تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وتيرة ارتفاع البطالة تعسّر انتعاش الاقتصاد التركي

مصدر الصورة
وكالات

تحذيرات من دخول سوق العمل في معضلة أكبر مع افتقار الحكومة لأدوات إنعاش الأعمال.

يعسّر نمو معدل البطالة مهمّة تركيا في جعل اقتصادها يتعافى على النحو الذي تطمح إليه بعدما زادت جحافل العاطلين، مما يقوض الأمل الذي تتلمّسه القطاعات الإنتاجية الباحثة عن انطلاقة جديدة حتى مع اتجاه التضخم إلى الانخفاض وبقاء الليرة مستقرة إلى حد ما.

أنقرة – يبدد ارتفاع جديد في نسبة البطالة في تركيا آمال إنعاش الاقتصاد، بعدما أكدت أحدث المؤشرات الأرقام المقلقة، وهو ما يعني تعرض القطاعات الإنتاجية لحالة من الانكماش رغم تباهي الحكومة بمستويات النمو العالية.

وتتصدر معضلة سوق العمل قائمة المشاكل المزمنة في البلاد منذ سنوات، وقد ظهرت بشكل واضح خلال الأزمة الصحية، والآن لا يبدو حلها في الأفق المنظور واضحا، في ظل السياسات المرتبكة لمعالجة التضخم وحماية العملة المحلية.

ويرى خبراء أن السلطات تفتقر إلى خطط مضبوطة تحدد من خلالها سقفا زمنيا قريب المدى لمعالجة هذه المشكلة بطرق جدية تثبت للشباب أن للحكومة سياسات اجتماعية تنكب على تحسين أوضاعهم المعيشية.

ويفترض أن تحرص أنقرة على وضع وتطبيق إستراتيجية توقف الانتشار المتوسع للبطالة، وهو ما من شأنه أن يخرج العاطلين من دائرة اليأس في رحلة البحث عن عمل ويعيد لهم الأمل في تحقيق طموحاتهم لتحسين معيشتهم وبما ينعكس على أسرهم.

وتعد فئة الشباب الأكثر تضررا من البطالة تلك الحاصلة على شهادات جامعية ومن المفترض نظريا أن تؤمن لهم الدولة وأيضا القطاع الخاص فرصا أكبر في الحصول على وظائف مقارنة بغيرهم ممن تخلوا عن خيار التعليم.

لكن الواقع الذي يواجهه الحاصلون على شهادات عليا يأتي بنتائج عكس المسلمات النظرية التي لطالما حاولت تركيا إثبات أنها ذات جدوى، حيث تشهد أوساط الخريجين زيادة في معدلات البطالة مقارنة بغيرهم.

وتأتي أحدث المؤشرات الصادرة الاثنين لتؤكد على ذلك مع تسجيل ارتفاع في نسبة البطالة ولو بشكل طفيف إلى 10.2 في المئة بنهاية شهر أكتوبر الماضي، صعودا من 10.1 في المئة في الشهر السابق له.

وأورد التقرير الشهري لسوق العمل، الصادر عن هيئة الإحصاء التركية، الاثنين أن عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية خلال أكتوبر زاد بمقدار 57 ألف فرد مقارنة مع الشهر السابق له، ليستقر إجمالي الأفراد بلا عمل عند 3.53 مليون فرد.

وارتفعت البطالة بين الشبان نقطتين مئويتين تقريبا إلى ما يقل قليلا عن 22 في المئة، ما يشكل مصدر قلق محتملا نظرا إلى أن هناك 6 ملايين من الشباب سينضمون إلى الناخبين لأول مرة وأن هناك غالبية كبيرة منهم يقولون إنهم يريدون التغيير.

وتظهر البيانات الرسمية أن نسبة بطالة الذكور فوق سن الخامسة عشرة عاما بلغت نحو 8.6 في المئة، بينما سُجلت لدى الإناث قرابة 13.3 في المئة.

ورغم ارتفاع عدد الأفراد العاطلين عن العمل، لكن عدد المشتغلين سجل ارتفاعا في أكتوبر بمقدار 229 ألف فرد، ليصل إلى 31.2 مليون فرد على رأس عملهم.

ومع ذلك لا يعكس نمو عدد الوظائف حقائق الواقع، حيث دأبت السلطات على تغليف الأرقام المعلنة بمؤشرات تبدو غير منطقية.

وفي دليل على ذلك أنه تم مزج فئة العاطلين في القوى العاملة النشيطة على أساس أنها تعمل، حيث تشير أرقام هيئة الإحصاء إلى أن سوق العمل استوعب بنهاية أكتوبر 34.73 مليون فرد من تعداد السكان الذي يبلغ قرابة ثمانين مليون نسمة.

