تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بيع أصول حكومية يُجنب الجنيه المصري مصير نظيره السوداني

مصدر الصورة
وكالات

تصاعدت الهواجس في مصر من عدم قدرة السلطات النقدية على كبح انفلات أسعار صرف الدولار غير المسبوقة والتي يمكن أن ترتفع بوتيرة أسرع بعد موافقة صندوق النقد الدولي على قرض جديد للبلاد، وسط مخاوف من أن تنحدر قيمة الجنيه إلى مستوى نظيره السوداني أو يصل إلى ما أصبحت عليه الليرة اللبنانية.

القاهرة – اعتبر محللو اقتصاد أن الإخفاق في السيطرة على سعر الدولار في مصر، رغم القروض والودائع التي تلقتها البلاد من مؤسسات دولية ودول الخليج، قد يلقى بالجنيه في مصير مشابه لعملتي السودان ولبنان، خاصة أن الأزمات الطاحنة بالبلدين بدت مخيفة للمصريين.

ووافق صندوق النقد الدولي الجمعة الماضي على منح تسهيل بقيمة 3 مليارات دولار لمصر، ما يمكنها من الحصول على تمويلات بنحو 14 مليار دولار من شركاء إقليميين ودوليين، في وقت تكافح فيه القاهرة للحد من تدهور الأزمة الاقتصادية، وسط رياح عالمية معاكسة.

عبدالحميد المطري: زيادة الفائدة المنتظرة تعمّق هبوط الجنيه إلى 30 في المئة

ومن المتوقع أن يشجع تسهيل الصندوق الممدد على إتاحة تمويلات إضافية من دول الخليج وشركاء آخرين من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددي الأطراف.

ومنتظر أن تتلقى مصر تمويلا قدره 1.3 مليار دولار من صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد، شريطة المزيد من المراجعات بشأن القرض.

وقال صندوق النقد في أكتوبر الماضي إن التسهيل يمكن مصر من الحصول على 5 مليارات دولار من التمويل الإضافي، لكن هذا الرقم ارتفع إلى 14 مليار دولار، ولم يكشف عن مصدر التسعة مليارات دولار الإضافية.

وتوصل الطرفان إلى اتفاق على مستوى الخبراء في أكتوبر، والذي أُعلن عنه بالتزامن مع قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس وتخفيض كبير لقيمة الجنيه للمرة الثانية هذا العام الذي شهد تراجعا في قيمته بنحو 57 في المئة أمام الدولار.

ويصل سعر الدولار في بعض البنوك الحكومية إلى 24.7 جنيه للشراء من الأفراد، لكن المصارف لا تبيعه، فيما يتعدى السعر ذلك نحو 25 في المئة بالسوق الموازية.

ومع أن المعركة المستمرة بين الدولار والجنيه، لكن من الصعب حاليا أن تلقى العملة المصرية نفس مصير الجنيه السوداني، الذي يسجل انهيارا كبيرا.

ويقول خبراء إنه مع حصول القاهرة على الشريحة الجديدة من قرض الصندوق ستقابلها استثمارات من الصناديق السيادية الخليجية بشراء حصص من الشركات المصرية.

وما يصعب من تدهور الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة أن الاحتياطي من النقد الأجنبي في حدود آمنة، كما أكد البنك المركزي، حيث يبلغ حاليا نحو 33.5 مليار دولار.

وأدت بعض السياسات الاقتصادية الخاطئة إلى دخول الجنيه في دوامة الهبوط بسبب الانزلاق في الاقتراض خلال السنوات الماضية، خاصة أن إنفاق القروض والمعونات الخليجية افتقر إلى الحكمة.

وضخت الحكومة المصرية المليارات من الدولارات في مشاريع قد تجلب عوائد على المدى الطويل.

وتتطلب الفترة الحالية الحكمة في توجيه السيولة الدولارية إلى مشاريع منتجة تتلاءم مع الظروف الصعبة والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، كي تتجنب القاهرة الدخول في سيناريوهات غامضة ضربت بعض الدول.

