توقّعات برفع حظر ترويج وشرب الكحول في السعودية مع بروز مرافق سياحية جديدة على غرار مدينة نيوم المستقبلية.
قوارير تضبط وأخرى تصل إلى مستهلكيها
الرياض - تعتزم السلطات السعودية السماح ببيع المشروبات الكحولية للدبلوماسيين غير المسلمين في المملكة، وذلك لأول مرّة منذ خمسينات القرن الماضي. وتمثّل الخطوة التي لا تخلو من جرأة جانبا من التغييرات المتسارعة التي تشهدها المملكة منذ أن شرع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان في تنفيذ رؤيته الإصلاحية التي يقوم جانب كبير منها على التخلّص التدريجي من سطوة رجال الدين المتشدّدين وتجاوز رؤاهم الدينية المحافظة التي قام عليها النظام في المملكة منذ نشأتها، وفَتْح المجتمع الذي تمثّل فئة الشباب غالبيته العظمى على تطورات العصر وتأثيراته.
وأفاد مصدران مطّلعان على تفاصيل الإجراء السعودي الجديد بأن المشروبات الكحولية "ستُباع للدبلوماسيين غير المسلمين" الذين اضطروا في السابق إلى استيراد الكحول عبر الحقيبة الدبلوماسية. ويسري حظر بيع واستهلاك المشروبات الكحولية في السعودية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود الذي أصدر قرار الحظر في أوائل خمسينات القرن الماضي.
ولم يقض الحظر، الذي تحول إلى قانون ساري المفعول، بشكل نهائي على تناول الخمور في المملكة لكنّه ضيق مداه إلى حدّ بعيد؛ إذ عسّر عملية توفير المشروبات الكحولية وألجأ المستهلكين إلى طرق غير قانونية للحصول عليها عن طريق التهريب أو القيام بتصنيعها محليا.
◙ الخطوة التي لا تخلو من جرأة تمثل جانبا من التغييرات المتسارعة التي تشهدها المملكة منذ أن شرع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان في تنفيذ رؤيته الإصلاحية
وكثيرا ما تسبب تناول أنواع رديئة من الخمور المصنّعة خلسة داخل المملكة إلى حالات تسمّم أدت أحيانا إلى الوفاة. وتقدّم البعثات الأجنبية المشروبات في الحي الدبلوماسي بالرياض، بينما تباع زجاجات بعض الخمور الفاخرة في السوق السوداء ببضع مئات من الدولارات خلال الاحتفالات والمناسبات مثل احتفال بعض الأوساط بليلة رأس السنة الميلادية.
ومن ضمن الخيارات المتوفّرة للراغبين في شرب الخمور في السعودية السفر خارج المملكة بما في ذلك نحو مملكة البحرين المجاورة حيث يمكن الحصول على المشروبات الكحولية علنا وبطريقة مشروعة. وبموجب القانون السعودي يمكن أن تشمل عقوبات استهلاك أو حيازة الكحول فرض غرامات والسجن والجلد العلني والترحيل للأجانب.
ويقول البعض إنّ صرامة حظر الخمور في السعودية لم يخل من تأثير جانبي سلبي متمثّل في استعاضة أعداد كبيرة من السكان، وخصوصا الشباب، عن المشروبات المسكرة بالمواد المخدّرة الأسهل في التهريب والترويج رغم التشدّد الكبير إزاء المروّجين والمتعاطين ووصول عقوبة الترويج إلى حدّ الإعدام.
وأثارت الوتيرة السريعة للإصلاحات الاجتماعية الأخيرة في السعودية، بما في ذلك إعادة فتح دور السينما والسماح بتنظيم مهرجانات موسيقية مختلطة بين الجنسين، تكهنات واسعة النطاق بأن حظر الكحول قد يُرفع، أو على الأقل قد يتم التساهل بشأنه مع بروز مرافق سياحية جديدة على غرار مدينة نيوم المستقبلية المقرر إنجازها بكلفة تصل إلى 500 مليار دولار. وأدى النجاح في نيل استضافة معرض إكسبو 2030 وبطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2034 إلى تغذية تلك الشائعات رغم تأكيد المسؤولين علنا أن أي تغيير في تلك السياسة أمر غير مقبول.
لكن بيانا رسميا سعوديا صدر الأربعاء أفاد بأن السلطات تقدم “إطارا تنظيميا جديدا لمواجهة التجارة غير المشروعة في السلع والمنتجات الكحولية التي تتلقاها البعثات الدبلوماسية". وأضاف "ستركز العملية الجديدة على تخصيص كميات محددة من السلع الكحولية عند دخولها إلى المملكة، لوضع حد للعملية السابقة غير المنظمة التي تسببت في تبادل غير منضبط لبضائع مماثلة في المملكة".
وفي ما وصفه سعوديون توجّها يتماهى مع حملة أوسع نطاقا يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحويل بلاده، المعتمدة في مصادر دخلها على النفط، إلى مركز تجاري وسياحي وترفيهي جاذب للأجانب، غزت الموكتيلات مؤخرا السوق التجارية في الرياض. والموكتيلات مؤلّفة من خليط من المشروبات بعضها مشابه بالاسم والشكل لمشروبات كحولية لكنه في الواقع خال من الكحول.
وأصبح النهج الجديد في السعودية والقائم على التخلّص من سطوة رجال الدين على المجتمع مرئيا في الحياة العامّة بالمملكة في سلوكات الشباب وطريقة لبسهم واحتفالاتهم، وخصوصا في حضور النساء في الفضاء العام بما في ذلك داخل ملاعب كرة القدم وفي الشوارع خلف مقود السيارات، وهو مشهد لم يكن مألوفا في السابق وقبل أن يتمّ رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة.
وكان من الإجراءات المفصلية في تخفيف الضغوط عن المجتمع السعودي واختصار قائمة المحظورات بشكل كبير القرار الذي اتّخذ قبل نحو ثماني سنوات بإلغاء صلاحيات الشرطة الدينية المعروفة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي كانت مكلّفة بمراقبة مدى التزام السكان بمقتضيات الشريعة في الفضاء العمومي.
وكانت الهيئة بسلطاتها الواسعة وبتزمّت أعضائها عبئا على الدولة والمجتمع معا، حيث كانت تمثّل رقيبا على سلوكات الناس وفقا لمنظور تقديري غير مضبوط بشكل دقيق الأمر الذي كان يتسبب في حصول اعتداءات على أبسط الحريات الشخصية والسلوكات البسيطة من قبيل ارتداء لباس معيّن أو عمل حلاقة رأس قد يعتبرها أحد الأعضاء مظهرا للانحلال الأخلاقي وعدم الالتزام الديني.
