الكيان العدوانية التوسعية الاستعمارية ثانياً؛ الخوف بل القلق الإسرائيلي تفرضه المتغيرات المتزايدة في حجم ونوعية التحديات المتعاظمة، ولاسيما سهولة إمكانية تحقيق الضرر والأذى بهذا الكيان  من قبل الأفراد، ناهيك عن المنظمات أو الدول التي تمتلك أسلحة وجيوشاً مدربة ومسلّحة بشكل كبير ومتطوّر. ولذلك يمكن ملاحظة عدد من السياسات التي يتبعها كيان العدو الإسرائيلي في المنطقة والإقليم، والتي لا يبدو أنها ستجدي نفعاً:

أولاً، شنّ الحملات الإعلامية المستمرة على الخصوم والأعداء والتحذير مما سيقومون به من حروب على الكيان الإسرائيلي، والشكوى من التهديدات التي يفرضونها عليه، فيما هو الذي يقوم بالعدوان والاعتداءات على الجميع. ولعل الحالة السورية توضح وتلخص الأمر؛ فمنذ سنوات والكيان الإسرائيلي يحذّر من إيران ومن مخاطر الوجود الإيراني في سورية وفي المنطقة، فيما هو من يمارس العدوان على سورية وعلى ما يقول هو وأعوانه إنه "وجودٌ إيراني" في سورية، بل وعلى إيران نفسها؛ على أرضها ومنشآتها وعلمائها وأمنها.

ثانياً، يستخدم الكيان الإسرائيلي ما يمكن تسميته المعركة بين الحروب لتحقيق أهدافه العدوانية، وهذا في الحقيقة شكل من أشكال الحروب الاستباقية. فمنذ قيام الكيان الإسرائيلي وسياسته قائمة على التوسع والعدوان والحروب، ولكن تغيّر" موازين القوى"  فرض على هذا الكيان إعادة النظر بحجم الاعتداءات التي يرتكبها، بحيث لا تدفع الخصم إلى الرد أو المبادرة إلى شنّ حرب مفتوحة مدمّرة، لا يستطيع الكيان الغاصب تحمّل تبعاتها. ولذلك، فإنّ المعركة بين الحروب هي نمط مهم بالنسبة له لرفع معنويات مواطنيه، وبنفس الوقت توجيه رسائل تحدّ وتهديد للخصوم.

ثالثاً، محاولة الكيان الإسرائيلي التشبيك مع أكبر عدد من الأطراف والدول العربية والإسلامية لتحييد مواقف هذه الجهات في أي حرب قادمة سيضطر بشكل شبه مؤكد لخوضها؛ سواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة أم في جنوب لبنان أمام المقاومة الوطنية، أو على جبهة الجولان العربي السوري المحتل، أو على كل هذه الجبهات مجتمعة. وفي هذا السياق، ليس من الصعب تلمّس نتائج الاتفاقات التي وقعها الكيان الإسرائيلي مع عدد من الدول ولاسيما العربية منها، على سياسات وإعلام هذه الدول التي بدأت تتفهم مواقف وسياسات الكيان وتجد لها المبررات، وتنأى بنفسها عن القضية الفلسطينية أو عن المقاومة أينما وجدت.

ولكن هل ينفع كل ذلك في حماية الكيان الإسرائيلي في أي حرب حقيقية قادمة لتحرير الأراضي المحتلة في فلسطين وجنوب لبنان والجولان؟

ليس صعباً التنبؤ بأن الكيان الإسرائيلي لن يستطيع الاحتفاظ بأيّ من المكتسبات التي حققها حتى الآن بسبب اختلاف ظروف العدوان السابقة عن ظروف التحرير القادمة، حيث يمكن الإشارة إلى بعض التطورات الدراماتيكية على الصعيد الدولي والإقليمي تجعل أمن ومستقبل الكيان الإسرائيلي محلّ شك وتساؤل كبيرين؛

أولها، تغيّر موازين القوى الدولي لصالح حلفاء سورية والمقاومة بعد تعزيز قوة الصين وروسيا وإيران وتعاون هذه الدول معاً، وتراجع مكانة وتأثير حلفاء الكيان الإسرائيلي، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية والخلافات التي تدبّ بينها بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي أو الخلاف المستجد بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة واستراليا والمملكة المتحدة من جهة أخرى. وهذا التوازن الجديد بدأ يلقي بظلاله على العالم والمنطقة ويدفع الدول إلى إعادة النظر بتحالفاتها واعتمادها على الغرب ودوله، بل إنّ الولايات المتحدة لا تكفّ عن مطالبة حليفها الكيان الإسرائيلي بالابتعاد عن الصين!!

ثانيها، تغيّر موازين القوة بين الكيان الإسرائيلي وحلف المقاومة نفسه لصالح الأخير؛ فليس سراً أنّ المقاومة وسورية وخلفهما إيران يمتلكون أسلحة جديدة نوعية ومن صنعهم يمكنها تهديد الكيان الإسرائيلي وإصابة أيّ نقطة في فلسطين المحتلة؛ فالعمق الديمغرافي للكيان أصبح مهدداً بشكل كبير، وفي أيّ حرب قادمة، ستكون المعركة والحرب داخل الكيان الإسرائيلي نفسه وليست على أرض خصومه كما اعتاد الإسرائيليون في الحروب السابقة، وبالتالي فإنّ جبهة الكيان الإسرائيلي الداخلية ستكون تحت رعب ونيران القذائف والصواريخ، وقيادات الكيان تدرك جيداً هذا الأمر وتخشى "توازن الرعب" القائم والمتزايد ولكن ليس لصالح الاحتلال.

ولذلك، فقد بدأ بعض المفكرين والمحللين الإسرائيليين أنفسهم يتحدثون عن نهاية الكيان الإسرائيلي، ويحددون عمراً افتراضياً له لا يتجاوز العقدين أو الثلاثة، قياساً على الوقائع والمعطيات الجديدة التي تفرضها التطورات التكنولوجية في صناعة الأسلحة الحديثة المدمّرة والأطراف التي تمتلكها وقادرة على استخدامها، والتغيرات الكبيرة في السياسات الدولية وموازين القوة التي تتجه نحو الشرق، فيما حجم الكيان الإسرائيلي مهما تعاظم يظل محدوداً وقيمته وأهميته تتراجع في المعادلات الإقليمية والدولية الجديدة..!!

بـديـع عفيـف

 

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.