تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

منذ متى بدأت التحضيرات للحرب في أوكرانيا... وإلى أين..؟!

مصدر الصورة
عن الانترنيت

بديع عفيف

سؤال قد يبدو غريباً بعد أكثر من أربعة أشهر على بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا. لكن الجواب عليه يقودنا إلى تحميل وإلقاء المسؤولية عن بدء هذه الحرب على الفاعلين الحقيقيين. في بداية الحرب، بل قبل ذلك بزمن طويل، أعلن القادة الروس موقفهم بشكل واضح: مصالحنا الاستراتيجية خط أحمر؛ روسيا خط أحمر؛ تهديد روسيا ممنوع؛ لكن الغرب واصل توسيع حلف الناتو حتى وصل شرفة قصر الرئيس الروسي لو لم تبدأ الحرب. بالنسبة لروسيا المسألة هي أمن قومي ومصالح استراتيجية وكرامة وطنية وقومية وليس ممكناً الصبر أكثر من ذلك على الإذلال الغربي المتعمّد لروسيا!

نعم، لقد استخف الغرب بروسيا ووزنها ومصالحها وقدراتها ودورها، وكانت موسكو تراقب السلوك والممارسات الغربية ضدها وتحضّر "بصمت" لتجاوزها باقتدار؛ منذ أكثر من عشرين عاما وروسيا تبني ذاتها وتعدّ لكل شيء حسابه؛ في السياسة والاقتصاد والمال والإعلام والدبلوماسية والعسكر والأسلحة... الخ، لرد العدوان الغربي الطويل والمستمر، وقد اختارت القيادة الروسية اللحظة التي رأت أنها مناسبة لإيقاف هذا العدوان والاستخفاف والتغطرس والغرور الغربي الوقح.

الحرب ـ في أوكرانيا أرض للمعركة فقط ـ هي لحسم التهديد الغربي لألف عام قادمة. آلاف العقوبات الغربية ضد روسيا لم تؤثر ولن تغيّر في الأمر شيئاً؛ بل إنها ارتدت على أصحابها بشكل مؤلم، حيث لم تظهر كل تداعياتها على الغرب بعد؛ لقد استخف الغرب بوزن روسيا وحجمها وقدراتها وها هي النتائج بدأت تظهر، وتُظهر أنّ هذا الغرب المغرور بنى قراراته وعقوباته على "وهم" وعدم دراية، بل وغباء سياسي فظيع؛ التضخم، اللاجئون، ارتفاع أسعار الطاقة وغيابها، نقص الغذاء والمجاعة، الخلافات بين غرب وشرق أوروبا، تهديد الاستقرار المجتمعي... الخ، كلها آفات سترعى الجسد الأوروبي ومن ثم تنتقل غرباً عبر الأطلسي.

يقال إنه عندما يعرض المخرج مسدساً في بداية الفيلم، فإنه سيتم استخدامه في المشهد الثالث أو الرابع؛ لم يفهم الغرب ولا الكثيرون لماذا استعرضت روسيا قوتها النووية وأسلحتها الفرط صوتية ذات القوة التدمرية الهائلة في بداية الحرب في أوكرانيا؛ الآن وبعد أن أفلست العقوبات الغربية والأسلحة المقدّمة لشحن الحرب واستمرارها في تركيع روسيا وتراجعها، بدأ الغرب يبحث عن وسائل جديدة لإخضاع روسيا؛ الاستعراض النووي الروسي كان خطوة استباقية لقطع يد الغرب وشلّها في هذا المجال قبل أن يخطر ببال الغرب إمكانية استخدامه كما في هيروشيما وناغازاكي؛ يمكن لروسيا مسح بريطانيا أو فرنسا بصاروخ فرط صوتي واحد، وهذا ما يساعد على تبريد الرؤوس الحامية في الغرب!

روسيا تتقدم في أوكرانيا بالشكل الذي رسمته لحربٍ طويلة "تستنزف" الغرب الأحمق مادياً وتسليحياً؛ متى ستنتهي الحرب؟ سؤال تبدو الإجابة عنه في غاية الصعوبة؛ ولكن، لنقل أولاً، عند تعب الروس وخسارتهم لهذه الحرب، وهذا ما لا يبدو وشيكاً ولا حتى في الأفق المنظور؛ أو عندما تحقق روسيا أهدافها الاستراتيجية، وهذا يعني تراجع الغرب وفشله واعترافه بمكانة ومصالح وأهمية روسيا الدولية وبالتالي إقراره بخسارة الحرب وتحمّل تبعاتها الكبيرة.

العالم منقسم ضد الحرب، ولكن أغلبه مع روسيا في محاولتها لبناء نظام عالمي جديد أكثر تنوعاً وتعدداً وعدالة؛ الغرب بدأ يدرك أنه لا يمثل العالم كله وأنّ عقوباته لا تلزم أحداً غيره؛ وبعض العقلاء في الغرب بدأوا يرفعون أصواتهم ضد العقوبات على روسيا وضد الحرب ودعم أوكرانيا وضد تأجيج هذه الحرب خشية مخاطرها الهائلة، ولكن ثمة من لم يعي بعد هذه الحقائق أو من لا يجرؤ على الاعتراف بها.. وهذا ما سيجعل الثمن أكثر فداحة على الدول والشعوب الغربية.. والأيام المقبلة ستكشف المزيد..!!!

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.