تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حرب الغرافيت: هيمنة صينية على محرك من محركات الطاقة النظيفة

مصدر الصورة
العرب

فرضت الصين قيودا جديدة على صادرات الغرافيت، وهو مادة خام رئيسية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وذلك في أحدث خطوة تتخذها بكين للحد من شحنات المعادن التي تعد ضرورية لتحول الطاقة. ويرى محللون أن الإجراء الصيني يأتي ردا على العقوبات التي فرضتها واشنطن على بكين في قطاع التكنولوجيا.

بكين - أصبحت المادة التي تشكل قلم الرصاص وأحد مكونات بطاريات السيارات الكهربائية الأساسية فجأة أقل توفرًا. وأصبح تصدير الغرافيت خاضعا في الصين، أكبر منتج لهذه المادة في العالم، الآن لتصاريح الشحن إلى الخارج.

وتلعب البلاد دورًا خاصًا في هذا القطاع من خلال تكريرها 90 في المئة من الغرافيت المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية.

وبموجب اللوائح الجديدة، ستطلب بكين تراخيص تصدير خاصة لثلاثة أنواع شديدة الحساسية من المعدن، طبقاً لما أعلنته وزارة التجارة والجمارك الصينية.

وأوضحت الوزارة أن الإجراء تم اتخاذه لأسباب متعلقة بالأمن القومي، وأن ضوابط التصدير بشأن الغرافيت، هي “ممارسة دولية شائعة”.

وبالنسبة لخمسة أنواع أقل حساسية من الغرافيت، والمستخدمة على سبيل المثال في صناعة الصلب، أسقطت الصين ضوابط التصدير.

ويرى مراقبون داخل وخارج الصين خطوة بكين إجراءً مضاداً للعقوبات الأميركية في قطاع التكنولوجيا. وشددت واشنطن مؤخراً القيود على صادرات الرقائق الدقيقة للذكاء الاصطناعي، وهو قطاع مهم استراتيجياً تريد الصين اللحاق به.

90 في المئة من الغرافيت المستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية تكرره الصين

ويتمتع الغرافيت بموصلية تجعله مفيدًا جدًا لبطاريات السيارات الكهربائية. ويحمل القرار الصيني أهمية خاصة لأن توزيع الغرافيت غير متوازن عبر العالم. لكن إنتاجها يتركز بشكل كبير في الداخل، وتسجّل خمسة أضعاف ما تنتجه مدغشقر التي تحتل المركز الثاني، و56 مرة أكثر من كندا أو روسيا اللتين تتعادلان في المركز السادس.

وليس للولايات المتحدة، التي تعتبر مركزا لتصنيع السيارات الكهربائية، مصدر محلي للغرافيت. ويتعين عليها الاعتماد على الواردات.

ويقول المحلل كورت كوب على موقع أويل برايس الأميركي إن الرغبة في منع المواد الحيوية من مغادرة مناطقها الأصلية ستنمو مع تزايد قلق البلدان بشأن امتلاك ما يكفي من الموارد التي تحتاجها لتحقيق أهدافها الخاصة لاقتصادها وبيئتها.

وفي وقت سابق من هذا العام، خفضت الصين صادراتها من الغاليوم والجرمانيوم الأساسيين لصنع الرقائق الدقيقة المتقدمة بعد أن حظرت الولايات المتحدة بيع هذه الرقائق إلى الصين.

وتستورد الولايات المتحدة كل احتياجاتها من الغاليوم وأكثر من 50 في المئة من الجرمانيوم. وتأتي جل وارداتها من الصين، مما يخلق نسيجا متشابكا من الموارد والخدمات اللوجستية.

ولا تبرز نهاية واضحة لهذه المنافسة على الموارد الحيوية التي تشتد الحاجة إليها بشكل متزايد.

ومن الواضح أن نجاح اقتصاد الطاقة الجديد يعتمد على توفر هذه الموارد دون انقطاع وبأسعار معقولة.

تطبيق الغرافيت الاصطناعي يتنامى بوتيرة سريعة، إذ من الممكن أن يمثّل قرابة ثُلثي سوق بطاريات السيارات الكهربائية بحلول أواسط العقد الحالي (2025)

ويختتم كوب بالقول إن الإجراء الصيني الأخير ليس سوى بداية لاتجاه لا يدرك الكثيرون نتائجه على المدى البعيد.

وفطنت الولايات المتحدة وأوروبا إلى ضرورة تكثيف الاستثمارات في إنتاج الغرافيت الاصطناعي، المكون الرئيس في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، في مسعى منهما إلى إنهاء احتكار الصين لتلك السوق الحيوية العالمية.

