تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ضحايا «كورونا» بين أمريكا والصّين

مصدر الصورة
عن الانترنيت

جيف جيه. براون*

في مواجهة فيروس كورونا الجديد الذي ظهر في الصين، حشد هذا البلد طاقاته الضخمة، مضحّياً بمصالح اقتصادية هائلة، ومعتبراً إيّاها أقلَّ أهمية من الحفاظ على حياة البشر وصحّتهم.

في ال 24 من كانون الثاني، كان المجموع الكلي للأشخاص الذين ماتوا في الصين بسبب سلالة جديدة من مرض الإنفلونزا تُسمّى «ووهان»(كورونا)، على اسم المدينة التي بدأ فيها، هو 25 شخصاً. وقبل بضعة أيام، عندما كان قد توُفّي 17 شخصاً، ذكرت وسائل الإعلام الصينية أن 16 منهم كانوا فوق 65 عاماً من العمر، وأن السابع عشر كان عمره 61. ويتضح من ذلك، أن كبار السّنّ هم الفئة الأكثر تعرضاً للخطر. ولكنْ هذه هي حال فيروسات الإنفلونزا المتحوّرة كل شتاء.

وتتخذ بكين إجراءات غير مسبوقة مناوئة للسوق، ومناوئة للرأسمالية للسيطرة عليه. وفي ذروة أكثر مناسبات السفر ازدحاماً في تاريخ الجنس البشري، وهي رأس السنة الصينية الجديدة، تم فرض الحجْر الصحّي على مدينة ووهان، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، كما أغلِقت على الفور ثلاث مدن أخرى مجاورة، وبذلك يصل عدد سكانها إلى 20 مليون نسمة. وحجم هذه الإجراءات الصحية العامة لا سابق له في تاريخ الجنس البشري. وتعلن البلاد بأجمعها التعبئة لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح، كما أخطرتْ بكين جميع المسؤولين الحكوميين والمواطنين بأن لا يكتموا أي دليل على وجود الإنفلونزا.

ولا يقتصر الأمر على «ووهان». فقد ألغتْ بكين ومدن أخرى معارضها التي تقام في السنة الجديدة، والنشاطات العامة الأخرى. وسوف يكلّف الردّ السريع الوطني المتكامل في الصين، الاقتصاد الصيني مليارات اليوانات / أو الدولارات.

حاولْ إغلاق باريس، أو لندن أو نيويورك، وكلها أصغر من هذه المدينة الصينية متوسطة الحجم. لن يحدث ذلك أبداً، لأن كثيراً جدّاً من صُناع المال لن يكونوا قادرين على تحقيق الربح. البلدان الغربية، تكتفي بأن تدع الناس فيها يموتون. ذلك يُسمى «أسواقاً حرّة» و«تكلفة ممارسة الأعمال التجارية» بدم بارد.

وتُبدي الشركات الخاصة أيضاً، تضامنها في الوفاء بشعار خدمة الشعب. أعلنت مَنصّة «تاوباو»، لتجارة التجزئة عبْر الإنترنت، التابعة لشركة «علي بابا»، أنها لن تسمح للبائعين بابتزاز الزبائن في شراء أقنعة الوجه، وهي تقدّم مساعدات مالية أيضاً، بحيث يمكن حماية كل شخص. ولو حدث ذلك في الغرب، فسوف ترتفع الأسعار أضعافاً مضاعفة، لاستغلال الناس، وجعل الأقنعة غير متاحة للفقراء والأشخاص الأكثر احتياجاً، مثل كبار السن ذوي الدخل المحدود.

في الوقت نفسه، مات في الولايات المتحدة خلال الشهرين الماضيين، 6600 أمريكي بسبب الإنفلونزا. نعم، لا تكذّب عينيك، الرقم الذي رأيتَه صحيح: ستة آلاف وستمئة إنسان في نحو 60 يوماً. ليست هذه نظرية مؤامرة مسعورة، بل ذكرته تقارير المركز الأمريكي للسيطرة على المرض.

ويوجد في الصين، التي تضمّ 20% من سكان العالم، رعاية صحية شاملة على الصعيد الوطني. وطول العمر مستمرٌّ في التزايُد. أمّا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإنّ معدّل العمر المتوقع يتناقص. عندما كانت أسْرتي تعيش في الولايات المتحدة، 2001- 2010، لم نكن نقدر على تغطية نفقات التأمين الصحي. وكانت سياستنا هي: لا تمرَضْ، وإذا مرضت، فلا تذهبْ إلى الطبيب. وبغير ذلك، سنغادر العيادة الصحية مع عبءِ مئاتٍ أو ألوف من دولارات الأسعار المبالغ فيها، وإذا لم نستطع دفع التكاليف، يبتزّوننا بالحجز على منزلنا، أو استصدار أمْر من المحكمة بمصادرة أجورنا. إنها جريمة منظمة قانونية، تُدعى بتعبير ملطَّف، «العمل كالمعتاد».

وعلى أي حال، لدينا أيضاً فرصة كبيرة لأن نموت عَرَضاً، حيث يموت 250 ألف مواطن أمريكي كل عام لا بسبب نقص الرعاية الصحية، بل بسبب التدخل الطبّي المشوب بالإهمال والفساد. فالموت بسبب الأطباء في أمريكا، هو ثالث الأسباب الرئيسية للوفاة. والابتزاز الطبي هناك قاسٍ، وفاسد وإجرامي حتى النخاع. ومع ذلك، تفوق أرباح المستشفيات، والعاملين في الطبابة، وشركات التأمين وشركات الصيدلة، الربح العاديّ بكثير، وهي المعيار الرئيسي للنجاح في هذا الجزء من العالم.

يتبيّن من كل ما ورد أعلاه، أن ما يُقال في الإعلام الغربي عن الصين، لا يعدو أن يكون دعاية مبالغاً فيها تهدف إلى صرف الأنظار عن سوء الأوضاع في الدول الغربية.

* مؤلف العديد من الكتب موقع: «ديسيدنْت فويْس»

مصدر الخبر
الخليج الإماراتية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.