تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحاجة تتزايد إلى ثقافة "كربون أقل"

مصدر الصورة
وكالات

يتحدث العالم كله عن التحول نحو الطاقة النظيفة وحاجتنا إلى كربون أقل بكثير من الذي ينبعث فعليا كي نحافظ على ديمومة الحياة بسلام مناخي، لكن ما يجب أن يركز عليه الجميع، وفق تأكيد بعض المحللين، هو كيف يمكن أن تحدث عملية الانتقال هذه مع الحفاظ على حقوق الناس وخاصة العمال في إنشاء مراكز الطاقة النظيفة، وتوجيه المساعدات المالية لمستحقيها الفعليين.

شرم الشيخ (مصر) - تعتمد إستونيا المطلة على بحر البلطيق على النفط الصخري المستخرج محليا لتوليد الطاقة. وهي تلتزم بأهداف التخلص من الوقود الملوث على الرغم من زيادة الإنتاج على المدى القصير لسد الفجوة في الكهرباء بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

وتلتزم الحكومة بالتخلّص التدريجي من محطات توليد الطاقة من النفط الصخري بحلول 2035 وإنهاء الإنتاج بحلول سنة 2040. وتساعد ضمن خطتها المجتمعات التي يرتبط دخلها بالوقود في رسم مستقبل أخضر جديد لشبابها.

وفي قمة المناخ كوب 27 في مصر، أوضح مدير إدارة المناخ في وزارة البيئة في إستونيا كادي ريستكوك أن الابتعاد عن النفط الصخري في مقاطعة إيدا فيرو الشمالية الشرقية، حيث يأتي ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي، سيؤثر على حوالي 150 ألف شخص.

دعاة العدالة المناخية قلقون من أن تأثير الشراكات الانتقالية للطاقة العادلة سيكون ضئيلا

وتشاور باعثو الجهود المبذولة لإنشاء “خطة انتقالية إقليمية عادلة” مع السكان المحليين (من الشباب إلى النقابات العمالية والمسؤولين الحكوميين) منذ 2020 حول كيفية رؤيتهم لاحتياجاتهم التنموية مع التخلص التدريجي من صناعة النفط الصخري، قبل الموافقة النهائية خلال السنة الحالية.

وقال ريستكوك في حدث على هامش الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ “النهج الذي اتبعناه منذ البداية هو أن الانتقال العادل ليس مجرد مسألة أرقام، بل هو مسألة ثقافة وشعب”.

وتكمن الرؤية التي نشأت في إعادة الهيكلة الاقتصادية القائمة على الطاقة المتجددة والتصنيع الحديث والأخضر والخدمات في الشباب الذين يأملون في العثور على وظائف في قطاعي الإبداع وتكنولوجيا المعلومات.

وقال ريستكوك إن ذلك سلط الضوء على الحاجة إلى توفير أشكال جديدة لإعادة المهارات من التعليم المهني واحتضان الشركات الناشئة، بالإضافة إلى أعمال استعادة البيئة لتصحيح الأضرار التي لحقت بالطبيعة من استخراج النفط الصخري خلال القرن الماضي.

لكن كل هذا يكلف أموالا. واستطاعت إستونيا العضو في الاتحاد الأوروبي أن تكسبها من آلية التكتل المصممة لتمويل “انتقال عادل” بموجب الصفقة الخضراء الموضوعة لدفع تحقيق أهدافه المناخية.

وقد أعلن الاتحاد الأوروبي في أكتوبر أن إستونيا ستتلقى 354 مليون يورو (368 مليون دولار) في شكل منح من صندوق “الانتقال العادل” لدعم التخلص التدريجي من النفط الصخري من خلال تطوير الطاقة المتجددة والوظائف الخضراء “ذات القيمة المضافة المرتفعة”.

وقال رئيس شؤون المناخ في الاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز في بيان إن “التحول إلى الحياد المناخي يجب أن يحدث بطريقة عادلة وإلا فلن يحدث”.

فرص نادرة

ماري روبنسون: من الخطير أن تنفذ خطط نقل الطاقة دون عدالة

أحرزت الدول الأوروبية سبقا في ما يتعلق بتمويل شبكة الأمان الاجتماعي وجهود خلق فرص العمل الجديدة الضرورية لدعم التحول الاقتصادي منخفض الكربون.

وقالت رينسي باندا القائمة بأعمال مدير السياسات في سلطة الطاقة الوطنية في بابوا غينيا الجديدة إن البلدان النامية المعتمدة على الوقود الأحفوري تسعى الآن للحصول على الدعم للقيام بالمثل. وأشارت إلى التكلفة المرتفعة لتخلّي دولتها (الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ والتي تصدر النفط والغاز) عن مولدات الديزل الملوثة التي تعتمد عليها في التجارة والشحن والنقل الجوي.

وقالت في ما يتعلق بالاستثمار في التحولات العادلة إن “من الصعب الابتعاد عن نهج العمل المعتاد”، مضيفة أن شركات النفط والغاز ساهمت على مدى عقود في التنمية وسبل العيش في الأماكن التي تعمل فيها.

وحددت أن بابوا غينيا الجديدة ستحتاج إلى البدء في تدريب موظفيها على وظائف جديدة في مجال الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية، لتحقيق هدفها المتمثل في الحصول على 70 في المئة من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول سنة 2030 وحتى تصبح خالية من الكربون بحلول منتصف القرن.

وقال زميل فريق أبطال المناخ الشباب في مجال الطاقة لدى الأمم المتحدة بين أودونغو إن هذه المهارات لا تزال صعبة في أجزاء كثيرة من العالم، بما في ذلك أفريقيا.

