تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مناورات خطِرة حول أوكرانيا

مصدر الصورة
عن الانترنيت

تتعالى النبرة العدائية الغربية ضد روسيا، وتوشك أن تغامر بتجاوز خط أحمر لا يغتفر، بعد سماح دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» لأوكرانيا باستخدام أسلحة طويلة المدى؛ لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية. ورغم ما تبديه الإدارة الأمريكية من تحفظ مبهم حيال هذه الخطوة، فإن قياس ردود الفعل المفترضة من جانب موسكو يمكن أن يخرج هذه الحرب من نطاقها الضيق الذي صمد أكثر من عامين.

لم يقترب الصراع الدائر في أوكرانيا من نقطة اللاعودة مثلما هو عليه الآن، فقد باتت القوى الغربية تشعر بدنو حسم الصراع لصالح موسكو في ظل ما حققته قواتها من مكاسب ميدانية منذ بداية العام الجاري. ومثلما يصعب على الروس التخلي عما حققوه، لا يريد الغربيون أن تتقهقر أوكرانيا وتذهب عقوباتهم على موسكو ومساعداتهم العسكرية والمالية لكييف هباء وتلحق بهم هزيمة استراتيجية لن يستطيعوا تحمل تبعاتها في المقبل من السنوات. وأمام هذا المأزق الكبير، وفي مناورات خطِرة وغياب التواصل الإيجابي، فإن التصعيد سيظل الخيار السائد، وقد يصل إلى ما دون الصدام الشامل، وهو ما لا يتمناه عاقل في ظل الظروف الدولية الراهنة.

التوتر بين الجانبين الغربي والروسي، تزامن مع مرور 80 عاماً على الإنزال الذي قامت به قوات الحلفاء في نورماندي عام 1944 خلال الحرب العالمية الثانية، وهي ذكرى لها رمزيتها في تلك الحرب الكبرى، ولها مرارتها لدى الروس الذين قادوا الجبهة الحاسمة، في العهد السوفييتي، للقضاء على النازية الألمانية، لكنهم اليوم يصطدمون بجحود واضح، خصوصاً بعد حرب أوكرانيا. ومنذ حرب أوكرانيا، لم تعد روسيا تدعى إلى الاحتفالات التي تقام على الشاطئ الفرنسي قبالة السواحل البريطانية. وخلال احتفال هذا العام تناسى الحاضرون آلام النازية، واستحضروا روسيا وصوّروها على أنها التهديد الأكبر لأوروبا والديمقراطية، بل إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جمح به الخيال إلى تصور إنزال غربي في بلاده يحاكي عملية النورماندي لهزيمة القوات الروسية. ومع القناعة بأن هذه الفرضية غير واقعية، إلا أنها تعبّر عن خطاب حربي ملغوم ينذر بعواقب كارثية إذا لم يتم ضبطه بأسرع وقت ومنعه من الانزلاق إلى محظور لا يحتمل التأويل.

الرد الروسي على التحريض الغربي المتنامي ومنح أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام أسلحة طويلة المدى، لوّح به الرئيس فلاديمير بوتين بإعلانه أن بلاده تحتفظ بحق الرد بإمداد «دول ثالثة» مناوئة للغرب بأسلحة قادرة على استهداف المصالح الغربية، أو الجغرافيا الغربية نفسها، وهو ما يهدد بتكرار أكثر من نموذج لأزمة «الصواريخ الكوبية» في بداية ستينيات القرن الماضي، تلك المحنة التي كادت أن تفجّر حرباً نووية بين العملاقين آنذاك، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

واليوم في ظل ما يشهده العالم من تحولات جيوسياسية، ووجود خصوم كثيرين للغرب، وانتشار بؤر الصراعات في أكثر من إقليم، فإن الأفق مفتوح على حروب بالوكالة واسعة النطاق، وأزمات معقدة وتدخلات من هذا الجانب أو ذاك، وهو مصير مرعب لن يخدم الأمن والاستقرار الدوليين، ويدفع إلى مزيد من الاستقطاب والتناحر، وربما يجعل من مجريات الحرب الدائرة في أوكرانيا مجرد مناورة مقارنة بمجهول يمكن أن يكون.

مصدر الخبر
افتتاحية الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.