وخلال الأعوام الأخيرة، تصاعدت المخاوف بشأن إمدادات الكوبالت من الكونغو، إلى جانب التذبذبات التي تشهدها سوق النيكل في بورصة لندن للمعادن بين الحين والآخر، وأسعار الليثيوم التي حلّقت عاليًا بمقدار 8 أضعاف في الشهور الماضية.

وبديهيًا، دفعت تلك المخاوف شركات صناعة بطاريات السيارات الكهربائية إلى البحث عن إمدادات بديلة لتلك المعادن الإستراتيجية، لتتحول أنظارها إلى الغرافيت والغرافيت الاصطناعي، رغبة منها بتحقيق الاستقرار في سلاسل الإمدادات الخاصة بتلك الصناعة صديقة البيئة.

وتستهدف الاستثمارات الجديدة في الولايات المتحدة وأوروبا إضعاف قبضة الصين المُحكَمة على معدن الغرافيت الذي يبرُز مكونًا رئيسًا في معظم بطاريات السيارات الكهربائية، لكن خبراء الصناعة يحذرون من بوادر معركة صعبة في هذا الخصوص.

ويتحول التركيز إلى جبهة جديدة بطلُها عنصر الغرافيت الاصطناعي الذي طُوِّر في أواخر القرن الـ19، لكن أُعيد توجيهه فقط إلى صناعة بطاريات السيارات الكهربائية خلال العقد الماضي.

ويتنامى تطبيق الغرافيت الاصطناعي بوتيرة سريعة، إذ من الممكن أن يمثّل قرابة ثُلثي سوق بطاريات السيارات الكهربائية بحلول أواسط العقد الحالي (2025).

Thumbnail

ورغم التوقعات بنمو سوق الغرافيت الاصطناعي بأكثر من 40 في المئة على مدار الأعوام الـ5 المقبلة إلى ما إجمالي قيمته 4.2 مليار دولار أميركي في عام 2028، فإن الشركات الراغبة في اقتحام تلك السوق الحيوية بالغة الحساسية تواجه منافسة شرسة من الصين.

وتستثمر الشركات الأميركية والأوروبية في تطوير الغرافيت الاصطناعي، لكن الصين تهيمن أيضاً على إنتاج الغرافيت الاصطناعي عالمياً، وأظهرت بيانات جمركية أن صادرات الصين من الغرافيت الاصطناعي في الأشهر التسعة الأولى من عام 2023 ارتفعت بنسبة 45 في المئة عن العام السابق.

وقالت المحللة في شركة رو موشن للأبحاث – ومقرّها المملكة المتحدة – فيكتوريا هوغيل إن “إدخال الغرافيت الاصطناعي في سلسلة إمدادات البطاريات خطوة حالفها الصواب، وناجحة تجاريًا في الصين”.

وأضافت أنه “رغم سيطرة المنتجين الصينيين على حصة كبيرة من سوق الغرافيت الاصطناعي الصغيرة سريعة النمو، ينجذب العديد من الوافدين الجدد بفضل عاملين”.

وأوضحت أن العامل الأول يتمثل في أنه من السهل إنشاء مصنع لإنتاج الغرافيت الاصطناعي، مقارنةَ بتشغيل مواقع تعدين جديدة للغرافيت الطبيعي، لأنه بمقدور المنتجين استغلال التحفيزات الممنوحة بموجب قانون خفض التخفيض الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في العام الماضي (2022) لبناء سعة غرافيت اصطناعي في الولايات المتحدة الأميركية، أو الدول الشريكة في اتفاقيات التجارة الحرة.

والميزة الثانية التي تشجع على الاستثمار في سوق الغرافيت الاصطناعي هي انعدام الحاجة إلى إنشاء المصانع الجديدة بالقرب من منجم غرافيت.

ومع ذلك ستواصل الصين الهيمنة على إنتاج الغرافيت الاصطناعي، وفق توقعات مؤسسة الأبحاث “فاست ماركيتس” التي تشير إلى نمو إنتاج الصين من هذا الغرافيت من نحو 1.6 مليون طن متري خلال عام 2023 إلى مليونين بحلول عام 2030.

ويقول الرئيس التنفيذي لشركة نوفونيكس الأسترالية العاملة في تزويد مواد البطاريات كريس برنز “هناك حقيقة مؤداها أن الصين ستكون أكبر لاعب في تلك السوق خلال المدة من 10 إلى 20 سنة المقبلة”.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.