ووجد الشباب في بلد أودونغو، أوغندا، أنه من الأسهل بكثير الحصول على تدريب للعمل في صناعة النفط والغاز حيث تخطط الحكومة لاستغلال احتياطياتها وتصديرها عبر خط أنابيب النفط الخام في شرق أفريقيا خلال السنوات القادمة. وقال “إذا كنت تريد التعرف على الطاقة النظيفة، فسيتطلب هذا الكثير من التفاني الشخصي”.

وأضاف أن الحكومة والشركات لا تبذل جهودا كافية لخلق فرص خضراء للشباب الذين يدركون بشكل متزايد كيف يتسبب الوقود الأحفوري في تغير المناخ.

خطة الأمم المتحدة

 

التخلص من صناعة النفط الصخري ينعكس سلبا على عمال القطاع

تواصلت مناقشة التحدي المتمثل في تأمين انتقال الطاقة الذي يتضمن تدابير لمساعدة البلدان والمجتمعات على التعامل مع تداعيات قطع الطاقة الملوّثة في محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ لعدة سنوات، وهي تتصدر جدول الأعمال بسرعة.

وتتضمن “خطة شرم الشيخ للتنفيذ” التي وافقت عليها الحكومات قسما حول “المسارات إلى انتقال عادل”، بما في ذلك إعداد برنامج عمل جديد حول هذا الموضوع وحوار سنوي على مستوى الوزراء اعتبارا من العام المقبل.

وتنص الخطة على أن حلول أزمة المناخ المستدامة والعادلة يجب أن تقوم على حوار اجتماعي ومشاركة هادفين وفاعلين، مشيرة إلى أن الانتقال العالمي إلى انبعاثات منخفضة يوفر فرصا وتحديات للتنمية الاقتصادية المستدامة والقضاء على الفقر.

نيك مابي: علينا التأكد من وصول الأموال لمن يحتاجونها فعلا

وقال الاتحاد الدولي لنقابات العمال بعد قمة المناخ إن مجلس الأمن الدولي رحب بالخطة، لكنه حث الدول على الالتزام باحترام حقوق العمال والإنسان في أي انتقال عادل، مع إشراك النقابات في صنع القرار أيضا.

وقال نائب الأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات في أفريقيا إريك مانزي إن الحاجة ماسة إلى الأموال في قارته “للتدريب على مهارات الانتقال وضمان أن تصبح الوظائف غير الرسمية وظائف لائقة رسمية مع حماية اجتماعية”.

وأضاف في بيان أن “هذا هو السبيل لتقديم الخدمات للعمال في الدول الفقيرة والغنية على حد السواء”.

وتختبر الحكومات المانحة نهجا جديدا لتوفير هذا الدعم للدول النامية من خلال “الشراكات الانتقالية للطاقة العادلة” التي تقرر إطلاقها حتى الآن في جنوب أفريقيا وإندونيسيا، بدعم قدره 8.5 مليار دولار و10 مليارات دولار من التمويل العام الدولي للبلدين على التوالي.

وتتواصل المناقشات لصفقات مماثلة مع الفيتنام والهند والسنغال رغم تقدمها بشكل أبطأ جزئيا لأن الدول الثلاث لا تزال تخطط لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه.

كما تتضمن خطة الاستثمار ضمن الشراكات الانتقالية للطاقة العادلة في جنوب أفريقيا، التي صدرت في الفترة التي تسبق مؤتمر كوب 27، خطوات للتشاور مع المجتمعات في المناطق التي ستغلق فيها مناجم الفحم ومحطات الطاقة التي تعمل به، وتفعيل خطط الرعاية الاجتماعية، وتنويع الاقتصاد وتوفير التدريب للوظائف المستقبلية.

لمن التمويل؟

يبقى دعاة العدالة المناخية قلقين من أن تأثير الشراكات الانتقالية للطاقة العادلة سيكون ضئيلا.

وحذرت ماري روبنسون رئيسة لجنة الحكماء، وهي مجموعة مستقلة من القادة العالميين الذين يعملون معا من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان، في حدث منفصل عن كوب 27، من خطر أن تُنفّذ خطط نقل الطاقة “دون أن يكون عنصر العدالة متجذرا بشكل واضح في معايير حقوق الإنسان والعمل الدولية”.

وأشارت إلى أنه في حالة جنوب أفريقيا، سيأتي أقل من 4 في المئة من تمويل برنامج الشراكات الانتقالية للطاقة العادلة في شكل منح، مع تخصيص ما لا يزيد عن 1 في المئة للمشاريع الاجتماعية.

وجادلت روبنسون، وهي رئيسة أيرلندا السابقة ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بأن الجزء “العادل” من أي تحول للطاقة الخضراء يجب أن تتوفر الموارد المناسبة له.

وقال نيك مابي المدير المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لمركز الأبحاث “إي 3 جي” ومقره لندن، إن توجيه التمويل إلى الأشخاص المتضررين “ليس سهلا كما تعتقد” حتى في أوروبا، حيث تتوفر أموال كبيرة لدعم تحول الفحم ومصادر الوقود الأحفوري الأخرى.

وتساءل “كيف نتأكد من أن الأموال المخصصة هي النوع المناسب من الأموال؟ وكيف نتأكد من إيصالها إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليها بدلا من الأشخاص الذين من الأسهل لهم الحصول عليها أو الذين يمكنهم الصراخ بصوت أعلى والمتمتعين بأكبر قدر من القوة؟”.

وقال للصحافيين بعد كوب 27 إن “هذه القضية أصبحت عملية أكثر فأكثر مع بدء التنفيذ”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.