ولطالما شدد خبراء على أن البيانات الرسمية عن حالة سوق العمل تكشف عمليات احتيال منظمة لتجميل الأرقام بإخفائها في جداول مختلفة لتخفيف وقعها على المستثمرين والرأي العام.

ويؤكد مسؤولون ومحللون أن الوظائف والناتج المحلي الإجمالي يشكلان عاملين لا يمكن التنبؤ بهما في الانتخابات بالنسبة إلى الرئيس رجب طيب أردوغان الذي تضررت سمعته السياسية المؤيدة للنمو في السنوات الأخيرة جراء ارتفاع التضخم وانهيار الليرة إلى مستويات متدنية تاريخية.

وقال مسؤول اقتصادي تركي رفيع المستوى طلب عدم كشف هويته للتحدث بصراحة لرويترز “قبل الانتخابات على وجه الخصوص، يمثل التوظيف وضعا إشكاليا”.

ومن المتوقع أن يظل النمو الاقتصادي متراجعا قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في مايو أو يونيو المقبلين، بعد أكثر من عشرين عاما من وصول أردوغان وحزبه إلى السلطة لأول مرة.

وفي السابق سعت الحكومة مع اقتراب أي استحقاق انتخابي للتلاعب بالصورة القاتمة في هذا المجال، وهي تسعى الآن لضمان عبور الانتخابات الرئاسية المقررة الصيف المقبل بأي ثمن.

وتقدم هيئة الإحصاء في العادة تعريفات خاصة لحصر نسبة البطالة بمن بحثوا عن العمل، لكي تتجنب إدراج من كانوا يبحثون عن العمل قبل تلك الفترة رغم كونهم عاطلين بالفعل.

وتشكل البيانات الخاضعة للتجميل الممنهج المصدر الرئيسي لأرقام البطالة والتي تخفي الكثير عن العمالة غير الرسمية والعاملين دون أجور وصولا إلى فاقدي الأمل في العثور على فرصة عمل.

ولكن أرقام البطالة الحقيقية تظهر عندما تجري دراسة الفئة التي اعتبرتها هيئة الإحصاء عاطلة عن العمل رسميا، ومن تصنفهم على أنهم لا يبحثون عن عمل رغم أنهم مستعدين للعمل.

وكانت أنقرة قد تمكنت في خفض نسب البطالة داخل السوق المحلية خلال الأشهر التي أعقبت تفشي جائحة كورونا، مع اتساع أنشطة الأعمال، وعودة الزخم لتدفقات الاستثمارات الأجنبية.

ولكن مع الأخذ في الاعتبار التأثير الضار على المدى الطويل للأزمات الاقتصادية العالمية على العمالة المحلية، يتوقع خبراء أن أولئك الذين فقدوا وظائفهم الآن لن يتمكنوا من العودة إلى العمل لبضعة أشهر أخرى أو ربما لبضع سنوات.

ومن هذا المنطلق فإن الحكومة تحتاج إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتوفير بدائل أكثر فعالية لصندوق البطالة لمساعدة العاطلين عن العمل.

وفي الغالب لا يجد العاطلون إجراءات ملموسة وإستراتيجيات واقعية هادفة لتخليصهم من المشكلة غير الوعود الحكومية التي تطلقها بين الفينة والأخرى، ونادرا ما تثير هذا النوع من المشاكل الاجتماعية وتطرحها للنقاش بحثا عن حلول.

وفي مواجهة انهيار العملة قبل عام، تبنت السلطات سياسة فرض رقابة صارمة على النقد الأجنبي، ويتوقع المسؤولون أن تظل الليرة مستقرة حتى عام 2023.

وهوت الليرة 44 في المئة أمام الدولار العام الماضي وتراجعت 29 في المئة أخرى هذا العام. ومع ذلك فقد استقرت منذ أوائل أكتوبر الماضي.

ومن بين العوامل التي تمنح ارتياحا لأردوغان، أظهرت توقعات أن التضخم السنوي سينخفض بحلول موعد الانتخابات من مستوياته الحالية. وتتوقع الحكومة أن يقترب من 20 في المئة في نهاية عام 2023.

ويرجح محللون في جي.بي مورغان أن يصل التضخم إلى 40 في المئة بحلول منتصف عام 2023 نزولا من قرابة 85 في المئة، قبل أن يرتد إلى حد بعيد بسبب الحوافز المالية قبل التصويت.

وقالوا إن التضخم “له تأثير كبير على الأجور الحقيقية”، مضيفين أنهم سيعتمدون بشكل أكبر على الزيادة المتوقعة في الحد الأدنى للأجور.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.