محمد سعيد: طرح الشركات الحكومية في البورصة أحد الحلول الممكنة

واتفقت مصر مع صندوق النقد على القيام بإصلاحات مالية واقتصادية لتعزيز مرونتها في مواجهة الصدمات الخارجية واستعادة احتياطي العملة الأجنبية وزيادة النمو بقيادة القطاع الخاص.

وعلى رأس تلك الإصلاحات التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن، وهذا يشير إلى تخفيض أكبر جديد لقيمة الجنيه.

وطبقت القاهرة لأول مرة سعر صرف مرن في عام 2016، لكنها أعادت خفض قيمة العملة في عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي تسبب فيها انتشار الوباء.

وسمح البنك المركزي للعملة المحلية بالانخفاض مقابل الدولار في مارس الماضي واستمر في إدارة العملة حتى نهاية أكتوبر هذا العام عندما مضى في التخفيض الثاني للجنيه.

غير أن سعر الصرف كان مدارا، ويتحكم فيه البنك المركزي، وقد تشهد مصر تخفيضا جديدا للجنيه للمرة الثالثة خلال الأيام المقبلة، ما يعني قفزات أكبر للدولار.

ويبدو أن صندوق النقد تأكد من سعي السلطات المصرية إلى تكافؤ الفرص بين الشركات المملوكة للدولة وشركات القطاع الخاص ما جعله يوافق على الحزمة الأخيرة بغية الإصلاح، مع وعود جازمة من قبل القاهرة بتقليص مشاركة الدولة في الاقتصاد.

ورجح الخبير الاقتصادي عبدالحميد المطري أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل لكبح جماح التضخم، وستكون نسبة الارتفاع 200 نقطة أساس ما يؤدي إلى انخفاض جديد للجنيه بنحو 30 في المئة.

وقال المطري عضو مجلس إدارة اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية لـ”العرب” إن “الجنيه سينخفض بقوة، وهذا أمر طبيعي من الناحية الاقتصادية، لكنه سيكون مؤقتا”.

وأكد أن الوضع سوف يطول إلى حد ما لأن الدولة ترى أنها سلكت طريقا للإصلاح الاقتصادي وترغب في الوصول إلى نهايته.

وإذا استمرت السلطات في انتهاج نفس السياسات السابقة واستسهال الاقتراض من آن إلى آخر سينحدر الجنيه المصري إلى سيناريوهات سيئة، وربما يواجه نفس الانهيار الذي واجهته الليرة اللبنانية.

وباتت القاهرة على موعد مع بيع العديد من الشركات التابعة للجيش وزيادة وتيرة الخصخصة لمؤسسات حكومية، وهي بدائل قد تسهم في الوصول إلى مرحلة التعافي.

وأكد المحلل الاقتصادي محمد سعيد أن مصير الجنيه بات محفوفا بالمخاطر، ويمكن تدارك ذلك بالاعتماد على الترويج للشركات العامة وجذب مستثمرين إستراتيجيين في الفترة المقبلة، وهي خطوة يسعى إليها الصندوق السيادي بقوة.

وذكر لـ”العرب” أن الملاذ الثاني أمام مصر لإنقاذ الجنيه هو الطروحات الحكومية والاعتماد على الأجانب لشراء أسهم في المؤسسات، لكن حال البورصة غير مشجع في الوقت الحالي، لأن معظم الأسهم أصبحت أقل من قيمتها بنحو 50 في المئة.

ولم تُثبت القاهرة في السنوات التسع الماضية قدرتها على تقديم حلول جذرية لأزمة شح الدولار، وأخفقت في زيادة الإيرادات بصورة مرضية، واعتمدت بصورة أساسية على فرض المزيد من الضرائب.

ووضع هذا الأمر الحكومة والنظام برمته في مأزق كيفية حماية العملة المحلية ومنعها من الانهيار، خاصة أن السيولة الدولارية المتدفقة لا تزال أقل بكثير من نظيرتها في أوقات سابقة.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.