تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لأرمي لك حالي من العالي

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

د. فؤاد شربجي دعاني مخرج تلفزيوني للاحتفال برأس السنة ولو قبل يومين من موعدها تفادياً لأسعار المطاعم التي عملت وزارتا المالية والسياحة جاهدة لتوفير كل عوامل رفع أسعارها بشكل لا يقدر عليه إلا (الشرفاء) الذين يكسبون ويبلعون من هنا وهناك!!! 

واكتشفت أن صديقي أراد من جلستنا أن تكون نوعاً من الحنين، لذلك فقد اختار مطعماً مرتفعاً في (الربوة) وطلب مني أن أتخيل وأتذكر جلساتنا في مطاعم بلودان وفي جو الحنين روى لي صديقي، أنه في إحدى حفلات رأس السنة التي كان يشرف عليها في التلفزيون أهدى حبيبته أغنية مميزة لبدء الدقائق الأولى من السنة وهذه الأغنية من أغاني نصري شمس الدين وتقول كلماتها:

(لأرمي لك حالي من العالي.... وقولك هديني وإن كني ع قلبك غالي... بقلبك خبيني)

ومع استغراقه في كلمات الأغنية أخذه التأثر والحنين، وراح يستحضر محبوبته: (مكثفة الجمال الشامي، حتى يظن المرء أن الشوام أخذوا منها صفات (حلوة، مجذبة، مكتملة) ومكثفة الحنان حتى يظن المرء أنها جزء من الجنة ومكثفة الذكاء حتى يظن المرء أنها مسكونة بالعفاريت ومكثفة الوداد حتى يظن المرء أنها ممتلئة بالملائكة، ومكثفة القوة، حتى يظن المرء أنها مدعومة بجيوش الأرض والسماء..)

واستمر صاحبي يروي صفات محبوبته على أنها (مكثفة) في كل شيء وهو معنى لفتني جداً وتساءلت كيف يمكن لحب أن يجعل المرء يحس بمحبوبته أنها تكثيف للوطن (الشام)، وتكثيف للجمال والذكاء والوداد والحنان و..و..و..الخ وعندما حاولت أن أفهم سر هذا التكثيف الذي يحسه صاحبي بمحبوبته أجابني (هي كذلك إنها ذهب ومرمر، روح وحنان، ذكاء وقوة، وهي إشعاع وحضور، صفاء ونقاء، جمال وبهاء...)

ولما طلبت منه أن يختصرها بعبارة واحدة قال: (إنها رضا الله والوالدين علي).. وأردف: (هل هناك أثمن وأغلى وأقوى وأصدق وأحسن وأكرم من رضا الله والوالدين؟؟)

تساءلت عن سر هذا الحنين للمحبوبة ولكن صاحبي عندما سمع سؤالي، دقق في وجهي يعتب عليّ عدم الفهم وراح يشرح: (كانت تسكن في وقتي، وتملأ كل لحظة من زمني كانت تملؤني بدفئها وحنانها، وتفتنني بذكائها وتقويني بقوتها وكنت أعيش معها وبها حلاوة الحياة وقوة الأمل وكانت إن كلمتني شحنتني وإن لمستني أشعلتني وإن أحاطتني حمتني وقوتني... ولكني لم أقدر جيداً هذه النعمة ولم أفهم جوهر هذا الرضا الذي جعل ويجعل حياتي فعلاً متحققاً، وأملاً منشوداً وقوة مستمرة وروحاً حية باقية... لم أقدر ولم أفهم ولم أستوعب ولأنني لم أقدر معناها عوقبت بحرمانها).

واستغرق بالبوح: (إنها مثل الشام، سورية، جميلة، قوية، ذكية، حنون، ودود، مزهرة، مثمرة، ولأننا لم نقدر معناها عوقبنا بحرمانها... ولكننا وبلهجة قوية أكد صاحبي، أننا سنستعيدها بكل ما فيها لنغني لها:

(لأرمي لك حالي من العالي... وقولك هديني إن كني ع قلبك غالي... بقلبك خبيني)

ولأنها مثل الشام ولأن الشام مثلها فإنه حب باق، وحياة مستعادة ولأنها مثل الشام ولأن الشام مثلها فإنني أخبئها في قلبي، وأرفعها للعالي وأتفانى لتعود وتنبض بين جوارحي وطناً، وغداً وحضارة.....

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.